حاوره: صبري الموجي
من رَحمِ الصعيد الجواني، خرج للنور، وهناك عاش بعيدا عن الشهرة والأضواء، يري الدنيا من خلال حكايات جدته، التي أججت لديه جذوة الإبداع، وحرَّكت في نفسه الخيال ورَسْمَ الصور.
بدأت موهبتُه مُبكرا، وتأخر إبداعُه في الخروج إلي النور.
أعلنت مجموعتُه القصصية ” القفز فوق السحاب” عن مولد قاص، يملك أدواته، ويسير نحو هدفه بخطوات ثابتة.
أسهم عملُه كمضيف جوي في إثرائه الثقافي، وتنوعِ نتاجه بين قصة ورواية ومقال.
كتب الرواية التاريخية بمهارة، فلم يطغَ لديه صدقُ الحدث علي الصنعة والخيال.
كانت ” القفز بين السحاب” أولي أعماله القصصية، ورواية ” أفندينا” آخرها، وبينهما إصداراتٌ عديدة جادة ومُتميزة.. مع الروائي محسن الغمري، يدور هذا الحوار..
كتابتُك للقصة كانت عفوَ الخاطر، ورغما عن هذا خرج للنور عملٌ قصصي متميز (القفز فوق السحاب).. فهل كانت هذه الكتابة المُحكمة وليدةَ موهبة أم سبقها صقلٌ واستعداد.. وبمن تأثرت؟
ربما كانت البداية بالفعل عفوية الخاطر، محضَ ارتجال دونما أيِّ استعداد أو درس تحضيري لها، كنتُ مدفوعا فقط برغبة فطرية داخلي لا أدري لها علة أو سببًا على وجه التحديد، لكنْ ربما كانت إحدى مكوناتها الرئيسية هي حكاياتُ الجدة، التي كنتُ شغوفا بها إلى حدِّ الجلوس إلي جوارها بكل هدوء في انتظار فراغها من صلاة العشاء؛ لألبي لها ما تطلب، ليكون جزائي منها حكاية من حكايتها الرائعة التي لا تنضب!
ودفعني ذلك يوما في سنٍ مبكرة – المرحلة الابتدائية – ودونما إدراك ووعي صحيح بفنِّ الكتابة، لأخطَّ أولي محاولاتي لكتابة قصة، كان كلُّ زادي وقتئذ ما أُحصله من كُتب المطالعة المدرسية، والقصص المصورة في مجلات الأطفال المعروفة وقتها، إلى جانب عامل هام آخر، وهو الإذاعة بكل منتجها الدرامي المسموع، التي أزكت في عقلي حب الخيال، وألهبت جذوته، فتعلقتْ روحي بهذا الجمال المفعم بالحياة.
وفي المرحلة الإعدادية وبدافعٍ شخصي بحت، بحثتُ عن تلك الغرفة النائية الهادئة تماما، والمُكتظة بأرفف تحمل كتبا مختلفة! عرفتُ طريقي إلى مكتبة المدرسة، التي كانت عتبة دخولي لعالم القراءة، أقرأ وأكتب لأشبع ما فيَّ من شغف، أدركت وجوده داخلي على خلاف كلِّ الصبية من حولي، ثم جاءت مرحلة الدراسة الثانوية، وفيها كتبتُ القصة بشكلها التقليدي المعروف، لكن دون دراسة لفنيات كتابتها، ومرت السنون، وأنا أكتب لإشباع ذاتي فقط.
أما عن أمر تأثري بقلم بعينه، أو أسلوبٍ لكاتب بذاته، فلا أظنُ ذلك!
لكن لا أخفيكم أني أحببتُ ضمن ما أحببتُ في أول الأمر قصصَ يوسف السباعي لبساطة وسلاسة الأسلوب، أيضا أحببت إحسان عبد القدوس لرومانسيته المحببة للنفس في سنواتنا المبكرة.
تفتقت موهبتك الإبداعية مبكرا وتأخر نشرها للجمهور.. سبب التأخر ودوافعك للنشر؟
نشأتُ بأسوان النائية البعيدة آنذاك عن الحراك الثقافي التنويري، المتمركز في العاصمة، وقليل من بعض المدن الكبيرة، وظني أن ذلك كان سببا رئيسا في عدم اقترابي من فكرة جمع ما أكتب ليخرج في شكل كتاب.
سنوات طويلة وأنا مكتفٍ بالكتابة لذاتي، ثم كانت مصادفة اجتماعي بمحبين للكتابة، فالتقيتُ بأحد أساتذة الأدب الأكاديمي، وعرضتُ عليه بعض كتاباتي للاستئناس برأيه فيها، فوجدتُ منه كلَّ الثناء والتشجيع لفكرة النشر، وكان ذلك مع بداية الألفية الثانية، تحديدا عام 2005 م، حيث صدرتْ لي أول مجموعة قصصية آنذاك.
“القفز فوق السحاب” مجموعةٌ قصصية تُبرز التحولات الدرامية في حياتك الإبداعية بين عالمين: فوق السحاب وعلي الأرض.. ماذا تمثل هذه المجموعة بالنسبة للغمري؟
“القفز فوق السحاب” كانت مجموعتي القصصية الأولى، أو كما يقولون “وَليدي الأول” الذي حمل غلافه اسم محسن الغمري، ونشرَه في المكتبات، وعلى صفحات مجلات وجرائد كثيرة، وفي الإذاعة المسموعة والمرئية، كما احتُفيَ به، وكاتبه بندوة مطولة في ساقية الصاوي، ونوقش بمعرفة أسماء لها وزنُها بعالم الأدب. كانت تلك المجموعة نقطة تحول درامي أساسية في حياتي الأدبية، إذ اكتشفتُ بعد حين أنها باتت محلَّ دراسة واهتمام من بعض المتخصصين، وجاء ذكرُ مجموعتي القصصية الأولى في عام صدورها ذاته، في كتاب باسم ” أدب التحولات.. دراسة في العلاقة الجدلية بين الجمال والأيديولوجيا “، وفي الفصل الخامس منه تحت عنوان: “محسن الغمري وتحولاته الدرامية.. دراسة في مجموعة القفز فوق السحاب”، جاءت الفقرة التالية: ” وضع محسن الغمري لمجموعته تعبيرا دالا على وعيه بالتحولات، وهو القفز فوق السحاب، وهو عنوانٌ يطرح مفهوم الجدلية الثنائية للحركة الدرامية التي يعيشها الإنسان في عالمه الداخلي وعالمه الخارجي أيضا “.
وهل تنضوي تحت عباءة أدب التجارب الذاتية؟
جاءت قصصُ هذه المجموعة مُعبرة عن أحداث وأشخاص مررتُ بها وبهم خلال رحلاتي المتباينة المُتعددة بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب، وفي أثناء عملي على متن – الطائرة – دابتي الحديدية التي جوبت بها عوالم شتى.
في لقاء لك قُلتَ إن مجموعة “فاطمة وبلانش” تُمثل لك نوعا من التحدي.. نود التعرف عليه؟
في عام 2008م صدرتْ مجموعتي القصصية الثانية، ولما كانت قصة (فاطمة وبلانش) هي القصةُ الرئيسة، التي تتحدث عن قضية إذكاء نار الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، حيث تعمل أياد خفية من الداخل والخارج على إشعالها وتأجيجها، فوجدت في هذا تحديا شخصيًا وواجبا وطنيا، لأدقَ ناقوس الإنذار عن حساسية وخطورة الأمر، مُستعملا قوة القلم الناعمة في وصف أهمية انتباه أبناء الوطن الواحد لما يحاك بهم، لدفعهم إلي طريق الندامة، الذي يفضي إلى حرق الوطن على يد أبنائه!
فكان أن صَدرتُ بها المجموعة وعنونتُها باسمها؛ ليكون اسمُها اللافت أول ما تقع عليه عينُ القارئ، وقد حملت معظمُ قصصها إسقاطات سياسية، ونقدا اجتماعيا لإشكاليات فجة في حياة مُجتمعنا المصري، والجدير بالذكر أن هذه المجموعة القصصية نالتْ جائزة اتحاد كتاب مصر للقصة القصيرة في عام 2012م.
