ومن قضبان الحديد الصدئة داخل الزّنازن
ومن الثورات الفاشلة
ومن النيران التي تبدأ صغيرة وتنتهي بأن تزحف صوب كلّ شيء،
ومن الأواني النحاسية القديمة وصحون الطّاووس
ومن الزيوت البلديّة وكؤوس الشاي
والمعاطف الرثّة
ومن الأمطار التي تتسرّب عبر السقوف
وتسقط مباشرة داخل الأرواح.
من الأنظمة الحاكمة الديكتاتورية
ومن الديمقراطيات التي جاءت جزافة في حقّ الفلاسفة والحكماء والعلماء
الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل الحقيقة والعلم والإنسان والإبداع
والذين أصبحوا مجازاً كبيراً للشّعر والشعراء
ويطلّون علينا دوماً من داخل القصائد.
من شفرات المقاصل الحادّة
ومن دماء المحكومين بالإعدام
ومن حرّاس المستشفيات الذي يسرقون جيوب الفقراء
ومن الأطبّاء الذين يكذبون على أرواح الضحايا ويؤجلون دموع عائلاتهم
إلى أيّام فيها كثير من الحرّ،
ومن مواعيد العمليات التي لم تُجر لأنّ أصحابها قرّروا أن يجروها عند الله.
من القضاة الذين يعرفون أنّهم يصدرون أحكاماً في حقوق الأبرياء
ومن العدالة التي تسقط كسيوف الساموراي على أعناق الفقراء،
من سيارات الرونج روفر والأودي والفولفزفاكن وميرسيدس موديل 1902 والرونو الكلاسيكيّة والقصور والبرارك
من الأحياء الأرستقراطية ومن الكاريانات.
من مياه الآبار والحقول الكبيرة لأشواك الصبّار
ومن الصنابر التي توجد وحيدة في الأسطح
ومن الأمواج التي تغرق القوارب المتجهة صوب يابسات توجد فيها كثير من الحريّة والعدالة والإنسان والحياة.
هذا هو الشّاعر
يوجد فيزيائياً
داخل العالم
لكنّ
أوطانه الحقيقة الشاسعة
هي المجاز.
…………
أمطار
كانت الأمطار دائماً تسقط داخل أرواحنا
وكان لزاماً علينا انتظار
أن تسلك الطرق نحو الآبار ونحو الغابات
تدفئنا بأعواد الثقاب
ومن الأمطار طهينا المياه لإعداد الشاي
لم تسلك الطرق أبداً
ولكن ظلّلنا أحياء
سنوات طويلة
فقط بالشاي.
——-
عمليّة
عندما تأخّر موعد إجراء العملية على أبي
قرّر أن يجريها
في مستشفى الله،
قال لنا إنّها مضمونة وسيتعافى
وسيخرج من المرض
كما تزال شعرة من العجين
لكنّ
لم يقل لنا أبداً أنّه بعد العملية
سيصبح دائم الغياب.