قصائد من ديوان “غرفة الحي السابع”

غلاف غرفة الحي السابع
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

د. خليل فاضل

أنا وصدَى صَوتي وظِلِّي

بُحَّ صوتي من الهتَاف

ثم جفَّفه الصمْت ؛

فخرجتُ من المدينة مع صدى

صوتي وظلي.

 

في الطريق

يَجري النهُر صاعدًا

والنسوةُ يغسِلن الصحُون

والهموم تسبح في اتِّجَاه القَمَر.

 

تكسَّرت أضلاعٌ وأطْباق

وأنهى سنجابٌ عِناقَه فجأةً

فكَتمَت الحدأةُ لهيبَها.

 

حاورتُ “بَطُّوط” و”ميكي ماوس”

انطفأت قليلًا؛

وأطفأت المذياع على “أم كلثوم”

حتى يسود الصمت والصبر.

 

ظهرت غجريةُ مَوْشُومة

بالطين

نامت بحذاءِ الترعة

وتوسَّدت الجَريد والصبَّار.

أوقظها الديكُ ولم تَدَعهُ يقرَبْها

لأنهُ صَدَى.

والظلُّ كسرته الشمْس

وأنا، وأوراقُ الخريفِ

لم نسقُط بعْد.

 

في طريق العودة إلى المدينة

عرفت بموتِ الملِكة

وشاهدت وفودَ عزاءٍ

أرسلتها جُمهوريات الموز.

**

مُعجبٌ بالأُسْتاذ

تاه في صَحْراءِ الرُبعِ الخالي

وعادَ من العِراق ينتعلُ الشوكَ

ويمْضغُ الصبَّار.

 

طوَى جناحَهُ، وبلَّلَهُ بماءِ زَمْزَمْ

وتمدَّد تحت شجرةِ الجُميز

يعدّ ما تبقى من دراهِم.

عدَّلَ طاقيتِه وعقاله

وعد الإبل واحدةً واحدة.

 

عاد كالشاةِ في المرعى

بعد أن طارَ مُمسكًا بعَرقوبِ العَنْقَاءِ

بدَت ملامُحهُ الجديدة وهو يراقص الغَجَر

بالعصا مُتعثرًا في خطوَتِه.

عادَ وكأنهُ لم يعُد

بعد أن بَلغْتُ،

ورسمَ أخي شاربَهُ على سبُّورةِ المدرسَة.

 

تبوَّل دمًا، وتدلي على حبلِ الغسِيل.

وظللت أنا مُعجبًا بأُستاذٍ

مُنمَّق بسيط، كقنديلِ أم هاشِم،

ويشبهُ أبي في زمانِه.

**

مُوسيقى

(الرأس والجسد)

تدحرجَ الرأسُ على الدَرَج

والجسد هُناك.. ربما يَسبح.

 

اتَّخذَ الرأس مكانًا تحتَ الشمْس

سَقَطَت عليه ألفُ فكرة

تُجَنِّبهُ الآلام.

 

حاولَ الرأسُ صعود الدَرَج

لكن الصعودَ كان

مُستحيلاً.

 

بينما الجسدُ يغازلُ الأضْدَاد

في البار،

التصق بهِ الرأس

وانطفأت الأضواء

وعزفت الأوركسترا.

**

النومُ مَعْصيَةٌ

الحانُوتُّي المُندثِر

في أزقِة القصص والأفلام

كان موجودًا على استحْياء.

 

من ينتظرون في المقْبَرة؛

حيث يسكُنُ الناس فوق الموتى

يتنفَّسون، ويأكلون، ويتناسَلون؛

مُستعدِّون للدَفنِ والطُقوس.

 

في القلاع والمُستعمراتِ مُستَثْمرون

قُدَامى وجُدُد، يدَخِنون السِيجار

ويستثمرون في المَوتى،

والمَوت.

 

ثمة شَرِكة في قلب المدينة

رجالُها ينتظمون كالحَرَس

بزيٍ رسميّ، وسياراتٍ مُكيّفة،

يتحدَّثون كل اللغاتَ

 

ويؤجرون أم فاتن وأم محمد

للغُسْل بالطيبِ والكافور، ويجهزِّون

المَحَفّة، والكَفَن.

يَكْتبون النبأ في مواقع التواصل

ويسلِّمونَكَ الشهادة.

 

أنتْ، أيها الشريد؛

فلترمِ الآن رأسَكَ على رأسِ أخيك

بدُموعَ جفَّت وتَمَلَّحت.

أنت الآن طفل، وكهل يتيم،

وأرمَل.

 

صِرت درويشًا في حلقاتِ الذِكر

مذهولاً تصلّي في رحاب السِّت

تُحدِّقُ في الصندوق المُغَطىَّ بسجادةٍ خضْراء؛

كأنَّك لم تلمح الأخضر من قبل.

 

رَكْبُ السيارات الحَزين

يمضي في خطٍ ملتو إلى هُناك

بين النَهرِ والبَحر؛ في هذه الصحراءِ؛

سترقُدُ الجميلةُ وأمَّها.

وسيتلو القارئُ آياتٌ من الذكرِ

والمعزُّون سينظرون في عَينيْك

ويتمتمون “شِدّ حيلك”،

“شد حيلك”

 

سَتنطفئ المصابيحُ

وسيجري النهرُ بطيئًا وسريعا

بينما سيجثو البحرُ تحت سماءِ الغَيْم

يقول: “تلك الحياةِ المُخيفة”،

عُدْ، وامضغ الحسرة على مهلٍ.

لا تنَمْ؛ فالنومُ مَعْصِيَة.

**

عَيْناكِ

ترى الواقفين في طابور المَعونة

والأيدي التي تمتَدّ لهفةً إلى الدواء.

 

عيناكِ بئران

سوداوان

يعترضان المسَارات

ويُخَزِّنان حكايات

ويرسلان إلى الفضاء رسائل.

 

تترَجَلان في المدينة

والفَرَسُ لا يهرب ؛

لأنهما تُحكمان لجامه.

 

عيناكِ تغفو

لتنهض في الحيرة

وضيق المكان.

 

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 35
يتبعهم الغاوون
مرزوق الحلبي

قصيدتان