سقيا لصباحات “الحرية”!

سقيا لصباحات "الحرية"!
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أحمد فاروق

تعرفت إلى ياسر عبداللطيف في فترة أظنها ذهبية في حياتنا، فترة الترانزيت ما بين التخرج من الجامعة والدخول إلى معترك الحياة بمعناه المادي الملموس. لم نكن انتظمنا في أعمال حقيقية، كنت أعمل في في هيئة الاستعلامات أيام كانت في قلب المدينة بشارع طلعت حرب وكان ياسر يعمل مع إبراهيم منصور الكبير في مجلة الهلال ومقهى الحرية كان نقطة انطلاق ل"رجل حرة" في أرجاء وسط المدينة حيث نتنقل بين مقاه في زواياها الخفية يعرفها ياسر جيدا، بعيدا عن الضجيج الثقافي الذي كان يميز تلك الفترة.

هذا الفراغ المكين كنا نملؤه بأحاديثنا الخاصة عن الأدب، وكان لذاكرة ياسر الثقافية دور مهم في إثراء هذه الأحاديث، فهو ينجح دائما في إبراز جماليات مشاهد روائية بصورة لا تجعلك تنساها وحينما تقرأ مثلا رواية يوكيو ميشيما “يوميات قناع” ستفكر في مشهد الوظف والختم كما رواه ياسر. هذه الذاكرة لها دور محوري في إبداع ياسر عبداللطيف الأدبي، فهذا المزيج الخاص الذي يخلقه من إعادة تركيب الأسطوري أو التراثي في لحظة آنية أو مزج الحلم أو ذكرى الطفولة باللحظة الحاضرة هو ما يكسب كتاباته طزاجة غير عادية، طزاجة آتية من تلافيف تلك الذاكرة العجيبة التي ترصد بوعي تحولات الضاحية ووسط المدينة عبر عقود مرت بنا سهوا. هذه الذاكرة لا تزال دؤوبة أيضا في الغرب الكندي، حيث يقيم الآن.

ما تبقى من آثار فترة التسكع “الذهبية” إذا التقينا في القاهرة هو اللقاء نهار الجمعة في مقهى “الحرية” حيث يفرغ المقهى من رواده إلا قليلا، ويبقى لنا صفاء يوم الراحة، فسقيا لصباحات “الحرية”.

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم