بعد ذلك بقليل تقابلنا في الجامعة وصرنا أصدقاء ضمن مجموعة من الصدقاء كانت فيما بعد النواة لتبدر صورة قصيدة النثر في مصر، وأساس مجلة الجراد.
وكانت علاقة متولي ويماني تلفت انتباهي كثيرا وأحبها. فابن قسم اللغة العربية كلية الآداب، الذي كان يكتب في ذلك الوقت قصائد لا أفهم منها شيء تقريبا لشدة حصافتها وكلماتها غير المعتادة بالنسبة لي، ابنة الفسم الفرنسي، وابن قم اللغة الانجليزية الذي يكتب قصائد بها كلمات يقال أنها ينبغي توضع بين علامات تنصيص لأنها ليست من أصل عربي، هذه العلاقة بينها والتي كان بها الكثير من المحبة وعظيم المؤازرة والتشجيع، كانت بالنسبة لي جنة على الأرض. في العلاقة التشجيعية والصداقة الحميمة بين شابين يبدو للوهلة الأولى من قصائدهما شدة اختلافهما على المستوى الشعوري تجاه اللغة والتعبير، أثبت لي أنه من الممكن أن تتجاذب الضداد، وأن المحبة توحد كل شيء.
تطورت مع الوقت كتابة يماني، وقد كان دائما ذلك الشخص السمح الباسم الذي يتقبل النقد والانتقاد بنفس البسمة والإقبال والاهتمام. دائما من ذات باب المحبة.
لم تنجُ هذه المجموعة من الشعراء التي أنتمي لها من الاشاعات والانتقادات وتلفيق التهم الأدبية والغير أدبية. وبينما كان ذلك يزيد من انطواء متولي على نفسه من كثرة التجريح، ويزيدني وحشية وشراسة وسخرية سوداء تصل إلى حد التهكم والمرارة واللا مبالاه، كان ذلك يزيد يماني قهقهة لم تفقد محبتها وإشفاقها على الرامين بسهام الغدر نحونا مثلما علينا جميعا. ربما كان يماني أكثرنا اتزانا وابتساما ايضا، من القلب.
مع انتهاء فترة الجامعة وتأثيث هذا التيار الانساني الشخصاني في قصيدة النثر، ومع انتهاء فترة مجلة الجراد تقطعت بنا السبل ولم أعد أعرف عن صديقي إلا أخبار سفره مثله مثل بقية الأصدقاء الذين سافروا أو انشغلوا أو أي شيء..
كثيرا ما أتمنى عودة هذه الأيام، ايام الجامعة، حيث كنا لبعضنا بالفعل أسرة.