أشارتْ المجموعة سالفة الذكر إلي المواطنة والتعايش بين الأديان فإلي أي مدي تتجسد هذه الروح الآن مقارنة بعقود سالفة؟
“الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها”، فيجب دائما اليقظةُ والتحسب دائما لإمكانية تطاير شرر من حيث لا نحتسب، ومعظمُ النار من مستصغر الشرر، فيجب ألا نغتر بهدوء وتصالح قد يكون سطحيا!
فالوطنُ مستهدف ومشاكله حرجة، ويجب ألا نغفل عن ضِعاف النفوس والخونة والجهلة الذين قد يتسببون في مشاكل لا قِبل لنا بها، والأمر لا يتوقف فقط عن فتنة دينية، بل إن الفتنة واردٌ أن تأتينا من شمال ضد جنوب أو العكس، وربما من شرق أو غرب وما نراه في دول الجوار، يدعونا إلى الانتباه واليقظة دائما، ومما لا شك فيه أن الوقاية خيرٌ من العلاج.
” ربما ذات يوم ” عنوانٌ مُفعم بالآمال والطموحات.. حدثنا عن طموحاتك في هذا العمل ومدي تحقيق أحلامك فيه علي أرض الواقع؟
صدرت روايتي ” ربما ذات يوم ” في أوائل عام 2011م، وكنتُ قد دفعت بها للناشر قبيل ثورة الشعب ضد النظام الحاكم آنذاك عام 2010م.. جملة من كلمتين كانت هي ختام الرواية ” فليسقط النظام ” شكلتْ – كما قال أحد النقاد – مع عنوان الرواية عبارة ” ربما ذات يوم يسقط النظام ” وفي ذلك كما ارتأى تحريضا على الثورة، وقد كان الإهداء: إلى كلِّ إنسان على أرض برِّ المحروسة صمتَ دهرا ونطق نصرا، وإلى روح شهداء الثورة وشبابها، أهديكم روايتي ” ربما ذات يوم “، وقد جاء اليوم. وكان المقصود أن الحلم تحقق بثورة الشعب ضد الفساد والاستغلال، على أمل أن يأتيه يومٌ أفضل تتحقق فيه مطالبُه (عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية”.
“أفندينا” رواية تاريخية سبقك في كتابتها طابورٌ طويل من المبدعين.. فما الذي أضافه الغمري لهذا الفن وأغفله السابقون؟
كان هدفي من كتابة “أفندينا” التي تدور وقائع أحداثها في الفترة من عام 1805 إلى 1855م، وتتحدث عن شخصيات: (الجدِّ محمد علي، والحفيد عباس حلمي الأول) حقيقية عاشت بالفعل على أرض مصر، وتولت حكمها في ذلك الزمن الماضي، هو إماطة اللثام عنهم، مع محاولة الغوص في نفوسهم، والحكم عليهم من خلال واقع أعمالهم، والظروف والمقتضيات الحاكمة لحقبة زمنية عاشوا فيها، فمن المؤكد أن كثيرين من أبناء الجيل المُعاصر يجهلون بشكل كبير، أو لديهم معلوماتٌ مغلوطة أو مشوهة عن هؤلاء، وليس من الإنصاف في شيء أن نتركهم على ما هم عليه، فكان ما كتبتُه في “أفندينا” بين المتخيل والمرجعي، أمَّا ما أظن أني أضفتُه براويتي، أن أفندينا ستكونُ مرجعا لمن يرغب في معرفة شخصيات وفهم مجريات أمور عاشت في تلك الفترة، لهذا فإني لم أجنح بالكلية للخيال المُطلق مُختلقا شخصيات وأحداثا في تلك الفترة، لكني التزمتُ بالكثير من الوقائع والأحداث المُوثقة عنهم وعن أعمالهم، حتى يمكن القول إن “أفندينا” قد أظهرت وأوضحت أمورا كثيرة عن شخصيات وأحداث تلك الحقبة، ولا يعني ذلك أني كتبت تاريخا خالصا، فالرواية بها شخصياتٌ وأحداثٌ مُتخيلة، لكن بما يخدم الغرض الرئيس منها.
تعد واحدا ممن أجادوا كتابة الرواية التاريخية، التي يقف فيها صدقُ الحدث، ورقابة التاريخ حجر عثرة في طريق الإبداع.. فبنظرك مقومات الرواية التاريخية الجيدة؟
القول أني أجدتُ كتابة الرواية التاريخية، هو أمرٌ متروك للناقد والقارئ، أمَّا الحديثُ عن مقومات الرواية التاريخية، فلا فرق بينها وبين أيِّ رواية أخرى، إلا أن الرواية التاريخية إن اعتمدت على شخصيات وأحداث بعينها مُوثقة سلفا، فقد تحتاج من الكاتب إلي تحري الدقة؛ لأنه يتعرض لمواد ذات مرجعية تاريخية، لكنْ إن اختار الكاتبُ استخدام التاريخ خلفية لسرده الروائي فقط، فهو في حِلٍّ من أي شيء قيل من قبل، وعليه اتباعُ ما تُمليه عليه قريحتُه!
عانى عباس حلمي بطل ” أفندينا” كثيرا من التجني سواء بقلة المكتوب أو تزييفه.. كيف تغلبتَ علي هذه المشكلة، وأخرجتَ للنور عملا روائيا كامل الأركان؟
البحث الجاد، والاطلاع على كل ما وصلتْ إليه يدي، سواء من مراجعَ تاريخية، أو سيرٍ ذاتية لشخصيات عامة عاصرتْ حقبته الزمنية وكتبت عنها وعنه، أيضا من خلال روايات كانت معاصرة لتك الحقبة، وتُرجمت من لغات عدة إلى اللغة العربية، كذلك الاطلاعُ على رسائل علمية مُسجلة عن تلك الأسرة، وما دار بين أبنائها من صراع!
كذلك اعتمدت على مجموعة من الرسائل كانت مُتبادلة بين عباس الأول، وبين الباب العالي، وابتعدتُ عن كُتب كان من الواضح أنها تتعمد الإساءة إلى شخص عباس؛ نظرا لما أقدم عليه من استبعاد كثيرٍ من الفرنسيين، كان يراهم يمتصون ثروات البلاد لحسابهم وبلادهم.
بحكم عملك مضيفا كتبت العديد من الأعمال فوق السحاب ونزلت بـ”أفندينا” إلي الأرض.. سرُّ التحول؟
ليس هناك تحول، فأنا أكتب نتيجة لانفعالي الذاتي بأمر ما، فبعد أن استمتعت بكتابة خبرتي العملية من خلال رحلاتي ووثباتي الطويلة العالية، وقفزي فوق السحاب، وإقامتي شبه الدائمة على جناح الطائرة، أحببتُ فكرة التعامل مع تاريخنا المُكتظ بكلِّ الأحاسيس التي يمكن أن يمر بها الإنسان في رحلته الأرضية، تاريخُنا حافلٌ ببطولات وانكسارات، ومليء بأسماء عظيمة ناصعة، وأخرى تستحق اللعنات، كما أنه أيضا فيه الكثيرُ جدا من أحداث وشخصيات تغري بالكتابة، ليس فقط لكونها حكايات تكاد تكون جاهزة كما يدعي البعض، لكن الأهم أن تكون من باب الضرورة لتوعية الأجيال وتنويرهم، وربما تشويقهم للتعرف على تاريخ بلادهم، الذي فيه الكثيرُ من الحكم والمواعظ، فهناك من يقول: تعرف على أمْسِكَ لتُحسن إلى غَدِك ! وأنا أعتبر نفسي محظوظا لأني وفقتُ للكتابة عن هذه الأسرة، وتلك الشخصية الملغزة المُثيرة للجدل، كجزء من دور الأديب التنويري في إبراز تاريخنا الحديث المجهول أو المُعتم أمام كثيرين من أبنائنا، من باب مساعدتهم للتعرف عليه.
