حسن البقالي
كان حلما
مجرد حلم أبيض صغير
ومفرغ من الحكاية
لم ينبت له شارب
لم ينطق بعد بالحرف الأول
وليس واثقا بالمرة من أنه سيحيا
إلى اللحظة الموالية
لمحته فقط
كبعض الشواش في مرمى الحدقة
بزغب الصيصان الراجفة
ورهبة المواليد من اليد الأولى
كانخطافة عابرة
لم تملأه الحكاية ليكبر
لم تسكنه الأنفاس
ويحتله المعنى
ربما كان ظلا لحلم آخر
ظلا يتحسس عالم الأحياء كي يخبر الأحلام بما رأى، والأرجح أنه رآني فاعتراه شيئ لعله الدهشة، أو لعله الفزع، فكيف تفزع الأحلام وأبقى سادرا في اليقظة؟
لمحته
فصار واجبا أن يتملكه المعنى
أن يصير جسدا لأذكره
يصير لغة وحكاية
قلت له:
كن حصاة أيها الحلم الزائغ
الحلم المتفلت كالحلمة في يد العراء
كن حصاة مجهولة النسب
حملت عن طريق الخطإ
مع رمل الشاطئ
إلى وجهة يجهلها الماء
أو كن ماء
يتفلت منه الموج ساعة المد
كي يعمق شتات الذاكرة
أو كن شجرا
أو ملحا يوضع على ندوب الروح
كلما ناح الوجع
خذ من الأشكال ما أنت تشاء
وزرني بين الحين والحين
كما يزور البرق السماء
كي أذكر أني أحيا
على أرض لا تهوى الحياة