عن المباريات السيكولوجية لذوات الإنسان

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

قول لابد منه ..

أنا أحب الكتب . وأحب أكثر الكتب التي تحيي  أصحابها .

الكتاب الذي أعرضه لكم ، هو كتاب "مباريات سيكولوجية " لعالم وطبيب النفس الشهير عادل صادق الذي توفي  عام 2004 ، لكن أفكاره  وجهوده  العلمية  ما زلت  شجرة طيبة تؤتي أكلها كل حين بأذن ربها .

“مباريات سيكولوجية ” كتاب  يقدم  تحليلا لهيكل الشخصية الإنسانية ، والحالات الخاصة بها ، ويعرض للعلاقات التي يتبادلها البشر، وأنواع المباريات السيكولوجية التي يلعبها بعض الناس وكيفية التعامل معها..

وإليكم بعض مما  فهمته من الكتاب :

تتكون شخصية الإنسان من ثلاثة أجزاء رئيسية ، أو ثلاث حالات تمثل كل حالة واقعا نفسيا مختلفا عن الأخرى ، ولكن في مجموعها تعطي للشخصية الإنسانية طابعا فريدا مميزا . وهذه الحالات هي: حالة  ذات الوالدية ، وحالة ذات البالغ ، وحالة ذات الطفولة. وهذه  الأجزاء الثلاثة للذات هي المفاتيح الرئيسية لفهم شخصية الإنسان ، وهي التي تحرك تفكير وشعور وسلوك كل إنسان بصورة مستمرة.

تمثل حالة الذات الوالدية .. كل الأشياء السابقة ،  كل العادات والتقاليد والأفكار والمعتقدات والمخاوف والمشاعر  التي اكتسبناها من أسلافنا الذين سبقونا آلاف السنين ، وفي بعض الأحيان يكون سلوك بعض الناس من ذات الوالدية عندهم متحيزا  ومتعصبا وانتقاديا ، وفي أحيان أخرى يكون السلوك أيضا في ذات الوالدية عطوفا ويتسم بالحنان والحماية ، فالذات الوالدية لها وجهان : ذات الوالدية الانتقادية ، وذات الوالدية الراعية .

حالة ذات الطفولة .. هي الحالة التي يتصرف فيها الإنسان بنفس تلقائية الطفل و فطريته التي لم تنصهر بعد في إطار متكيف ‘ إنه سلوك الإنسان الذي   ينحصر اهتمامه في اللذة المباشرة ،  ولا يريد لها تأجيلا ، الذي يغضب ويثور إذا حجبت عنه شيء ، الذي لا تثق فيما يؤديه من عمل ، الذي يظهر حماسا في البداية  ولكن سرعان ما يصيبه الفتور والضجر ويتوقف، الشخص الأناني الذي لا يحب إلا نفسه ، وليس لديه استعداد للتضحية من أجل الآخرين ولو في أبسط الأمور ..

إن الكثير من مشاعر الطفولة سلبية ومعوقة واستمرارها معنا وظهورها على السطح وفي المقدمة يسبب لنا أضرارا كثيرة .

حالة ذات البالغ : لا ترتبط هذه الحالة  ببلوغ سن معينة ، إنما ترتبط بالقدرة على التفكير الرشيد والموضوعي المبني على إدراك الحقائق والربط بين العلاقات وتقدير الاحتمالات قبل اتخاذ أي قرار..

أقوى نصير للإنسان هي ذات البالغ وتقوية ذات البالغ لدينا يجعلها قادرة على أن تعمل بمثابة الحكم الجيد الذي يقف بقوة  وبحزم بين ذات الوالدية وذات الطفولة .

تبدل حالة الإنسان من ذات إلى ذات ومن حالة إلى أخرى ، وتحويل الذات أو التنقل بينها إراديا  من وقت لآخر ومن لحظة لأخرى مفيد وأحيانا يكون ضروريا ، والإنسان الذي يستطيع التحكم في عملية التنقل تكون فرصته أكبر في المواقف التي يتعرض لها وفي علاقاته مع الآخرين .

بعض الأفراد لديهم مشكلة في عملية التحويل ، و هؤلاء توجد لديهم حدود جامدة  تفصل بين بعض حالات الذات ، والأغشية المسامية   تحولت إلى حوائط صلبة نتيجة ميلهم لتفضيل بعض حالات الذات واستعمالها بصفة متكررة .

في حياتنا نتعرض للعديد من المواقف التي تمثل مباريات سيكولوجية يقوم فيها الآخرون بأدوار قد تكون مؤذية ومحبطة لنا من هذه المباريات  مباراة ” أديني قفشتك ” عندما يقع شخص في خطأ وبنقض عليه آخر كالثعبان  ليجعله يعاني من الشعور بالذنب وأنه ليس بخير، مباراة  “وقعت يا جميل” بأن يقوم اللاعب بوضع الطعم (و هو وعد كاذب ووهمي ) أو الحافز للشخص الأخر.. و حينما يلتقط ذلك الأخر ( المسكين) الطعم يقفل عليه المصيدة، ومباريات أخرى عديدة منها يا مظلوم يا أنا ، عسكر وحرامية ،  شوف خليتني أعمل ايه، إيه اللي تتوقعه من واحد في حالتي ..

لعب المباريات السيكولوجية م  تبدأ عند الأفراد من الصغر عند الأطفال، والطفل يلعب هذه المباريات من أجل  الحصول على اعتراف الآخرين به وهو يستمر في لعب هذه المباريات نفسها وهو كبير ليحصل على الاعتراف أيضا .

