عمر خيرت: حاولت تلحين القرآن لكنى تراجعت

عمر خيرت والبهاء حسين
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

حاوره: البهاء حسين

أصابع عمر خيرت قادرة على أن تهدهد روحك. ما إن ينحنى الرجل لجمهوره على المسرح، ويقعد إلى البيانو، وهالة الضوء تطوق قامته، حتى تأخذ أصابعه طريقها إلى أعماقك مباشرة، وبعد جملة أو جملتين تجد نفسك وقد اعتراك حنين واعترتك سكينة.

الموسيقى وحدها هى التى تُحيلك إلى نغم. تجعل ألمك وفرحك مسموعين. وعمر خيرت، حتى لو وضع موسيقى نشرة الأخبار، قادر على أن يُشبعك. أما حين يتعلق الأمر بالحب، فهو يحرك لوعتك فى كل نقرة، لأن عمر نفسه لم يرو شغفه بعد، بل لعله ما زال يبحث عن نصفه الآخر.

عمر، بأعوامه السبعين، ووجهه الأرستقراطى الهادئ الذى يبدو كأنه حفر بارز على عملة تذكارية، يفرغ روحه فى كل حفلة، ولا ينسى أن يعدى أعضاء فرقته بهذا الشغف. فى موسيقاه ثمة نزوع إلى الإمساك بشىء غامض، هو نفسه لا يعرفه ولا أنت، لكن حين تسمعه تشعر أنك وجدت هذا الشىء، وإن لم تعرف اسمه. شىء ما فى موسيقاه يجعلنا نذهب وراءها إلى حدود البكاء، كأننا نايات ينفخ فيها شجنه وأحزانه.

فى كل ذرة رمل.. فى كل شىء هناك موسيقى صامتة، ودور الفنان أن يجوب صمتنا، أن يجعله رعشة ما أو محطة وصول. وقد وضع خيرت يده على تلك النقطة التى جعلت الشرق والغرب يلتقيان. وكانت عواطفنا هى مسرح هذا اللقاء. ولأنه قليل الكلام رحت أصغى لعينيه. رحت أسأل وتركت أصابعه تتكلم:

* أستاذ عمر..كثيرون، من كل الطبقات، حملونى السلام إليك لما عرفوا أنى سأقابلك. قل لى..كيف دخلت، بالموسيقى فقط، كل بيت وكل قلب؟

– ربنا، سبحانه وتعالى، هو المعطى. أعطانى الموهبة وحب الناس. تلك نعمة ولا بد للإنسان أن يصون النعمة.. أن يعطيها كل وقته وتفكيره وعليه أيضاً أن يذاكر، لأن الموهبة بلا مذاكرة قصيرة العمر.. محدودة

* فى نوفمبر المقبل سوف تكمل عامك السبعين.. معنى كلامك أنك تنظر خلفك فى رضا؟

– راض تماماً. أنا أعتبر نفسى غنياً لأنى أحظى بحب الناس. لم أندم على شىء. كل ما حصل لى جعلنى ما أنا عليه. وسوف أظل أعمل طالما أن عملى يسعد الناس.

* يبدو أنك ” قدرى”؟

– أنا مؤمن بأن ما يختاره الله لى هو الأفضل

* يحدث، ونحن نلهث وراء أنفسنا، أن نهمل أشياء ثم لا نلبث أن نبحث عنها حين نتحقق. أسألك عما سقط منك فى السكة وندمت عليه؟

– البيت.. لم أكن موفقاً فى حياتى الزوجية. ربما لأن تركيزى كله كان فى عملى، لكن من حسن الحظ أنى خرجت من الزواج بالأبوة. عندى عمر وشيرين ولدى منهما أحفاد

* ولو خُيرت، بأثر رجعى، بين السعادة الزوجية والموسيقى؟

– سأختار الموسيقى  

* عبدالوهاب كان يقول: فنى ثم فنى ثم أنا ثم أسرتى..يبدو أن الفنان مستوحد بالفطرة؟

– طبيعة الفنان هى التى تتحكم فيه. لا يد له فى ذلك

* على ذكر الأبوة.. هل علاقتك بأولادك كما كانت بآبائك؟        

– جميلة فى الحالتين..أبى هو الذى جذب انتباهى للموسيقى. كنت أقف بجواره دائماً وهو يعزف على البيانو

* ماذا أخذت منه؟

– القناعة. أقل شىء يرضينى

* ووالدتك.. فيمن وجدتها من زوجاتك؟

– ولا واحدة   

* من يتحمل تبعة الفشل..أنت أم هن أم سوء الحظ؟

– سوء الحظ

* ومن منهن أحببتها أكثر؟

– لا أستطيع أن أجيبك

* وأطول مدة كنت فيها زوجاً؟

– 12 سنة. الباقى 4 سنين فى كل مرة

* عن أى شىء تبحث فى المرأة، لتتزوج خمس مرات؟

– المرأة أجمل مخلوقات الله، لكنها تحب فقط، لدرجة أنها قد تقتل صاحبها، زى الدبة، من شدة الحب، وهذا يعطل الفنان. ربما كنت أبحث عن واحدة تفهم رفيق حياتها بصرف النظر هو بيعمل إيه. أن تتعايش معه دون أن تشكو من الوحدة. لأن الوحدة هى ضريبة الارتباط بفنان. زوجاتى فى الحقيقة لم يقمن بشىء يمكن أن نقول إنه خطأ فادح. كل ما هنالك أنهن لم يحتملن حياتى كفنان

* هل كانت هناك معجبات أزعجنك إلى درجة الخطر؟

– حصل، لكنى كنت أحسم مثل هذه الموضوعات بهدوء، لأن المعجبات هدايا من الله، ولا أسمح لنفسى باستغلال أحد

* ألم تضعف مرة؟

– أضعف بينى وبين نفسى، كأى إنسان، لكنى لا أمارس هذا الضعف مع أحد، مهما يكن حبى له

* ما الذى يبكيك؟

– فقدان عزيز، أو حين أسمع قطعة موسيقية تفوقت فيها على نفسى. وقتها يمكن، من السعادة، أن أبكى

* ما الذى لا يُحتمل فيك؟

– أنا أعمل معظم الوقت، والعمل يتطلب التفرغ، فضلاً عن أننى أحب العزلة. أخرج وأقابل الناس والأصدقاء من حين لآخر، لكنى، فى الأصل، أحب أن أكون وحدى. وكنت أعلن ذلك لكل واحدة قبل ارتباطى بها

* تبدو كمن يفتقد الحب؟

– الحب يأتى وحده، لا يمكنك استدعاءه ولا تحديد موعد له

* ومتى تشعر بالوحدة؟

– عندما لا أعمل، وإن كنت تشعر بالوحدة أكثر كلما تقدمت فى السن، لكن هناك أولادى وأحفادى..هناك الحفلات والجمهور. هذه عائلتى

* وهل تمنحنا الشيخوخة شيئاً فى المقابل؟

– الحكمة التى تكتسبها من التجارب. وهى شىء ثمين يجعلك تعيش بروح مختلفة

* مم تشكو؟

– حصلت لى جلطة فى المخ، لكنى تعافيت منها وغيرت 5 شرايين فى القلب

* وكيف حال قلبك الآن؟

– بخير

* أسألك عن الحب؟

– ( حاول أن يهرب منى بضحكة خجولة، لكنى كررت الكلمة..الحب، فأجاب ) ليس فى قلبى سوى حب الله. أنا فى حالة حب دائمة للإنسان

* لو أن بيدك أن تكون أكثر صحة وأقل موهبة..ماذا كنت تختار؟

– الموهبة طبعاً

* بم تثمن الناس…؟

– ( مقاطعاً كأنه انتهى من هذه المسألة ).. بأخلاقهم

* ألم تتنازل أخلاقياً وأنت تصعد؟

– على الإطلاق. تعلمت من بيتنا، أنا وإخوتى الأربعة، كيف يكون الإنسان عظيماً بقدر أخلاقه

* لكن لا بد لكل موهبة، كما يقول أحدهم، أن تنطوى على قدر من الشر؟

– مش بالضرورة. عن نفسى لا أطيق الشر، ولا أعرفه، لا لأننى رجل فاضل، بل لأن أهلى، قبل ذلك “ناس طيبين”..على باب الله 

* ألم تضطر حتى لكتف قانونى..أو إسفين مثلاً؟

– أبداً، لأنى مقتنع بأن الشرّ يمكن أن يساعدك على النجاح لمدة ساعة، لكنك ستموت  لبقية العمر

* بعد أن أصبحت مطمئناً إلى اسمك..قل لى.. يبدع الإنسان بشكل أفضل عندما يبحث عن اسمه أم عندما يجده؟

– ( بعد تفكير خاطف ) الفنان ينغمس فى فنه دون ترتيب لما قد يحدث. لا تكون هناك خطة. هذا ما حدث معى على الأقل..أعطيت نفسى كلها طواعية للموسيقى، وهى أعطتنى محبة الناس    

* وما مفتاح نجاحك..أين يكمن السر؟

– شوف.. العالم مليء بالمؤلفين الموسيقيين، ولكل منهم شىء يميزه. هذا التميز أو التفرد يكمن فى الشكل الذى تقدم به ما لديك. وكلما كنت صادقاً ومخلصاً فى تقديم هذا الشىء، كلما تعرف عليك الناس من أول جملة.وقتها تصبح لك بصمة.. ملامح تخصك أنت كملامح الوجه، لا يشاركك فيها أحد مهما تشابه معك أو تشبّه بك

* ألم تترك وراءك ما تخجل منه فنياً؟

– إذا كنت تقصد أنى ألفت شيئاً دون المستوى فهذا لم يحدث، لأنى لا أسمح لأى عمل أن يصل إلى أذان الناس إلا إذا خرج من قلبى. تلك طريقتى التى أجس بها رد فعل الجمهور قبل أن يحدث. أتذوق العمل ولا يخرج من يدى إلا إذا أرضانى

* الكمال الفنى..أهو شىء يمكن إدراكه؟

– ( قال بتنهيدة كأنه ينفخ كمده ).. لا

* أم هو دافع عميق يخايلنا فى كل عمل، كأن الكمال نداهة؟

– بالظبط كده..هو إللى بيخليك تفضل تدوّر على أجمل حاجة جواك كل مرة علشان تطلعها

* ما الرابط بين الحياة والأنثى والقطعة الموسيقية؟

– الحياة..أنك موجود، وأنت لا تكون موجوداً بدون الأنثى، ولا تكون إنساناً سوياً من غير موسيقى

* من يدير شئونك المادية؟

– مدير أعمالى..أنا مش شاطر فى البزنيس

* الجمهور.. أهو نقطة قوة أم نقطة ضعف؟

– هو المحرك الذى يعمل له الفنان ألف حساب، يحبه ويخاف منه..هو كل شىء

* لدرجة أن ينزل له ويداعب رغباته؟

– لا طبعاً. قلت لك لا أترك العمل يخرج منى قبل أن أرضى

* ولكى ترضى..لكى تعترف بالعمل وتمرره..لا بد أن حاسة أخرى بداخلك تعمل. كلمنى عن الناقد عمر خيرت؟

– أنا دارس موسيقى، لكنى لم أترك النظريات تقتلنى، بل جعلتها تقوينى..يمكنك أن تقول إننى ” دوبت ” النقد، بحيث لا تحس به كنظرية معرفية، بقدر ما يصلك كذوق ورأى وموقف

* ما الشىء الذى كاد أن يوقف مسيرتك؟

– لم يحدث والحمد لله. كنت أتجنب أى حاجة يمكن أن تعطلنى، غيرت أشياء كثيرة فى حياتى لأستكمل طريقى، غيرت مسيرتى..من طالب فى الكونسيرفتوار والدراسة الأكاديمية إلى عازف جاز ودرامز وفرقة أجنبية.. اتجاهين مختلفين تماماً وهذه النقلة ساعدتنى فيما بعد. جعلتنى ألمّ بموضوعات موسيقية مختلفة وقوالب مختلفة، وجعلتنى أستوعب تراثنا الشرقى..عبدالوهاب، الطويل، السنباطى، الموجى، بليغ، وفى الوقت نفسه أستوعب الغرب. عندما تردّ عمر خيرت إلى ما يتكون منه، لا بد أن ترده إلى هذه العناصر

* لو قلنا، مع بول فاليرى، إن الأسد مجموعة خراف مهضومة يكون هؤلاء إذن هم لحمك وعظامك؟

– بالضبط، تعلمت من هؤلاء العظماء كيف أجد صوتى

* وما حصتك من الأصالة بينهم؟

–  الأصالة أن تكون لك شخصية أو طريقة فى الهضم وأن تنتج شكلاً باسمك

* لولا وفاة عمك أبو بكر خيرت ما كنت تجرأت، فيما أظن، على التمرد؟

– طبعاً. بعد وفاته التحقت بفرقة بيتلز وإلفيس بريسلى، وهو ما كان سيغضبه لو أنه حىً. الأكاديميون يتعالون على هذا النوع من الفن

* ولو كان ابنك موسيقياً وأراد أن يتمرد عليك.. بم تنصحه؟

– أن يدرس أولاً قبل أن يتمرد

* هل تحنّ للشاب الذى كنته؟

– لا، كل مرحلة لها جمالها. لا بد أن تحب نفسك فى اللحظة الراهنة

* ألا تريد استعادته؟

– لا، لأن لتلك المرحلة تكاليف أنا غير قادر على دفعها الآن

* كم حققت مما تريد؟

– سعيد بما حققت، لكنى أريد أن أدخل كل بيت فى العالم كله.. ما زالت لدى أحلام.. أن أظل أعمل طالما أننى حىً

* تريد أن تراكم مزيداً من الأعمال أم أن هناك سقفاً تتمنى تجاوزه؟

– لا أريد أن أقف حتى النهاية

* والتقلبات الحادة.. كيف تعمل بداخلك؟

– أنا شخصية متقلبة المزاج، حساس جداً..أزيد من اللازم وكل ده بيطلع فى الموسيقى   

* ما حصة العاطفة وحصة التفكير فى موسيقاك؟

– العاطفة أكبر

* ومن يتحكم فى الآخر..عقلك أم قلبك؟

– أنا عاطفى، لكن العقل يتدخل أحياناً؟

* والقرارات التى اتخذتها فى غيبة من عقلك؟

– الزواج..

* وبعد ضحك مشترك التفتُ إلى شقته التى ورثها عن عمه أبو بكر خيرت. أكثر ما يأخذ العين فيها أنها حصالة للنغمات.. حصالة عتيقة خاصة مع وجود البيانو الذى يتجاوز عمره الـ 100 عام. ولأنها فى جاردن سيتى فإن المكان، ورائحة البخور، يدعمان إحساسك بالعراقة. ثم عدت أسال.. كم أخذت من حقك. وهو بعد حسرة عابرة قال:

– الجمهور أعطانى حقى

* ورسمياً؟

-………

* إلى أى حد يستطيع الإنسان أن يرضى ربه وجسده وفنه فى وقت واحد؟

– ليس من الصعب أن تحاول، الصعوبة فى أن تنجح

* وماذا عنك؟

– حاولت

* كلمنى عن علاقتك بربك؟

– لا رب لى سواه

* هل سبق لك الشك فى وجوده؟

– أستغفر الله العظيم

– لم يحدث فى أى مرحلة؟

– أبداً

* كيف لمست وجوده؟

– بوجودى أنا شخصياً. كل شىء حولى وبداخلى يؤكد لى أنه موجود، الموسيقى، حواسى، أصابعى، الكون، كل شىء

* تقصد أن الله حقيقة بديهية؟

– مؤكد، ومن لا يؤمن به شخص جاحد أو لا يفكر

* ألم يجل بخاطرك أن الموسيقى حرام؟

– لا، طبعاً. المسألة بالنسبة لى محسومة، وأستغرب جداً عندما أسمع أو أقرأ شيئاً كهذا. هل يمكن أن يدخل الخير والجمال فى نطاق الحرام !

* وما رأيك فى الدعوى التى تزعمها عبدالوهاب بتلحين القرآن؟

– أنا أيضاً حاولت، لكنى لم أفعل، لأن القرآن نازل ” متلحن” أصلاً

* والسور التى تشعر بأن الموسيقى فيها ظاهرة؟

– كله

* من آية زاوية ترى إعجازه؟

– الحقيقة.. هو الحقيقة

* والسورة التى تكثر من قراءتها؟

– يوسف، وسورة مريم

*  ما الذى يعجبك فى عمر خيرت؟

– أن الناس تحبه

* وما عيوبه أو أخطاؤه أو حتى خطاياه؟

– أنا ابن التناقضات.. خجول إلى حد الانطواء أحياناً، مع ذلك ابن نكتة وكنت فى المدرسة آخر شقاوة، ولأننى خجول لا أحب الظهور فى التليفزيون أو ما شابه. أما الأخطاء أو الخطايا فلا عصمة لأحد، إنما الحكاية نسبة وتناسب بين مميزاتك وعيوبك. بين سيئاتك وحسناتك.. وترجح كفة الرضا عندما تكتشف أن ما تفعله من خير أكثر

* متى تشعر أن الله راض عنك؟

– عندما أسعد الناس بالفن، وأسمع أيديهم تصفق. عندما يستوقفنى الناس فى الشارع ليسلموا علىّ  أو يتصورا معى. رضاهم من رضاه

* ما الذى يحرك دوافعك العميقة أكثر..الفرح أم الشجن أم الحزن؟

–  كلهم والشجن بالذات، لأنه بينهما، يجمع الفرح والحزن

* ثمة شجن عارم فى موسيقاك. ما وراءه.. أهو حزن دفين تقطّره فى كل جملة..أم شىء ما زلت تبحث عنه ولا تجده؟

– كل عمل لى يقطع مسافة فى طريق الشجن، لأنه توليفة من كل شىء جربته..التوتر، القلق، الأحلام، الانتظار، الخوف..كل شىء

* ما أكثر الفنون حضوراً فى موسيقاك؟

– الفن التشكيلى 

* والسينما؟

– أنا بحب السينما جداً وهى أعطتنى كل حاجة.. الدخل الذى أعيش منه، والقدرة على تحويل الأحداث إلى موسيقى. زمان لما كان الفيلم الخام يأتينى وأشاهده لأضع له الموسيقى، كنت أخزّن المشاهد والفكرة التى يقولها كل مشهد وأحول كل ذلك إلى نغمات. لهذا تعلمت ” المشهدية ” من السينما.. كيف تحول المشاهد إلى موسيقى والموسيقى إلى مشاهد. عرفت أنه بقدر إحساسك بالمشهد وقدرتك على التعبير الموسيقى عنه، بقدر ما تترك بصمتك على الشاشة، تماماً كالممثل أو المخرج

* ما مواصفات الأذن التى تحب أن تسمعك؟   

– الأذن الذواقة.. التى تقود صاحبها إلى الحفلة

* وماذا عن أكثر المراحل إرهاقاً فى تأليف قطعة موسيقى؟

– الجملة الأولى. أحياناً تأتى دون جهد، وأحياناً تستغرق اليوم بطوله ولا شىء يأتى. كل المراحل مرهقة جسمانياً وذهنياً.. منتهى الإرهاق. مجالنا صعب

* لكل شيخ طريقة فى معاملة الإلهام..فلوبير كان يجلس “إلى منضدة الكتابة كل يوم فى نفس الساعة “. نجيب محفوظ وعبدالوهاب، وكل المرتبين بصرامة يفعلون ذلك. يوسف إدريس، وبليغ حمدى، كانوا يحرقون البخور، انتظاراً لربات الإبداع. وهناك يحيى حقى..كان يمشى، ليقابل الإلهام فى منتصف الطريق. من آية مدرسة أنت؟

– ( بعد تفكير لم يطل ) أمشى نصف الطريق، لأن هذه المسافة كافية لتأمل ما أريد أن أعمل. وساعات تواتينى الخاطرة فى الطريق وأنا ” سايق “، أظل محتفظاً بها إلى أن تسعفنى أصابع البيانو، وساعات تأتينى الجملة حتى وأنا نائم، وأستيقظ وهى ما زالت تطن فى أذنى

* ألا تضع آلة تسجيل بجوار السرير؟

– لا

* يبدو أن جسمك كون ذاكرة بطريقته؟

– بالظبط كده

* وكم تستغرق هذه الجملة فى الزمن؟

– لا تزيد عن 10 ثوانى، لكنها تشكل المادة الخام لعمل مدته ساعة ونصف          

* وعلاقتك بأصابعك..كيف تصفها؟

– هى حياتى

* وأذنك؟

– حبيبتى

* لو أمكن اختصارك فى عضو واحد..أى واحد يصلح لتمثيلك؟

– مخى

* من أى شىء تبدأ التفرس فيمن يكلمك؟

– من كلامه

* هل تتابع الشأن السياسى بتركيز أم فقط لمعرفة ما يجرى؟

– لا بد أن أتابع، ليس إلى حد الانخراط، لكنى أتابع ما يحدث حولى، وأتأثر به

* وما الحوادث التى تؤثر فيك أكثر؟

– حوادث الإرهاب

* ولو دعتك إسرائيل للعزف هناك؟

– لن أذهب

* تحت أى إغراء؟

– لا

* كيف تعاطيت مع الإخوان؟

– شعرت بالقرف وبالخوف على البلد منهم

* ألم يبعثوا لك رسائل أو تحذيرات أو ما شابه؟

– لا، رغم أنى أقمت فى عهدهم حفلات أكثر، كأنى كنت أقاوم الخوف

* ممن تغار؟

– لا أغار من أحد. الغيرة شعور غير إنسانى

* وما أسوأ مخاوفك؟

– ( وحين طال سكوته قلت، كأننى أفكر معه: أن ينصرف الناس عنك..ماذا يحدث لو انصرفوا. كان سارحاً يبحث عن إجابة. وحين انتهيت انتبه فجأة وأجاب بجسمه كله كمن أفاق على زلزال، وراح يتلمس ثغرة ليخرج سالماً من تحت أنقاض السؤال  قال..).. يا خبر أبيض. لن يكون هناك عمر خيرت. أموت فيها، كيف يمكننى أن أعيش بدون حب. حب الناس هو الهواء الذى أتنفسه

* كم تدفع، ليستمر هذا الحب؟

– مستعد لتقديم أقصى ما لدى

* ما الذى بقى من طاقتك؟

– سأظل أعمل طالما أننى قادر على تأليف الموسيقى وإقامة الحفلات

* ما الشىء الذى حققته تماماً، وأسعدك تحقيقه؟

– النجاح إللى أنا فيه ده

* وما انشغالاتك الوجودية التى تريد أن تحولها إلى موسيقى؟

– كثيراً ما تنتابنى فكرة الموت. أننى سأصبح تراباً وأتلاشى

* والفكرة التى تنبض أكثر من غيرها فى كل عمل؟

– الحياة

* والموسيقى المصرية الآن.. فى آية مرحلة هى؟

– نحن نمر بمرحلة انتقالية والموسيقى مرآة تعكس حالة المجتمع كله، لكنى لا أشعر بقلق، فهناك كيان موسيقى اسمه “الكونسيرفتوار” 

* وأزمة السينما؟

– أزمتها فى الإنتاج. المنتج يريد أن يكسب هو لا الفن  

* لأنه جزار؟

– مثلاً

* هل هناك شىء يميز جمهوراً عن آخر؟

– الذوق، والرسالة العظيمة للفن أنه يرتفع بالذوق

* أما زلت بعد هذا العمر من الحفلات تخاف من الجمهور؟

– طبعاً..أخاف ألا أكون عند حسن ظنه بى. أن أخذله

* حوالى 1000حفلة وما زالت رهبة آخر مرة مثل الرهبة الأولى؟

– لم تتغير

* وماذا تفعل لتتفاداها؟

– مهما حاولت، يعنى.. قبل الحفلة لا أتكلم مع أحد، وأكون وحدى وأقرأ الفاتحة والمعوذتين، طلباً للحماية، ورغم ذلك أحس برعشة فى ركبى وأنا أصعد إلى خشبة المسرح   

* قل لى شيئاً تخاف أن يراك الجمهور عليه؟

– أى موقف غير أخلاقى

* الشهرة قيد؟

– بالنسبة لى أمارس حياتى بشكل طبيعى، أتصور مع الناس وأحب هذه الحالة جداً، وأحب الوحدة أيضاً

* ألا تحمل بداخلك بذرة ممثل؟

– لا. يوسف شاهين ألح علىّ، كى أمثل ورفضت

* ما شهادتك عليه..كان طوال الوقت يدشن صورة ذهنية عن نفسه على أنه عبقرى ومنفلت..أهو كذلك؟

– هو عبقرى بالفعل وعظيم

* ما فضيلته الأولى؟

– حبه لفنه لدرجة العشق

* أنت تشاركه هذه الحالة؟

– أنا كده

* وعبدالوهاب؟

– كل فنان ترك أثراً فى الناس كان قربانه هو الشغف العظيم الذى يمارس به فنه

* وعمار الشريعى؟

– أعيد توزيع أغنية له الآن..اسمها ” مش حكاية”

* على ذكر التوزيع..أهو فائض محبة تتبرع بها لأعمال غيرك؟

– هى فعلاً كذلك، وهى علم أيضاً. أنت تريد من الناس أن يسمعوا، بصيغة أخرى، شيئاً سبق أن أحبوه

* وذاتك..هل تطغى على ذات المؤلف؟

– يحدث هذا غصب عنى. يحدث أن يأخذ العمل الأصلى شكلى أنا

* لم تكلمنى عن أعضاء فرقتك..كيف هى علاقتك بهم؟

– يجمعنا حب شديد

* البعض يأخذ على موسيقاك التشابه والتكرار؟

– لا يوجد تكرار، هناك الشكل الثابت الذى أستخدمه، لكن عندما تحلل الجمل الموسيقية لا تجد واحدة تشبه الأخرى

* ما موهبتك الأساسية..دقة الحس أم سرعة التأثر؟

– سرعة التأثر، ولهذا نجحت فى الموسيقى التصويرية والحمد لله

* ونزولاً على رغبة زميلى المصور توجه العازف إلى آلته. وبينما أحمل جهاز التسجيل فكرت..من منهما استعار أصابع الآخر وأعطاه سرّه.. البيانو أم عمر خيرت، ثم التفت إليه وسألته..عرّف لى البيانو؟

– أخى الكبير، روحى فى أصابعه

* ماذا كنت ستفقد لولاه؟

– كنت سأفقد اسمى. البيانو أعطانى كل ما أملك

* ألم تتصور نفسك شخصاً آخر..مخرج سينما مثلاً؟

– ابنى دارس إخراج، لكنى لا أصلح إلا للموسيقى..لا أتخيل نفسى بدون البيانو 

* الصمت أهو موسيقى أم سكوت؟

– الصمت لغة..موسيقى

* من مثلك الأعلى؟

– أبو بكر خيرت

* وعالمياً؟

– بيتهوفن

* وما الذى تشعر أن الله ميزك به عن بقية خلقه؟

– لا أعرف

* والشىء الذى تشعر أنك كنت محظوظاً فيه؟

– أنى ولدتُ فى بيت طيب

* هل تخاف أن تنتهى حفلة الحياة..أسألك عن الموت بعد عمر طويل؟

– لا أخاف من الموت، أخاف العجز. وقد جربته، جلطة المخ تركت أثرها على يدى اليمنى، لكن قدر ولطف

* قل لى صحيح.. هل تخيلت الجنة؟

– الجنة الحقيقية هى رضا الله

* لنعد إلى الجلطة.. لم حصلت.. إرهاق أم تفكير أم خيبة أمل؟

– إرهاق.. ضغط شغل. أحياناً كنت أواصل السهر ليومين أو ثلاثة، دون نوم، لوضع موسيقى فيلم أو أى عمل آخر

* ألا تتعاطى آية مكيفات؟

– باستثناء السجاير، إدمانى الوحيد هو الموسيقى  

* بأى عمل تحب أن تذكر بعد عمر طويل؟

– بالخير

* ولو اخترت عملاً فنياً؟

– كل شغلى، لأن كل عمل خرج بعد تعب

* ما أول ما يخطر على بالك عندما تصحو من النوم؟

– أحمد الله على اليوم الجديد أو الهبة التى منحها لى وأمارس طقوسى المعتادة. عصير البرتقال، الشاى مع بسكوتتين وآخذ 6 أدوية.. للضغط والسكر والسيولة + حبتين بالليل، وبينهما أعمل.

* ما أكثر شخصية ترددت على أحلام يقظتك؟

– ليست لى أحلام يقظة أصلاً

* أنت واقعى لهذه الدرجة؟

– لا، أنا رومانتيكى جداً

* تتمتع إذن بحساسية مفرطة؟

– جداً

* معنى ذلك أن العزلة طعام مثالى لك؟

– لم أصل إلى هذه الدرجة، لكنى لم أعد ذلك الشخص الذى يهيم على وجهه

* ألم يراودك الغرور؟

– بالمرة.. التربية هى الأصل الذى يوجه سلوك أى إنسان. نحن 5 إخوة تربينا جميعاً على أننا سواسية، حتى لو كان أبى يفضل شخصاً على غيره لم نكن نحسها. لم أعتقد أبداً أننى أفضل من أى شخص أقابله..لماذا أعتقد ذلك !

* أنت عبقرى أم محظوظ؟

– أترك الإجابة لك ولقرائك

* وما الشىء الذى تثمن حظك السعيد فيه؟

– الصحة، رغم كل شىء. ما زلت قادراً على أن أعمل

* كم عملية أجريت يا أستاذ عمر؟

– عمليتين فى الكلى لاستخراج حصوات. وعمليتين فى القلب..تركيب دعامات وتغيير شرايين، وواحدة فتاق وعملية الجلطة

* يبدو أن نجاحك تم خصمه من سعادتك الزوجية ومن بدنك؟

– مع ذلك أنا راض كل الرضا. ليس لدى ما أشكو منه

* بم كنت تحلم وأنت صغير؟

– أن أكون مثل عمى أبو بكر خيرت. لم أحلم بالشهرة، لكن الموسيقى كانت طوال الوقت هى الطرف الثانى فى حلمى

* فى آية مواد كنت متفوقاً دراسياً؟

– فى الموسيقى طبعاً وباقى المواد تستوى عندى. المهم أن أنجح

* لمن تغنى؟

– لا أغنى، إلا إذا كنت أؤلف خاطرة

* ماذا تحترم فى عمر خيرت؟

– ما لوش طلبات               

* ما أعظم مفاجأة حصلت لك؟

– لا شىء يفاجئنى، لأننى على يقين من أن الله يكافىء الإخلاص. ولذلك ينتفى عنصر المفاجأة عند حصول الشىء ويحل محله الفرح. هذا ما أقابل به كل نجاح أو تكريم يحدث لى

* هناك مسحة تصوف ثابتة كأنها خلفية لحياتك وكل شىء يتحرك عليها؟

– ربما كانت هناك مسحة كما تقول بداخلى، لكنى لا أعرف حتى ماذا يفعل الإنسان ليكون متصوفاً أو ماذا يفعل الصوفى نفسه

* هذه الحالة ترجمتها فى ” الخواجة عبدالقادر “؟

– بالضبط

* كم مرة ذهبت إلى الحج؟

– مرة وعملت عمرتين

* بم شعرت هناك؟

– بكيت عندما رأيت الكعبة لأول مرة..انخرطت فى بكاء شديد

* وماذا قلت لسيدنا محمد؟

– ليس أكثر من الدموع والذهول.. كيف استطاع، صلى الله عليه وسلم، وهو رجل أعزل، أن يفعل كل ذلك وحده 

* قل لى..أنت متفائل بطبيعتك؟

– نعم.. ولدى تلك الحاسة..أن أحدس بالشىء قبل وقوعه. كثيراً ما رفضت أشياء لم أكن مرتاحاً لها والأحداث أكدت ظنى

* ما مفهومك عن السعادة؟

– أن تقنع بما لديك ولا تتطلع لما هو أكثر منه

* ما المبادئ التى حكمتك منذ البداية؟

– الوصايا العشر..لا تكذب، لا تسرق..إلخ

* وما دور الحظ فى نجاحك؟

– له دور طبعاً..خذ مجال السينما مثلاً، فاتن حمامة هى التى أدخلتنى إليه من حسن الحظ، وكانت قد استمعت لى فى إحدى الحفلات بالصدفة، وعندما بدأت ” ليلة القبض على فاطمة ” طلبت منى موسيقى تصويرية له. كانت نقطة البداية  

* وما السفر؟

– أنك تنشر الحب فى بقعة جديدة

* والبلد الذى تكن له مشاعر خاصة؟

– إنجلترا

* جمهورك فى الخارج أهو قاصر على الجاليات العربية؟

– هناك أجانب وردود أفعالهم جميلة. كثيرون كتبوا عنى بإعجاب

* كتبوا عنك بلسان حال من رُدتْ إليه بضاعته أم من ذهبت إليه بضاعتنا؟

– كتبوا عن بضاعتنا التى ذهبت إليهم بالطريقة التى يفهمونها. هذا ما حاوله أبو بكر خيرت وأكملته أنا.. كيف تصل موسيقانا إلى العالم

* كم قطعت فى هذا الشوط يا أستاذ عمر؟

– قضيت عمرى كله. لا تنس أننى بدأت أصل للناس فى سن كبيرة نسبياً.. فى أوائل الثمانينيات

* ما الحب؟

– هو الرضا

* كم مرة وقعت فيه؟

– كتير

* وآية تجربة عاشت معك؟

– الحب الأول

* فيم تشعر بالسعادة أكثر.. الفن أم المال أم الشهرة؟

– مع الفن

* وما الحقيقة..ماذا تمثل لك؟

– الله

* والشك والإيمان؟

– الإيمان هو الجانب الذى يجب أن نكون فيه. الشك مرير

* هل تذوقته؟

– وأنا صغير. فى بداية المشوار، رأيت طريق الموسيقى طويلاً وشككت فى قدرتى على استكماله، لكنى تراجعت. الشك بكل أنواعه جرثومة دخيلة على فطرة الإنسان

* هل تعتقد أن الموسيقى هى المفتاح الأصلى لفك شفرة الكون، إذا فسرناه مع الفيثاغورثيين بأنه عدد ونغم؟

–  هى فعلاً مفتاح الكون

* إذا كانت ثورة الموسيقى تبدأ من عند الدرامز..من أين بدأت ثورة الموسيقار؟

– بداية التأليف هى بداية ثورتى. كنت فى العشرينيات من عمرى، عضو فرقة نعزف الجاز وبقية اللون الغربى، لكنى تركت ذلك وراء ظهرى وعدت للكونسيرفتوار

* عرف لى هذه الكلمات..النغمة؟

– الروح

* النجاح؟

– ثمرة التعب

* الفشل؟

– عدو ينتظر على جانبى الطريق

* الحفلة؟

– الحب

* كيف هى حصة مدارسنا من الموسيقى؟

– صفر. أنا دخلت الأورمان النموذجية الثانوية لأننى أحرزت بطولة الجمهورية فى البيانو، قبلونى بسبب التفوق فى الموسيقى. كانت هناك حصة موسيقى ومدرسون، والآن لم يعد فى مدارسنا شىء من هذا. كل مشاكلنا يكمن حلها فى التعليم

* ما وجه الشبه بين ثورة الموسيقى وثورة الشعوب؟

– الموسيقى توثق ثورات الشعوب

* فى أى شىء تجد نفسك أكثر..مع التأليف الموسيقى أم التوزيع؟

– التأليف. المؤلف يمكنه عمل المهارات الأخرى

* ما العقبات التى واجهتك وأنت تحاول الجمع بين الشرق والغرب فى لحن واحد؟

– لم تكن عقبات، بل كانت متعة أن تزاوج بين انتمائك لبلدك وما أنت مدين به للغرب  

* ما الذى تستهدفه أولاً..أن تثير انفعال المتلقى أم خياله أم تفكيره؟

– لا تكون لديك خريطة توزع عليها الأهداف. ما يحدث أن العمل يؤثر على كل المراكز فى المتلقى إذا استشف صدقه. حين تخرج الجملة من قلبك، سوف تلمس قلبه

* يحدث أن تنهى اللحن على نحو مغاير لما خططت؟

– كتير جداً. بالذات فى الحفلات

* قد تضيف جملاً كاملة مثلاً؟

– وربما أكثر لكسر الملل، لأن هناك من يدخلون كل الحفلات، فيحدث أن نعزف اللحن القديم كل مرة بشكل مختلف

* وربما لأنك أنت نفسك ملول؟

– أنا ملول بالفعل، والارتجال أثناء الحفلة يجعلنى أحس كأنى أقوم بعمل جديد

* هل تحصل من الجمهور على تلك الأحاسيس التى تشعر بها وأنت تؤلف؟

– هى دى الجايزة

* الأجيال المقبلة كيف ستحكم علينا؟

– أغانى المهرجانات وغيرها من الأغانى الدارجة والهابطة كلها أشياء لا تعيش. تظهر وتختفى بسرعة. أما الموسيقى التى تشكل وجدان الناس فهى تعيش ولا تحتاج لحكم

* ما الآلة التى تشعر أنها تعبر عن روح مصر؟

– الناى

* متى يتحول المستمع إلى شريك معك فى العمل؟

– بعد التأليف.. بعد وصول العمل إليه

* ما الذى يمكن أن يدلى به عمر خيرت عن الموسيقى بعد عشرة 60 سنة معها؟

– الصدق والله هو كل شىء. ألا تذهب للتأليف إلا بعد أن تمتلىء بالعمل وتشعر أنه سيخرج هو الآخر ممتلئاً بك

* إلى أى حد جرّدتْ التكنولوجيا العمل الفنى من تلقائيته..أم لأن هذه طبيعتها.. تكتيك أصم يجعل الموسيقى مجرد أصوات آلية؟

– ما يحدث أن التكنولوجيا يمكن لها أن تتدخل فى جوهر الموسيقى بالنسبة لمن لا يملكون موهبة الإبداع أو الخلق، يمكنها فى هذه الحالة أن تساعد على إنتاج موسيقى لا يمكنك أن تعرف ماهيتها. بالنسبة لى تساعدنى التكنولوجيا فى اختصار الوقت، فى كتابة النوتة بشكل أسرع، فى أن أعيد الاستماع لعمل أنجزته..إلخ

* كلمنى عن بصمة سيد درويش؟

– أصلية

* عبدالوهاب؟

– محمد عبدالوهاب طور الموسيقى المصرية بعد سيد درويش وبدأ يعمل ما أقوم به الآن ولكن فى خط لحنى واحد، ولذلك كان يستعين بموزع. عبدالوهاب كان لديه الفكر والذكاء، لكنى أكثر حظاً منه لأنى نشأت فى حضن الكونسيرفتوار. رحمه الله.. كثيراً ما كان يتصل بى يهنينى على عمل شاهده فى التليفزيون أو سمعه فى الراديو. كنت أظن فى البداية أن شخصاً ينتحل اسمه أو يقلد صوته. كانت اتصالاته هو ومحمود الشريف أشبه بجائزة

* رياض السنباطى؟

– عظيم

* بليغ حمدى؟

– عظيم

* الموجى؟

– عظيم

* محمد فوزى؟

– يا ساتر

* عمار الشريعى؟

– هايل

* رمزى يسى؟

– يا سلام

* مصطفى ناجى؟

– يا سلام

* ياسر عبدالرحمن؟

– كويس جداً

* ولأن بداهته تقيس كل شىء بسرعة ودقة ابتسمت عقب جملته هذه.. كويس جداً، وكى لا تتحول الابتسامة إلى علامة استفهام عن ياسر عدت أسأل عمر عن نفسه..عدوانى أنت..حساسيتك المفرطة هذه يمكن أن تأخذ أحياناً شكل انفجار؟

– كثيراً ما يحدث لى ذلك ولكن إلى الداخل، أظل أجترّ الغضب وأكتم فى نفسى، حتى لا أنفجر فى وجه أحد

* مؤكد أن كل عمل قمت به كان محطة.. قسم لى حياتك محطات؟

– ليلة القبض على فاطمة، غوايش، اليوم السادس، بانوراما حرب أكتوبر سنة 1989، رابسودية عربية، والمسلسلات.. كل مسلسل محطة

* والأشخاص الذين كانوا نقاط تحول بالنسبة لك؟

– أبى، أبو بكر خيرت، فاتن حمامة

* ما الفيلم الذى أرهقك أكثر من غيره؟

– الجزيرة بجزئيه، لكنه إرهاق ممتع، و” سكوت هنصور” ” السفارة فى العمارة” ” ولاد العم “. بص كل الأفلام متعبة، لكنى أستمتع بهذا التعب

* على ذكر فيلم السفارة..كيف ترى تجربة عادل إمام؟

– صنع طفرة فى السينما    

* ويحيى الفخرانى؟

– عظيم. تجربة الخواجة عبدالقادر كانت مذهلة

* ومن المخرجين.. من المفضل؟

– يوسف شاهين رحمه الله وشريف عرفة 

* الموسيقى.. أهى زمن مسموع..لم تكتفى بذاتها؟

– هى زمن ونغم..الزمن فى صلب الموضوع، لكن الموسيقى أصعب الفنون قاطبة وأكثرها تأثيراً على البشر، لأنها خطاب إلى الروح

* هل هناك موسيقى ضارة؟

–  نعم هناك موسيقى قد تؤثر فيك بالسلب لدرجة العصبية والاكتئاب حتى

* ما الذى يجعل للموسيقى روحاً؟

– أنت نفسك.. بتأثيرها فيك حين تصعد بروحك إلى الأعالى

* سؤال قديم أريد أن أحدثه.. هل ينبغى أن يكون الفن للفن أم للمجتمع؟

– لن يكون الفن للمجتمع إلا إذا كان، قبل ذلك، للفن.. بمعنى أن تعبر به عن نفسك دون إملاءات ودون قيود، ساعتها..حين ترضى ذائقتك سوف يكون للناس ويصل إليهم، لكنك لا تؤلف شيئاً وفى ذهنك فكرة أيديولوجية معينة يريد منك أحدهم أن تخدّم عليها.. حين يكون الفن للفن يكون أيضاً من أجل الناس

* ما التطورات التى استوعبتها لتصل إلى شكلك؟

–  كل التطورات تحصل على مدى العمر بدون تفكير.. من الطفولة إلى الشيخوخة. كل التجارب التى تضعك فيها الظروف تسهم فى العثور على شكلك، بل فى تكوينك 

* ما خلاصة مشوارك فى الحياة؟

– الإخلاص يصل للناس. وأشكر الله.. كان كل ما اختاره لى نعمة، حتى الأشياء التى عاملتها على أنها مصيبة كانت نعمة. أنا عاجز عن شكره.

 

مقالات من نفس القسم