عبد الوهاب الشيخ
الغَرِيب
ناهِضَاً في حُجْرةٍ غريبة
تتفقّدُ أعضاءَك
فلا تجدها..
تفتّشُ في سلّة
تبحثُ عنها في خزانةٍ عتيقة
داخلَ صندوقٍ صغير
محلَّى بالصَدَف
تدخلُ المرايا
وتخرجُ منها
تتحسَّس الهواء
تقلبُ الزمنَ
باطنَهُ / ظاهرَه..
……………
……………
وما مِنْ فائِدة!
أَترُكُ يَدِي..
أَتركُ يدِي
لاجْترَاحِ الأَلم
لبَسْط أَشرعة الأَيام فوق
مَهاوي الحيرة
أَتركُ يدي
لدَفَّة المجهول
لرعْشَته الخفيَّة
فوق دروب الخَطَأ والصواب
لدَفْتَر أَشعاري
وخُطَى المسيح الوَانية
على طريق الربّ
أَتركُ يدي
ضَئيلةً
مَخْذولةً
خاويَة..
تعزفُ ألحانَها الرتيبة
بقُدْرَةٍ عجيبةٍ على النسيان
كأنها الحظّ
أو رغبةُ الملاحين
في الوصول
أَتركُ يدي في يَدِ الريح
ومعها أَمضي..
أَنْ تَظَلّ هَكَذا..!
كَمْ جميلٌ
أَنْ تظلَّ هكذا..!
كفَلَكٍ يدورُ
أو يرقص
كطائرٍ لا يكفّ
عن نَقْر قَفَصِه
كبارجةٍ
تَلْبِطُ الماء
بقوةٍ ورِقَّة
في آنٍ معاً..
بالعاطفةِ ذاتها!
عَلَى طَرِيق الجَلْجَثَة..
كأنكَ تسْتَطيبُ مُمَاحَكَة
الظلّ
بعد أن درَّبكَ الوقت
على الدَوَران
والوقوف
حيث يُمكنك رُؤْيَة الماضي
في صورة بستانيٍّ
يسقي أخطاءَك
من إِبريقٍ بحجم غَفْلتك
وحيث يُمكنكَ
جَرْجَرَة أَحلامك
على طريق الجَلْجَثَة
والصعود
على هيئةِ طائرٍ
كلُّ ما لديه
من براعةٍ وخِفَّة
لا يؤهِّلُهُ لعبور
بِرْكَة الزمن
التي وقَفْت مُحَدِّقاً
فيها..
شَأْنَ رامبو..
لا تفْرَحْ بالشعر
كَطِفْل
فَتَحْمِلُه فوق كتفَيْك
كعجوز سنْدبَاد
في الليالي..
اعصرْ له الخمْرَ
في حُفْرةٍ
صغيرة
واسقِهِ منها
فإذا ما سَكِرَ
وارتخَتْ أَوْصَالُه..
ألْقِ به على الأرض
وسِرْ
خفيفاً
كلُّ مَا قَال..
كلُّ ما قالَهُ
عن الطيرِ والماء
وعن هاماتٍ
أَلْبَسَها الوقتُ شارةَ
الزوال..
عن أَصابع
تحرَّكتْ فَحَسْب
لتمسحَ على رءوس
الجالسين
على أَريكةٍ
وأَمامَهم
تشتعلُ أَحقادُهم
كلُّ ما قالَهُ
ثم جاءتْ الريح
فمَسَحَتْ ذَرْوَهُ
من فوق العصائبِ
والأَكمام..
وجاء الماء
فغَسَّل موضعَه
ومن بعدِهِ
أَقْبَلَ الهواء
كلُّ ما قالَهُ..
كان قد أَودَعَهُ
زاويةً صغيرةً
من نفسه
وانتظرَ
وانتظر..
أَكثرَ عُزْلةً
من صخرةٍ
على مُنْحَدَر