علينا الاهتمام بإعطاء الاعتراف الايجابي للآخرين ، وكلما اعترفنا بجهود الأخرين ساعدنا على بناء الشخصية الصحية في مجتمعنا وتناقص عدد المباريات التي تلعب من حولنا.

إذا سلمنا القيادة لذات البالغ عندنا ، فإن هذا يساعدنا على تحليل نوع السلوك والمباراة التي نتعرض لها ونوع العائد الذي يريد اللاعب الحصول عليه.

تسليم القيادة للذات البالغة يضمن تحييد الذات الوالدية  الراعية أو الانتقادية  وذات الطفولة   الفطرية أو المتكيفة ، لأن أيا منها تلقائية في انفعالها ويسهل شنكلتها لكن الذات البالغة قادرة على التعامل مع لاعب المبارة بشكل جيد ينتهي عادة بكسر المباراة عليه وهزيمته.

إلى الأمهات  يهمس كتاب ” مباريات سيكولوجية” : الذات الوالدية لديك مسجل لديها العديد من العبارات التي تتردد على ذهنك مثل : “خليكي صبورة ، الأولاد مابتفهمش هي بتعمل ايه..، الحلم سيد الأخلاق ، ربنا يخليكي ليهم ويخليهم ليك…”

والمشاعر التي تنتابك بأنك لا تستطيعين  تحمل كل هذا ، إنك تريدين الهروب ولو حتى لمكان مجهول لا يعرفه أحد لكي تنقذي نفسك من كل ذلك. هذه هي مشاعر ذات الطفولة

لن أفول لك لا تغضبي ، أو لا تشعري بالضيق ، ولكن ذات البالغ لديك تجعلك تتفهمين أهمية مشاعرك ومشاعر أولادك وأنهما جزء من  التكوين الطبيعي الصحي لكليكما ، والأمومة تنطوي على بعض المخاطرة التي تشمل ارتكاب الأخطاء ، وتقديم الاعتذارات وإصلاح ما أفسد والأمهات  القادرات على استعمال ذات البالغ عندهن لديهن المقدرة على معالجة المواقف بحكمة .

إذا كنت عزيزتي الأم غير مرتاحة إلى العبارات التي يرددها أطفالك من حين لأخر نتيجة مشاهدة برامج التلفزيون ، فحاولي أن تقتطعي بعض الوقت لتخصيصه للجلوس مع أطفالك وهم يشاهدون برامج التلفزيون ، حاولي ان تفكري في نوع البرامج التي تساعد على نموهم بشكل صحي وتدعم السلوك الصحي القويم لديهم ، وأوضحي لهم ذلك ، حديثك معهم سيكون جزءا من التسجيلات التي ستصاحب مشاهدتهم لنفس الموقف ، وأنت ستدخلين الذات الوالدية عندهم جنبا إلى جنب مع البرنامج التلفزيوني وستكونين أقوى أثرا لأنك بجوارهم، يشعرون بأنفاسك تدفئهم.

وللآباء  يقول د. عادل صادق: إن مشاكل الحياة اليومية أصبحت أكثر تعقيدا ، لككن ندرك أن هذه المشاكل جزء من الحياة التي يعيشها انسان العصر ، وعلينا أن نضعها في حجمها الطبيعي كواحدة من متغيرات العصر وأطفالنا وأسرتنا أيضا جزء مهم ويجب أن تأخذ حجمها الملائم وسط حياتنا وتفكيرنا ، وحينما نجلس مع أسرتنا نحن لا نحافظ على  ما نمتلكه فقط ، غنما نحافظ على ما سيكون عليه المستقبل ونحن نبني المستقبل بجلوسنا معهم .

إنصاتك عزيزي الأب لما يقوله أطفالك وما يشعرون به من وراء كلماتهم من أروع أساليب  الاعتراف بهم ، إنصاتك يمثل حديثا إليهم ، وكأنما تقول لهم : ” أنا أراكم ، أنا أسمعكم ، أنا أحترم آراءكم ، وأحترمكم وأنت أعز ما أملك .

شجعهم على أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم ، شجع كل واحد . منهم على أن يكلم الآخر في وجهه بدلا من أن يتحدث عنه وكأنه غير موجود.

شجع الأمراء والأميرات على يحلوا مشاكلهم بطريقة ملكية.

يدك على  رءوسهم وأكتافهم ، لها مفعول السحر ، لمسات اليد إلى جانب الكلمات الايجابية تصنع جيلا يرى الحياة بخير ، ويرى نفسه بخير ، ويرى الأخرين بخير .وبهذا نضمن مجتمعا يخلو من لاعبي المباريات السيكولوجية .

إهداء خاص لابد منه :

هذا العرض أهديه إلى صديقاتي ورفيقاتي في الأمومة إلى سيدات  وجميلات الواتس أب،  إيمان ، ياسمين ، دينا ، أميرة ، سوزان ، رحيل ، منال ، رشا ،  ايريني ، هند ..  وغيرهن من الماميز أو  أمهات زميلات ابنتي  مريم  في مدرسة المير دي ديو .. لكل الصبر والصراخ ، لكل الجهد والمحبة، لكل التوهان واليقين …، .. وحدكن تعرفن لماذا أعرض هذا الكتاب . . .

خاتمة لامفر منها:

أيها الأخوان المسلمين أنتم أعيل خلق الله… لماذا ؟  اقرأوا كتاب “مباريات السيكولوجية”  فربما يقودكم بعض من رشد للصواب .

 

مقالات من نفس القسم