قيس مجيد المولى
يبدأُ تعديل الرمز عندما يتحول الجلاس إلى أشكالٍ هندسية،
تظهر سيلين ديون وتغني: أريدُ أن أعيش،
من المنطقِ أن تظهر عارية خلف ثوبها الوردي، على النمط المقابل علامة استفهام في ظهر رجل، ورابط لايفتحُ إلا بأربعةِ أقداحٍ من الجعة، يتحول المناخ إلى ضرورة جزئية، يهدأ الصّراخ على الطاولة، وبين صفحات الرحلة إلى سوهو،
أستنشق الأحلام قبل مجيئها، من الضرورة أن توعدني برؤية المرأة التي قابلتها في متنزه كراكوف وسميتها السيدة الحزينة،
المهم عندما تغادر الحديقة تترك قبعتها لي، قبعتها التي اقتنتها قبل عامين من سوق الأحد في بودابست عندما كانت بصحبة زوجها هاري روغان والذي قتل فيما بعد في حانة الشيطان الكريم بعد عامين من زواجهما،
الآن لابد أن أختلق لي رابطاً أتحدث من خلاله،
الشوارع خالية…
يقول كولن ولسن:
ما ذنب العاهرات،
يسمح لي الوقت أن ألمَ الضوء الذي يقفزُ حوله الجراد،
أتذكر جراد الهند حين رقدتُ مشفى مدينتا،
سأتصل بفضل الله رحيم، كي يعيد تنظيف سريري تنظيفه من الجراد، ويحتفظ لي بنسخةٍ من عناقيد الغضب ويهدي سلامي إلى جون شتاينبك،
يوم غد ستحط الطائرة في دلهي، ويوم غد سيكمل ولسن سنيه الخمسين ويكملُ رحلتهُ إلى براتسلافا، واليوم علمت برابط ٍأرسلته لي طبيبتي جوتي، جوتي التي تحاول أن تقنعني بأني لا أموت،
أفتحُ الرابطَ، تقول جوتي:
لا أحاول تبديل أي شيء في مكتبي،
كي تراه كما رأيته أول مرة،
أضم وجهي بين يدي، أتأمل صالة العمليات، ماتداعى من لوحة الزبون والقناني الفارغة، ما رسمه الظلام من متاحفٍ للجماجم،
لاشك لم أبدأ بعد بتوضيح الأسباب،شخصياً لم أدرِ ماهي الأسباب، ولماذا أتوقع أن تلك الأسباب هي التي تعيق ماينبغي تحقيقه،
هراء..
قال الرجل الذي ثَمُلَ تواً
هراء،
كاد ينهضُ، لكنه مسك الطاولة وعاد الى كرسيهِ
أراد أن يتحدث لكنه تقيأ على بنطاله، وقد مسَّ بنطاليَ شيء من تقيئه، وكذا مسَّ جريدة اللوموند ضحكَ وقال اتسخت صورة سارتر وسيمون دو بوفار وقهوتيهما اللتان يحتسيانها
حاولت أن أزيل بعض البقع من الجريدة
ومن الرابط مابقي من فتات الرغبة على السرير،
في المطار تقول العبارةُ مع السلامة،
وتقول الشاشةُ ضع على أنفكَ كمامة الأوكسجين،
ألتفتُ نحو مخرج الطائرة، المقعد الذي أمامي، الذي على جانبي، وأستنتجُ أن لا رابط يأتي لي بسعادة حقيقية، مايأتي ترتيب مفردات لدحر أوهام، كتلك التي تأتي إلى سيلين ديون وتجعلها تقفز وتصرخ حين تغني أريد أن أعيش، وحتى تلك المفردات التي تحمل هموما بين طيات الأوهام مجرد الآم متنوعة تأتي بها فيروز من مسارب النسيان :
هالقلب مين اللي دوبوا
وعذبوا
ودلوا على الغصات،
الحيرةُ أن الأسباب إن تأخر توضيحها ستتناسل وليس بالإمكان إستنساخ روابط من أسباب لاعلاقة لها بأسبابي ودون أن أدري كيف أدركت المضيفة ذلك وصافحتني عند سلم الطائرة ودعتني الى عدم التفكير والإكتفاء بالإستماع الى أغانٍ لاترسل كروابط بل الإستماع الى أغانٍ من الراديوهات القديمة،
إذن لابد أن أترجم لجوتي، أترجم لها :
كل ده كان ليه
لما شفت عنيه
حن قلبي إليه
وانشغلت عليه
كل ده كان ليه
ليه…
الآن أنتظر حقيبتي التي تدور، تدور أمامي مرات وأنا لا أراها، صحيح أن جسدي في المطار لكن شيئا ذهب برأسي يبحث لي عما يقنعني بأنني لاأريد أن أموت لأني أريد أن أعيش وأستمع الى الأغاني من الراديوهات القديمة وليست تلك التي تحملها لي عشرات الروابط.