قصائد

فتحي مهذب
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فتحي مهذب

النوم يفتح النار على الحشود

لم ينج أحد من عضة الفهد تلك الليلة.

الأسد الذي التهم إوزة التفكير.

العجوز الذي يطارده سرير الإنعاش .

الغراب الذي شيع الجنازة بالموسيقى.

القطة التي من قماش رديء.

الثعبان الذي دسه الأصدقاء في زريبة قلبي.

طائر الكناري الذي نجا بأعجوبة

من سهم الهندي الأحمر.

المومسة التي أفرغت جيوبي من البركات والفواكه.

أمي التي ركلها قطار مريض

في إصطبل الهامش.

الأحدب قارع الأجراس في المبنى المهجور.

الموتى  ذوو الأقمصة المهترئة.

الذين يمارسون فن اليوغا تحت السخام.

القبطان صاحب العين اليتيمة

والقبعة السوداء.

الشحاذ ذو اليد الطويلة مثل عكازة البابا.

الياسمينة التي ضيعت مصابيحها

في الشتات .

ها هو الفهد الهارب من سافانا الميتافيزيق.

يتسلق شجر قاماتنا المأهولة بالزيزان.

ويعضنا بمنتهى المكر والعذوبة.

النوم الذى يهبنا الأجنحة الزرقاء.

مكانا آمنا لزرافة اللاوعي .

حزمة مفاتيح لاكتشاف النهر الأعظم.

وسحب القوارب من حديقة الأسلاف.

ما أروع عضة النوم.

والقمر نورس سكران

يحلق فوق ينابيع رأسي.

    *

حصتي من اللاشيء

يا إلهي

التنين الذي أخفيته في عمودي الفقري.

ليحرس تاج السلالة من نقار الخشب.

فر بكنوزه الزرقاء.

تاركا مفاتيح سبعة في حديقة رأسي.

يا إلهي

عانيت كثيرا من عتمات الوضوح.

من الفقد والقطيعة واللاجدوى.

من حبال مخيلتي الطويلة.

من زمهريرالحارس الليلي.

وهو يمشي على جثة صمتي.

من موتنا اليومي الأشقر.

وهو يأخذنا الواحد تلو الآخر

في عربة من التنك والقش.

القطار جائع حافي العجلات.

يعشش ضباب زاجل

داخل سكته المبهمة.

الفهود تفتح النار على الكناغر.

الغابة امتلأت بالدسائس.

الكسالى اختفوا في براري النوم.

بيتنا مظلم مظلم مظلم .

وحمامتي العذبة مكسورة الجناح.

وحليب المشنقة ألذ من نور المطر.

صفارتك النبيلة في قاع البئر

كرسيك شاغر

والكهنة يتقاسمون الحنطة والذهب.

يا إلاهي

الأشجار التي قاسمتني العزاء.

التي عانت من الوقوف على ساق واحدة.

التي منحتني الفاكهة والسلام والمحبة.

التي بكت طويلا أمام ضريح حبيبتي.

ذرفت كلمات لا تنسى في الهواء.

الأشجار التي حفرت جذوعها بعمق:

دموعي المليئة بالخناجر.

سردي اليومي المدجج بالرماد. 

تلك الأشجار العذبة

صرعتها فؤوس الحطابين.

يا إلهي

طريقك شائكة.

صوتك شربته بندقية آدم.

خيراتك بيد القراصنة والعيارين.

الملائكة رحلت في قوارب هشة.

النور والموسيقى على حافة الهاوية.

حواسي مومسات في مركب الجسد.

البراهين كلاب سلوقية مكسورة الخاطر.

المصيدة تبني عشاشها في ظواهر الأشياء.

عقلي بومة عمياء.

قدماي مقطوعتان.

رأسي بناية متصدعة تسكنها الأشباح والأساطير.

الظلمة عارضة أزياء في الكازينو.

وخفافيشي تلعق دم البديهيات.

تحت ركبتي الحجرية

مات رسول بطعنة ذئب .

لم أصل بعد.

الحقيقة مسيجة بالفهود.

لم أزل مكتفيا بحصتي من اللاشيء.

*

وجوه تخبئ أظافرها في المرآة

زفرة واحدة تكفي لقتل

الوحش الحجري القابع

في نظرتك الباردة .

*

ضحكة حلوة تكفي

لترميم جناحي حمامة

تربض في كف شحاذ .

*

زهرة واحدة تكفي

لتشرح تغريبة عصفور الدوري

(وطقسه المبهم آن الليل.)

*

ورقة واحدة تكفي

لقراءة أحزان

الجذع المقطوع .

*

طلقة واحدة تكفي

للسفر عبر جزر الغياب

لهتك مساتير الذئب .

*

وردة واحدة تكفي

لإطفاء حرائق الشاعر.

*

ديك واحد يكفي

لإيقاظ الصباح المعلق

كالخفاش

على جناح العتمة.

*

عكازة واحدة تكفي

لكنس أشباح الليل

المعششة في كهوف

الجسد.

*

امرأة جميلة تكفي

لنسيان الموت.

*

ضربة فأس واحدة تكفي

لقطع أذرعة كثيرة

لنهار يتزأبق

على صهوة اللامبالاة.

*

سرير واحد يكفي

لجسدين ينقران

أوراق المستقبل

ويطيران

نحو براري النوم.

*

صديقة عذبة تكفي

لصناعة أسطول من الصواعق..

لتدجين وحش العزلة

وتأسيس دويلات

من الفرح اليومي .

*

صديقة واحدة تكفي

لتنبت من جديد

وبقوة مذهلة

طفولتي المقتولة

بخرادق الهامش.

*

طائر شفاف واحد

يطلع من سرايا عينيك

يكفي ليبعث من جديد

قمرا أبديا

داخل مدارات الروح.

*

جرح واحد يكفي

لإضاءة شرفات الليل.

*

جثة واحدة تكفي

لجرجرة أحلام الطغاة

إلى المقصلة.

*

غزالة واحدة تكفي

لغزو العالم

ومحو البقع الرمادية.

*

قطرة واحدة تكفي

-تهبط من عنق الغيمة-

لتشييع أفراس قوس قزح

إلى حجرة الشاعر.

*

نهر واحد يكفي

لغسل أواني الشمس

الملوثة بشتائم العميان.

*

صديق واحد يكفي

لتشييع جنازتي اليومية

والبكاء طويلا

-أمام عتبات الفقد-

على جثث الصداقة.

*

العالم

لا يسع جناحي شاعر.

*

الليل لا يكفي

لسرد مراثي الحمامة

ونومها العميق

في بئر الجسد.

*

الدهشة تكفي

لبعث الفلاسفة

من مراقدهم.

*

جسد واحد

لا يكفي

لمجرات الشاعر.

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم