فقال الإعرابي والله أعرف والله أعرف والله أعرف، قالها ثلاثاً فوقع ميتاً من العطش، فلما تحرى الفرزدق والجبرتي وابن هشام اكتشفوا أنه لم يشرب الماء من أيام عدة، وأن النور مقطوع عند أهله من شهر سبعة، فعادوا ورددوا قوله تعالى:”قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً”. فلما سمعهم الحراس سجنوهم وعذبوهم بتهمة سب الذات الرئاسية، فما كان من الذات الرئاسية إلا أن قالت ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا أخ كريم وابن أخ كريم، قال فاذهبوا فأنتم الطلقاء. فلما أمطرت السماء قال ادعوا ربكم يهبط علينا من فومها وعدسها وبصلها، ثم طلب من بنك النقد الدولي قرضاً، فسأل أحد المارة: ما الربا يا عم الفقيه؟ قال أن يقترض منك أخوك أردباً من القمح ويعيده لك أردباً ونصف، وأحل الله البيع وحرم الربا. فتعجب الرجل وسأل عن فوائد قرض البنك الدولي، فنظر إليه الفقيه باستخفاف وقال: إنها المصاريف الإدارية يا أبا جهل، ألم تسمع من قبل عن المصاريف الإدارية؟ طأطأ الرجل رأسه وسار بألم في خصيتيه من جراء الجهل، وقال اللهم إني اعوذ بك إن كنت عصياً. ثم بلغني أيها الملك السعيد ذو العقل الرشيد أنه في البدء قُسّم الخلق إلى ثلاث: إخوان ويسار وليبراليين، فلما انتُهي من الخلق سأل اليسار والليبراليون في نفس واحد: من هؤلاء؟ فقيل: إنهم الإخوان. قالوا وما الإخوان؟ قال من تجوعون ليشبعوا، ومن تتعرون لتستروهم، ومن إذ عملتم ثورة ركبوها وصوروا رئيسهم على حصان ووضعوه على غلاف مجلة أكتوبر. قالوا ثم ماذا يحدث؟ قال إذا وقعت الواقعة ليست لوقعتها كاذبة. فأدرك شهر يار الصباح، وسكت عن الكلام المباح. ويحكى في الأثر، أنهم لما اتزنقوا في الجواب عن مصادر أموالهم قالوا ربي احلل عقدة من لساني ليفقهوا قولي أو ارسل معي أخي خيرت. فظل الجمع منتظراً حتى فنت الأرضون وتشققت السموات وطلعت الشمس من المغرب، ولا يزالون يتلجلجون ويتلعثمون، حتى سأل ملك اللسان: ماذا بكم، واقترب منهم ليسمعهم يقولون: السعودية قطر ا لسعودية قطر .. فسمع الجواب من لم يطرح السؤال، ومن طرح السؤال مات بفضوله. ثم في البدء كان الكلمة، ثم صار الدولار. أفإن وصلتم للسلطة انقلبتم على عقبيكم؟