عبد الكريم غلاب في كتابه “القاهرة تبوح بأسرارها” في الأربعينات.
محمد برادة في روايته “مثل صيف لن يتكرر” في فترة الخمسينات.
محمد أنقار في رواية “المصري” عن فترة الستينات وما بعدها.
رشيد يحياوي في كتابه “القاهرة الأخرى” عن الثمانينات.
ويرى مشبال أن هذه المراحل الزمنية تعكس تاريخ العلاقة الثقافية والوجدانية التي ربطت الإنسان المغربي بمصر. كما أن يتباين أصحاب هذه الأعمال في الرؤية والأسلوب؛ فعبد الكريم غلاب ينتمي إلى المدرسة الكلاسية في السرد الأدبي المغربي، بينما ينتمي محمد برادة ورشيد يحياوي إلى تيار التحديث في الكتابة السردية، أما محمد أنقار فيبدو أنه نحت لنفسه أسلوبا متميزا يستفيد من أساليب السرد الحديثة ويحتفظ في الوقت نفسه بكثير من ملامح السرد الكلاسي الرائع.
ويقول في مقدمة الكتاب: أردت أن أستوقف القارئ المغربي إزاء حقيقة تاريخية وثقافية؛ وهي أن الهوى المصري يشكل جزءاً من كيانه الثقافي ومخيلته ووجدانه. وقد آن الأوان لكي يتدبر المثقف المغربي مختلف صيغ التواصل الكائنة والممكنة بين الثقافتين المغربية والمصرية، بعيدا عن أخلاقيات الإقصاء والتعالي واللامبالاة.
ونوه بما أسداه إليه من عون مجموعة من الأساتذة الزملاء والأصدقاء؛ هم محمد أنقار، وسيد البحراوي، وعبد الله المرابط الترغي، وعبد الواحد التهامي العلمي، والشاعر إدريس علوش.
ومشبال الذي فتنته مصر منذ الصغر، وجد الطريق إلى كلية الآداب بجامعة القاهرة: لم تكن هذه الكلية في أواسط الثمانينات تلك الكلية التي احتضنت أعظم أساتذة الأدب في الوطن العربي وعلى رأسهم طه حسين وأحمد أمين وأمين الخولي وشكري عياد وعبد العزيز الأهواني، على نحو ما احتضنت أنجب الطلاب في هذا الوطن و على رأسهم عبد الله الطيب وسهير القلماوي ومحمود شاكر ومحمد بن تاويت وعبد الكريم غلاب ومحمد برادة وإبراهيم السولامي وغيرهم من الأسماء. كانت كلية الآداب تعاني هجرة مجموعة من أساتذتها النجباء إلى دول الخليج، وتعاني فقرا واضحا في عدد طلاب الدراسات العليا الذين جاء معظمهم من الدول العربية الأخرى، ومن كان منهم مصريا لم يكن مؤهَّلا على نحو جيد لمتابعة دراسته العليا.
كان قسم الدراسات العليا – فيما يبدو – ينتعش بحضور الطلاب القادمين من البلاد العربية. وكنا في موسم 1984-1985 مجموعة من الطلاب المغاربة والجزائريين وقلة قليلة من الطلاب المصريين وطالبة سعودية. وكنا نحن المغاربة أجدر هؤلاء جميعا بالدراسة العليا. وعندها أدركت أن الحياة العلمية النشيطة التي كانت تموج بها الجامعات المغربية في هذه الفترة كان لها الأثر الإيجابي في تكوين جيل من الباحثين المغاربة استطاعوا فيما بعد أن يشغلوا الساحة النقدية العربية و يملئوها بدراساتهم ومؤلفاتهم المتميزة.
هذا كتاب يتجاوز الدرس الأدبي والنقدي، إلى دراسة التحولات الاجتماعية في مصر، وما آلت إليه الثقافة والفنون، بعد تآكل دور مصر الطليعي.