في محبة صاحب القبعة

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 82
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

هند مختار

بدأت علاقتي بوحيد الطويلة سنة 1998. كنت وقتها متخرجة حديثًا في الجامعة، حينما اشتريت مجموعة قصصية من إصدارات مكتبة الأسرة تحت عنوان (خلف النهاية بقليل). 

جذبني وقتها العنوان، ولم أكن أعرف شيئًا عن كاتب المجموعة. قرأتها بإعجاب شديد، ونظراً لأني شخص كسول لم أتابع إذا كان لهذا الكاتب إصدارات أخرى أم لا. من وقت لآخر أعود لقراءة المجموعة، لكني لا أبحث عن الجديد إلا إذا وقع أمام عيني بالصدفة. تدور الأيام والسنوات، وأنخرط على استحياء في الوسط الأدبي المصري. ويأتي عام 2012، وأثناء إداراتي لأحد المراكز الثقافية، وفي إحدى الندوات أرى رجلا باسم العينين يرتدي قبعة له حضور قوي ليحضر الندوة، فأتعجب من هيئته ومن حضوره الطاغي. وكعادتي لا أسأل من هو. ويتكرر حضوره إلى المكان، حتى يذكر اسمه أمامي، إنه وحيد الطويلة. وأجد على مكتبي بالصدفة رواية تحمل عنوان “باب الليل”، واسم مؤلفها وحيد الطويلة تخص أحد الأصدقاء. فأبدأ في قراءتها، وتشدني وأرغب في تكملتها إلا أن الصديق يأخذها وينصرف لأنه لم يرد الاستغناء عنها. بعد عدة أيام وبغير مناسبة استطعت أن أربط بين وحيد الطويلة صاحب “خلف النهاية بقليل”، بالرجل ذو القبعة، بصاحب “باب الليل“. من هنا بدأت علاقتي بوحيد الطويلة وبدأت في قراءة رواية “باب الليل” بعد أن حصلت على نسخه منها. استضفته مره في أحد ورش الرواية التي كنت أقوم بتنظيمها، ليحكي تجربته عن الكتابة. رحب جدًا وحينما أخذ في الحكي كان ما قاله بمثابة محاضرة طويلة عن الكتابة والسرد. واكتشفت من طول جلساتي معه أنه ليس فقط كاتب كبير، بل حكاء بارع كذلك. فإذا كان قادرًا على أن يجعلك لا ترفع عينيك عما تقرأ، فهو يجعلك لا تستطيع إلا أن تسمعه وهو يتكلم في أي شيء وعن أي شيء. تجده على مقاهي وسط البلد محتلًا الصدارة بقبعته الشهيرة ومبسم الشيشة بين شفتيه، فتشعر بالاطمئنان أنه هنا موجود. وحيد الطويلة يسبغ بحضوره الطاغي محبته على كل صاحب كلمة، خاصة من الشباب، يحتفي بهم ويجعلهم في صدارة المشهد ولا يبخل على أحد بنصيحة، أو توجيه بأسلوب لطيف. في أزمته الأخيرة، شعرت بالرعب فعلًا. فوحيد الطويلة أو عم وحيد كما يحلو ليه أن أناديه، يمثل لي المفهوم المصري (إن ليك سند في الدنيا). كان يجب عليه أن يفيق، وأن يقوم سالمًا من جديد. فحجم المحبة التي أعلنت عن نفسها من كل أدباء مصر والعالم العربي، كانت كافية ليتجاوز تلك الأزمة العابرة، والتي كانت اختبار منه لمدى محبتنا للعبقري صاحب القبعة.

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم