قصائد إلى الخطيبة

Xir3675
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

سلطان محمد

غزليةُ المهاجر

مثلما يحب المؤمنُ الجنةَ أحبكِ،

ذلك الحب الذي ليس بسبب أنه دخلها ولا لأنه سيدخلها،

بل لأنه يمشي إليها

يحب الطريق محبةَ نقطة الوصول؛

 

كالمهاجرِ

الذي يفضّل مهالك الهجرة

على رَغَد المهْجَر في شيخوخته

يودُّ لو عادَ شابًّا

من أجل مخاتلة حرَس الحدود

حبًّا في التوهان ما بين التخوم

رغبةً في أن يكون نقطة عمياءَ تمر من بين عيون ترمي بشرَر:

 

هوذا حبك

رحلة خشنة حول جبل

رحلة دائرية في ثدي ناعم.

 

لماذا أحبكِ؟

لا أحبكِ لأن السعادة ستملأ راحة كفي مثل علبة ماء صغيرة أشرب منها متى شئتُ. بل لأن كآبتي تصيرُ أطيبَ وأكثر ودًّا، رخيمة وذات بِطانة من القطن. أصير في طمأنينة لم أعتد عليها، بجواركِ؛ طمأنينة على قلق رائق،

قلق بأربعة وأربعين قدمًا- من هذه الأقدام أربعون مكسورة وأربعة للسير بي على مهَل.

 

هذا ما فعلته قبلاتُك إذ صارت رصيف طريقي.

 

كتابي المقدس كان مختارات من القصائد التي انتقيتها بعناية -من مشرق العربية إلى مغرب الترجمة- وعنونتهُ بالحماسة تيمنًا بأبي تمام. لكنني، بعد ذلك، انتبهت أنه ما من حماسات في حياتي، ولست من المقاتلين القدامى، فسميته بـ كتاب الرتابة. والآن، عِوضًا عن كل هذه القصائد، صار صوتك هو كتابي المقدس، كتابٌ من المشافهات التي كما لا تقبل الكتابة، تستحيلُ على المَحْو؛

جرّبي وقولي نار

فيأتي إليَّ هيراقليطس يسعى من أقصى المدينة ويصيحُ أنْ ارفعِ الروتينَ ملكًا على الدنيا،

قولي ترابٌ

فإذا جمهرة من الغبار تتوسل عند بابي وتحوقل على قطرات الندى ومذلّة العتباتِ،

قولي ماءٌ

فترينَ خيولًا بيضًا- بأجنحة صغيرة مكانَ آذانِها- تعدو وتسابق ماءَ البحرِ

تلك الخيول هي كلمات ربي

قولي هواءٌ

فينتحرُ الأوكسجين في رئة الأغاني وتصير كلها صيحةً واحدةً؛

لا.. ليست صيحةً، إنها صرير باب القيامة وقد انفتح.

 

لا السعادة ولا الكتب بل القراءة في وجهك وعيناي تتنهدان ما بين قلق البقاء وكآبة الزوال!

 

رسالة غير مذيلة بتوقيع

حبيبتي؛

كمِثْل الحصان الذي تُرِكَ وحيدًا

وراح يهرب في بطون الليل

أفتقدُ لمستك على لحيتي،

ولأن الإنسانَ كائنٌ من الأوهام

أكتبُ لكِ قصيدةً

وأغمّس فيها ثعنوني

ثُمَّ أخزّنها في جِرَار تحت سريري إلى أن يحينَ وقتُ النبيذ

وبعد ذلك أصهل في وجه الفجر الأمردِ وأصهلُ!

 

حبيبتي؛

فوقي أرضٌ لا تنفكُّ حيواناتُها عن المطاردات

في سبيل الهوى وفي سُبُل الجوع والغَلَبةِ وجمْع الغُبار

وتحت قدميَّ سماءٌ مائعةٌ بعد كلِّ خُطوة مني ثمةَ أثَرٌ،

على كثرةِ الخطوات، يا حبي، ما مِن خَطوٍ، وعلى تَعدد

الطرقاتِ إلا أن الطريقَ واحدةٌ وكأنها مشبوكةٌ

بفواتير دمي،

أدفَعُ من نَفَسي النَّزْر ثرواتٍ،

حبيبتي: أنا مقلوبٌ

وهناك من يريد أن يصلُبني بهذا الشكل

بلا مساميرَ في زَنديَّ، إنما بسِلكٍ پلاستيكي يربط كعبيَّ

كأنني عِجْلٌ في عيد الأضحى،

وكلُّ هذا الكلام لأنك المرآة السحرية التي تعدّل من وضعي

تجعل السماءَ سقفًا تذكاريًا من إيكاروس فوقي

والأرضَ مرحًا مؤقتًا بلا طرقات ولا ضرورةَ للخطو فيها.

 

لي فضاءٌ آخَرُ ليسَ خارجَ الكوكب

بل تحت سُرَر الوديان

وأن يهيمَ المرءُ يعني أن يرضى بما قسمَ اللهُ أو الشيطانُ

فهاكي خِنصَري ملفوفًا على نفسه

دِبلةً من الطين

فلتكوني

زوجةَ الطريق

وظل المسافر

وحجَر القبر!

 

مقالات من نفس القسم