صرخةُ النهارِ الواسعة

khaled abo alela
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

خالد أبو العلا

نُصلّي،

ليس للغائبين فقط،

بل لتلك الحجارةِ الصغيرةِ

التي ظلّتْ وحدَها

تتذكّرُ خطى الذين رحلوا

بينما يكتبُ الليلُ أسماءَنا

في دفترِ النسيانِ

كما يكتبُ الماءُ سِيرةَ الصخور.

 

نحملُ أرضَنا في شفراتِ أسمائنا المستعارة،

ونمدّ صلاةً

لأيتامِ الحجارةِ

الذين دونَهم

يسقطُ المعنى في تِيهِ فراغِه.

 

لغةٌ مُتعَبةٌ

تراوغُنا حروفُها الأعجميةُ

تجرُّ صليبَها إلى مُعجمٍ

لا يسمعُ ولا يُبصرُ

توسُّلاتِ الحجارةِ اليتيمةِ

التي بقيتْ تحرسُ ظِلَّ آبائِنا

بعد أن غادرتْهم أسماؤهم.

 

نمشي…

وفي أكفانِ الغُربةِ أجسادُنا

وقُرى قديمةٌ أدركَها النومُ

فنامتْ

وحقولُ زمنٍ خؤونٍ لم يعترفْ بنا،

وسيلٌ

يجرفُنا إلى أعلى جبالِ الحنينِ

حتى نظنّ أننا

في أوديةِ اللقاءِ نهبط.

 

نُصلّي…

لا للغائبين

بل لما تبقّى مِنَّا عالقًا

في حنجرةِ الأرضِ المُقدَّسةِ

واللغةُ على شفاهِنا

مَحضُ خدوشٍ بسيطةٍ،

تكفي لتذكيرِنا

أننا لم نغِبْ بَعد.

 

نمشي

وفي جيوبِنا المُهترئةِ

حلمٌ حزينٌ

أخفّ من أن نُمسكَهُ بيدٍ واحدةٍ

وقطعٌ صغيرةٌ مُدبَّبةٌ من الغيابِ،

لا تؤلمُ،

لكنها لا تزول.

 

بحجمِ خُطوةٍ صغيرةٍ

ـ لا تُخيفُ أحدًا ـ

سنتقدمُ نحو ثرثرةِ الغُرباءِ الفارغةِ

نبني لنا رُكنًا

من صمتِ هواءٍ ساكنٍ مُطمئِنٍّ،

نضعُ فيه اللغةَ لتستريحَ

ونعلّقُ على ناصية حروفِها المُقطَّعةِ

صرخةَ النهارِ الواسعة.

 

نمشي،

والغربةُ دمعتان حارتان

مختبئتان في جيب المعطف،

والغياب موصول بأرواحنا

ينسى اسمه أحيانًا

ونتذكره كثيرًا.

 

 

 

 

مقالات من نفس القسم