عنها

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

(1)

بينما كانت ستةُ أقدامٍ تُهرول أمامها

كانت يدان تفرغان الهواء خلفها

كلما حاوَلت طرد الجاذبية 

وتَركَت شعرها للفضاء

غافلتها الأقدامُ بصوتِ ارتطامها بالأرض

الأقدام الستة

في انتظام حركتها

وشدة انتباهها

ترى القادم بعيون جاحظة

وتلعق الأدران العالقة بالإسفلت بلسان حاد

لتمهد الطريق للقادمة من الخلف

أما اليدان اللتان تمضيان خلفها فكانتا معلقتين على كتفين نحاسيتين

تلمعان كلما 

نقرَ طائرُ قرصَ الشمس

موكبُ مهيبُ تسير فيه

رغماً عنها

وأزياء ملكية تسقط من أعلى فوق رأسها

تُحيط جسدها عنوة

وجوقةٌ موسيقى تظهر في الأفق

يا له من مشهدٍ مهيب

كلما ابتعدَت الكاميرا

ظهرت أطرافه

وبدت أقدام لا تحمل أجساداً

ترقص بِحُرِّية ٍفي استعراضٍ

عبثي 

(2)

هل يعرفُ أحدٌ

 أين كانت تعيش تلك القضبان

 قبل أن تصبح حائلاً

بين واحد من بني الإنس والمطلق

هل يمكن أن يتخيل أحد أنها كانت تحب المطر

 الذي يدغدغها في صباح شتائي. 

أنها كانت تستمع بمشاكسة الأشجار

حين تعايرها بليونتها. 

أنها ذات مرة عشقت نارا.

وبكت عندما فارقتها

وولت منطفئة. 

القضبان المرغمة على أن تكون سجنا

ليست صلدة كما تبدو

بداخِلها نسيمٌ مختنق.

 ومشاعر مكبوتة

فمن ينصت لأنينها

إذا كان السجان يعاملها كأسير

والمسجون يعاملها كقاض فقد رشده 

 (3)

أتعجب من موقف علماءالنفس حيال النحل

كيف لم يتجاسروا لحل مشكلة انطوائه

هذا المكلوم بعزلته التي يعيشها

داخل خلية مزدحمة ومليئة بالفوضى يحيا

يأكل بعضه

ويقتل بعضه

ويتزوج من بني خليته

وعندما يسعى أحدهم إلى الفرار

يطير منزعجا

يغلف طنينه الفضاء

ويطير بلا هوية

كأنه لم يعتد على الأفق اللانهائي

لم نعرف من قبل 

مثلاً

أن نحلةً صادَقَت عصفورا

أو أنَّ أخرى عشقت زرافة

وكأنه اختار أن يعيشَ على الهامش

مكتفياً بتعارفٍ عابرٍ يقضيه مع زهرة 

وبعسلٍ يظنه الآدميون رسالة حب

ولا يدركون أنها استغاثة من 

كائنٍ وحيد

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم