طارق هاشم
صفية لم تنم منذ أسبوعين تقريباً
ترى من صادر النوم
من عينيها البسيطتين
ثمة من يحاول أن يشرح ما حل بها
دون الوقوع في خطأ قد يحمّله حياته
الحكاية لم تكن في متناول كثيرين
الشهود الحقيقيون لم يحل لهم
أن يقصوا القصة بحذافيرها
ربما أخفوا الأسماء الحقيقية التي كانت
وراء كل هذه البشاعة
فقط اكتفوا بالأحرف الأولى
من أسماء الجناة
فصفية في النهاية لا تعنيهم إلى هذه الدرجة
درجة أن يخوضوا حربا خاسرة لأجلها
لذا اعتبروا إدلاءهم بالحروف الأولى للجناة
كرما لابد أن يحمدوا عليه
صاحب المقهى الذي شاهد الحادث
حين واجهوه أنكر
وقال إن لديه أبناء يريد أن يربيهم
الواقف في كشك السجائر لم يهتم
كل ما كان يشغله منذ قدم من قريته
أن يصبح غنيا كبطل قصة خادم الكنيسة لسومرست موم
صاحبة المطعم المجاور للمقهى الذي شهد الجريمة
قالت إنها كانت مشغولة بزبائنها القدامى
لم يرد أحد أن يدلي بأقوال قد تخفف آلام صفية الكبيرة
صديقي المصور الطيب وحده كان يبكي في ركن بعيد
دون أن ينتبه إليه المحققون
المحققون الذين قد يكونوا الأقرب
إلى الخيال الدرامي في الحكاية
الجميع هنا على أمل
أن يخرج من بين الحاضرين من يمكنه
الثأر لدموع صفية
من باستطاعته أن يحل اللغز
أن يروي الحكاية بعيدا عن المؤلف
فالمؤلفون عادة ما يخرجون عن النص
لعلاقتهم الحميمية بالخيال
لذا وجب علينا أن ننتظر شاهدا
من الذين شاهدوا الواقعة
الواقعة التي حولت صفية
من نجمة تعرفها مسارح المدينة
إلى غيمة زاحفة ابتلعتها الأرض
كالبرق سيخرج أحدهم عن صمته
ليردد أن الحادث أبشع من أن يروى
وقد تجدون ذلك في عين الضحية
لقد قتلت صفية بدم بارد
لا يغرنكم أنها ما زالت تهز ذيلها
لا تخدعكم دموعها النازفة
صوتها
أنينها الجاف
حزنها الشارد
نظرتها الباهتة
كل هذا ما هو إلا بدعة
كذبة تاريخية
أن الجناة ضربوا عصفورين بحجر واحد
في اليوم الذي قتلوا فيه أبناءها الستة
لم تعد صفية تنام إلا زاحفة
إن أقل توصيف للجريمة
هو القتل العمد
قتل صفية
كلبتنا الطيبة
التي غادرتها الحياة
كما غادرتنا
في ذلك المقهى الصغير
الذي لم ير دموعها
حين وضع الجناة السم لصغارها
ذات صباح حزين