لا تقتربوا كثيرا

fathy mohazzab
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فتحي مهذب

لا تقتربوا كثيرا

لا تقتربوا كثيرا من نصوصي في الليل.

إنها مسكونة بالأشباح الشريرة.

بريش حمامة مكسورة الخاطر.

بإيقاع الموتى في قاع الجحيم.

ببنادق تنبح طوال الليل.

تنادي جنودا ماتوا مشنوقين

في حجرة النسيان المظلمة.

بزئير شعراء ماتوا مختنقين  في خرم الإبرة.

لا تقتربوا كثيرا من نصوصي في العتمة.

أنا ملعون ملعون ملعون.

كلماتي شر محض.

قطط مسحورة تلهو بقبعة الناقد العبثي.

رائحة إله نافق.

أرجوكم لا تقتربوا كثيرا.

ثمة سحرة كثر يطفون فوق مياه نصوصي.

ثمة فراغ طازج يهشم أبواب المعنى.

ثمة قطار عائلي يبكي مثل أرملة.

أنا ملعون.

نصوصي مقززة ومخيفة.

ثمة قناص يسعل في شرفات العبارة.

ذئاب شرسة ستلاحقكم في مماليك النوم.

أنا ملعون وبئري مليئة بالخدع.

لا تقتربوا

مات نقاد كثيرون في غابة قلبي.

وجنوني مدجج بهنود حمر.

اللعنة تلو اللعنة تلو اللعنة.

رجيم وموحش وبدائي.

ضرير صانع مرايا اللامعنى.

أكسر أفق المتلقي بجزمة قائد الأوركسترا.

خاطف القراء في العتمات .

أنا الهاوية .

لا تقتربوا كثيرا.

**

دعاء غير مستجاب

-هبني قدرتك الخارقة يا رب

لأطرد الشيخوخة من كهف الجسد

لأزجر ثيران الهواجس بعصاي

أستدرج الموت المختبئ

تحت جلدي المغضن

هبني سيفك يا رب

لأقطع مثانة اللاشيء

فأنا أسد عجوز متداع

يحفر الفراغ ضريحه

بنيوبه البارزة

تهاجمه ضباع العادة السرية

يهاجمه زهاء ستين مترا

من الجنون الخالص

هبني روحك الفذة

روحك المبثوثة في أوساع الغمر

وأقاليم النور

في العناصر الأثيرة

لأقاوم العتمة المتفشية في تضاعيفي

لأقاوم مساتير الزمان والمكان

وجنازير ما وراء الطبيعة

هبني عيونك العميقة يا رب

لأرى نهاية العالم

سقوط التراجيديات الكبرى

أتملى الحقيقة في ثوبها الفلسفي

أهتك مساتير الجسد

هبني جنودك الأشاوس

لأقاتل خوارج متناقضاتي

الناس الذين خذلوني في المبغى

ملأوا فمي بالقش والضباب

وحياتي بالصدأ والحصرم والغيوم

داسوا مؤخرات صوتي بجزماتهم

هبني قلمك الباهر

لأدبج مقولتي الشهيرة

-الإنسان شر محض-

الوجود غير جدير بتصفيق جماعي

هبني خاتمك السحري

كرسيك الأبدي

لأجلس مأخوذا بجلالة عرشي

أحيي جميع الأموات

بإشارة واحدة

ولجبر خواطرهم

أهديهم عربات ليموزين

وملابس من القز الفاخر

أموالا لا تحصى

لارتياد صالونات الشاي

والحانات المكيفة

هبني يا رب دراجتك الصيفية

لأجوب المرتفعات الوعرة

وأصطاد نساء مطلقات من الجنة

أنا قلق للغاية يا رب

مستاء جدا من سخرية الليل والنهار

من مطر التوابيت

في عز الشتاء

من طلاسم النوم المكرور

من كثافة الميتافيزيق اليومي

من فهارس الطبيعة المطولة

هبني يا رب نظاراتك الجميلة

لأرى جحيم الحروب القادمة

هبني شرايينك أيها الرعد

لأزعج مخلوقات الفراغ

هبني روحك أيها المطر

لأسافر في الجذور والأغوار

وأفجر الجواهر الملغزة

هبني مسدسك أيها النسيان

لأفتح النار باتجاه ذكرياتي المريرة

هبني حنجرتك أيها الديك

لأنادي أسلافي المنكسرين

لأغني مقلوبا على رأسي

لإيقاظ سكان المستقبل

القمر الذي يقترب من برج الكنيسة

الفراشة المندسة في عروق الكلمات

الشجر المليء بالفطنة والعذوبة

هبني مزمارك أيها الراعي

النهار في حاجة إلى الرقص

العميان في حاجة إلى قوارب المخيلة

المسلمات في حاحة إلى فأس

الجنازة في حاجة إلى الضحك

القبار في حاجة إلى طبيعة كنغر

والآخرون في حاجة إلى انتحار جماعي

الأرض في حاجة إلى ممحاة.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات من نفس القسم