لبست في رواية “حكاية قبل الموت” ثوب المحاماة للدفاع عن طاقم الطائرة.. ألم تخف من مجيء ذلك علي حساب الصنعة؟
أختلف معك، فكتابتي لهذه الرواية كانت بتكليفٍ من ضميري الشخصي والمهني، لإحياء ذكرى زملاء وأصدقاء، فجميعُ أفراد طاقم الطائرة من هيئة القيادة، وطاقم الكابينة، وأيضا ضباط أمن الطائرة إخوة أعزاء على النفس، وكنت وقت إسقاط الطائرة أحدَّ رؤساء أطقم الضيافة بالشركة.
والرواية تتحدث عن الجوانب الإنسانية لهؤلاء، وعن ملابسات إسقاط الطائرة حسب درايتي وخبرتي، ومن قراءة الأجواء العامة المحيطة بالحادثة، من بحثٍ عن الحطام، وصندوقها الأسود لحلِّ لغز الحادثة، ولقد كانت الإجراءات من الجانب الأمريكي، وخطوات سير التحقيق، وانتشال الصندوق الأسود وتفريغ محتواه بعيدة عن عين الجانب المصري، وهذا دليلٌ دامغٍ على تورطهم في مؤامرة مخابراتية لإسقاط الطائرة للتخلص من شخصيات بعينها كانت عليها !
أمَّا القول بأن انحيازي لجانب براءة طاقم الطائرة من تهمة الانتحار وتعمد إسقاطها، قد أثر سلبا على صنعة الرواية، فهذا ما لم يقل به أيُّ من النقاد أو القراء لرواية “حكاية قبل الموت”.
كثيرا ما تمزج بين نوعين من العمل الروائي.. الرواية التاريخية والاجتماعية.. فهل تعتبرهما جنسا واحدا أم أن هناك فارقا بينهما؟
الرواية الاجتماعية هي مرآةٌ تعكس صورة مجتمع آني يعيشه الكاتبُ مع مزجه بصور مُتخيلة من خلال رؤاه الخاصة، مُتكئا على حقائق ووقائع وتجارب يعيشها بذاته، أو تُنقل إليه بإحدى الوسائل المعروفة، كذلك الرواية التاريخية هي تعكسُ صورة حياة كانت يوما ما، يتكأ كاتبُها على حقائق ووقائع مرجعية، يحصل عليها من خلال المخطوطات والوثائق المعتمدة، ثم يضفرها بخياله وقدرته على سبك وتوظيف كلِّ ما أتاه من معلومات، من خلال تأويله الشخصي، فالروائي لا يؤرخ إنما يكتب عن التاريخ من خلال رؤيته التخيلية.
تأخرت في إخراج إبداعك للنور، وانفرط العقد بتتابع الإبداع وغزارته..فهل يُحركك مشروع ثقافي تنشد تحقيقه.. وهل تؤثر الغزارة علي الجودة؟
أنا لا أجيدُ التنظير ولا أكترثُ له، وأيضا لا أبحث عن كمٍّ عددي.. شاغلي الشاغل هو الاستمتاعُ بما أكتب والإيمانُ بما فيه، وإن كان لي مشروعٌ فهو باختصار: كتابٌ مُؤلَف يبحث عنه القارئ العادي والباحثُ المتخصص، أفضل من مائة متروكة منسية، في صناديق الناشر!
أما عن تأخر ظهور إبداعي للنور، فقد ذكرت سابقا ما أدى لتأخر النشر، وعرض ما أكتب على القراء.
“وثبات طويلة عالية” تقترب من أدب السيرة الذاتية.. فهل هي تجسيد لسيرة الغمري؟
كاتب الرواية دائما ما يكتب ذاته بشكل أو بآخر، فالقصة أو الرواية التي يخرجها هي نتاجُ خبرته الحياتية وثقافته الشخصية، وكل ما يصادفه ويهضمه خلال رحلته على أرض الواقع، بعد أن يضعها جميعا في وعاء موهبته وقدرته الذاتية، ثم يترك كلَّ ذلك لينضج على نار الإبداع الهادئة، ليخرج لنا في النهاية وجبة أدبية ثقافية في شكل كتاب يترك لإبداع المتلقي للحكم عليه.