عبد الرؤوف بوفتح
أخفيت كثيرا من الفرح
وأنا طفل
أخفيته في تراب القلب
كما تفعل سلاحف البحر
حين تَبِيض في قاع الرمل
ثم تفر إلى مياه الأعماق
كنت..
كلما أصطاد عصفورا
أَقبّلُ منقاره
وأربت على جناحيه
ثم أُطلقه في وجه الأشجار
وأقول :
– سوف يذكرني بخير
عند السماء الأولى..
فأنا ..
لا حاجة لي
بسماوات أخرى لا أعرفها..
– أقول:
لماذا لم أكن طائرا
فرحي.. في ريش أجنحتي،
وفي منقاري كل الأوطان ..؟!
– كنت..
كلما أمسكتُ فَراشة
أضعها ترتاح في كفُي قليلا
ثم أرميها عند النهر
وأقول :
للنهر.. ذاكرة الماء
والماء لا يخون..
أذكر ..
أني تحسست إبطي
ذات صباح..
وجدت زَغَبا
يشبه النّمل
ركضت إلى أمي
قلت لها:
– لقد أصبحت رجلا يا أمي
وسوف أتزوج مثل الخلفاء
في كل يوم امرأة
لا أمل لي في الحوريات غدا
أعرف أن تاريخي في الدنيا
ملطخ بِحِبْر الذنوب..
أشدّ قطْرَانًا من سَواد الغراب..
ورِبْحا ..لما مَلَكْتْ شهوتي
سوف اتزوج امرأة ..كل غروب شمس
يوجد إيمان ..للشهوة ايضا..
يا أمّي.
– أعرف..
أنّ كَثْرة النساء
لا تطيل العمر
بالتأكيد ..
سوف أموت من التخمة
ولن يُصلّي عليّ غير أهل الجَنَابة ضحكا..
.. أنا أحب الخلفاء
كان حلمهم اللذيذ
ليس في الغزوات
وفتح الأمصار
والجهاد في سبيل الله
كانوا ينتظرون قادة الجيش
ليبعثوا لهم غنائم السّبْي
من العلوج والروم والبربر
وأظل هكذا..يا أمي.
إلى أن أقطع شَعْرة مُعاوية
التي لم ينتبه إليها أحد..
– الفرح يا أمي مثل النبيذ
كلما تعتّق..
كلما زاد مَكْرا
ودَوّخنا أكثر..
الفرح الفُرات.. يا أمي
لا يوجد إلا عند الأطفال..
لذلك..
خبّأت كثيرا منه
في تراب القلب
لأستعين به في يومي الأسود..!!
…………….
*شاعر من تونس