سعد الدين إبراهيم: مبارك لم يكن يحب هيكل

سعد الدين إبراهيم
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

حاوره: البهاء حسين

لا أعرف.. بم يشعر الدكتور سعد الدين إبراهيم، حين يصحو كل صباح على اسمه وقد لوثته الاتهامات، بالحق أو بالباطل، حتى أصبح الاسم فى حد ذاته ” تهمة “، وأصبح مركزه (ابن خلدون بالمقطم) علامة استفهام من ثلاثة طوابق. لقد صار الرجل واسمه ومركزه جزيرة لا جسور تربطها سوى بالشاطئ الغربي.

ما يربطه بنا هو هذا الجدل يتناثر وراءه، كأنه حبات رمل تدل على اتجاهه فى كل خطوة.

وفى الآونة الأخيرة أطلّ علينا إبراهيم بوجه آخر، مثير أيضا، هو وجه الشاهد، حيث تولى الكشف عن أسرار جرت بين سوزان مبارك وواشنطن.. دموع وتوسلات رشحت من أسلاك الهاتف، و”تصادف” أن إبراهيم كان على الجانب الآخر من الخط. هناك فى غرفة العمليات بالبيت الأبيض، يسمع تلميذته وهى تطلب، ممن لا يملك، شيئاً لا تستحقه.

ولا أخفى أن هذه الأسرار كانت وراء حوارى معه. غير أن الهدف البعيد هو أن أضع يدى على رأى إبراهيم فى نفسه، ولهذا سألته: هل أنت عميل أم مفكر مضطهد؟ ثم رحت أصغى له:

– مفكر مضطهد، لأن المحكمة حققت فى مسألة العمالة ولم تجد شيئاً

* إلى أى حد اقتربت من مبارك بحيث تفهم دوافعه العميقة؟

– لا أستطيع القول بأننى فهمت دوافعه العميقة، لكن فهمت بقدر ما اقتربت منه فى السنوات الـ 10 الأولى من حكمه، وقد جمعتنى به فى هذه الفترة لقاءات عديدة، ثم فى السنوات الـ 10 الثانية التى تباعدت فيها أنا، أما السنوات الـ 10 الأخيرة فقد سجننى فيها. على كل بدأت علاقتنا تسوء حينما اتضح لى أنه طمع فى الحكم للمرة الثانية، ثم للمرة الثالثة. هنا حصلت القطيعة

* هل تعتقد أن القبض عليك، كان بترتيب منه؟

– قبض علىّ فى اليوم الذى نشرت فيه مقال: ” الجملوكية ” عن التوريث، نشر المقال ظهر الجمعة 30 يونيو 2000، وألقى القبض علىً فى اليوم نفسه، بعد منتصف الليل

* وماذا عن سوزان. لا بد أنك اقتربت منها أكثر، بحكم أنها تلميذتك؟

– هى كانت تتصل بى أكثر. وفى السنوات الأخيرة كانت تقول: أرجوكم ساعدوا جمال

* أى نوع من المساعدة؟

– كانت تقصد الترويج له

* هل كلمتها صراحة فى موضوع التوريث هذا؟

– كل ما قيل: ساعدوا جمال

* ألم تعرض عليك أى منصب؟

– هُددت بأن أصبح وزيراً. مبارك كان يقول لى: “والله أعملك وزير، علشان يتخفس بمرتبك الأرض”. ” آل يعنى الوزير بياخد مرتب أقل”، ربما كان يقصد المرتب المكتوب على الورق !

* وكيف كان ردك؟

– قلت له: يا ريس هذه المسألة لا تشغلنى، ليست أمنية بالنسبة لى، ومرتبى فى الخارج أكثر مما أتقاضاه فى مصر بـ 10 مرات. فقال لى: ما بناخدش منكم غير كلام المثقفين ده !

* لم يكن يطيق المثقفين؟

–  بهزة رأس يميناً وشمالاً).. تسأ ( لا )

* وهو.. هل كان مثقفاً؟

– كان سطحياً

* أى نوع من المشاعر كان يكنها لك؟

– كان يشكو دائماً من سفرى الكثير وكلامى الكثير، يقصد النقد. وحين قرأ مقالة ” الجملوكية ” دخل على سوزان، طبقاً للمستشارين القريبين جداً منه، وأحدهما مريض الآن

* أسامة الباز؟

– بالضبط. دخل عليها وقال: تفضلى شوفى أستاذك كاتب إيه، شوية وهيطلع لنا من تحت السرير. هكذا كانت مشاعره تجاهى..عدوانية

* أقصد مشاعرك أنت تجاهه. ما الذى أثاره فيك؟

– مبارك موظف بدرجة رئيس جمهورية. زعيم بالصدفة، شعرت لما رأيته أنه سيقزم مصر، وقد حدث. كان دائماً ما يردد: ما تقوليش مشاريع قومية والكلام الكبير ده. إحنا ماشيين على قدنا.

* وجمال؟

– جمال ذكى..

* ( مقاطعاً ) إلى أية درجة؟

– متوسط الذكاء، وخجول

* هذا الخجل.. هل هو نوع من الأدب، أم ضعف ثقة بالنفس؟

– لا أعرف، لكنه كان مهذباً جداً

* وعلاء؟

– علاء بحبوح، وكان ودوداً ودافئاً أكثر من جمال. جمال كان بارداً ولم يكن مقبولاً منى أو ممن أعرفهم

* وسوزان؟

– سوزان كانت مجتهدة، راغبة فى أن تتعلم، وإن كانت، هى الأخرى، متوسطة الذكاء. المشكلة أنها أتت إلى التعليم فى سن كبيرة.. كانت فى أوائل الأربعينيات من عمرها

* كانت هى وجمال وعلاء يدرسون بالجامعة الأمريكية فى وقت واحد؟

– التحقت بالجامعة سنة 1975

* إلى أى مدى كان لها تأثير على مبارك؟

– فى السنوات الأخيرة، بعد أن اعتلت صحته، زاد نفوذها وكانت، هى وجمال، تختار كل المسئولين

* من أول رئيس الوزراء؟

– من أول رئيس الوزراء إلى وزراء التضامن، الثقافة، التعليم.. إلخ. هذه الوزارات كان مبارك يتركها لها، ويختار هو وزراء الخارجية والداخلية والدفاع.. وزارات السيادة

* من من هؤلاء الوزراء كان مقرباً لـ ” سوزان “؟

– فاروق حسنى

* قل لى: متى كانت آخر مرة زرت فيها القصر؟

– فى عام 99، طلب منى الرئيس مذكرة لعمل تحول ديموقراطى، كما قال لى. كانت رياح الديموقراطية قد بدأت تهب على شرق أوروبا، وهو شعر أن العالم يتغير وأراد أن يجارى هذا التغير، لذلك استدعانى ولما ذهبت وجدت أسامة الباز، الصبح بدرى، فى جنينة البيت، وعندما جاء الرئيس قالى لى: إنت واجع دماغنا بموضوع الديموقراطية ده فى كل حتة. خلاص اعمل لنا مذكرة إزاى نعمل ديموقراطية، بس بهداوة.. بالتدريج. وسألنى: متى تكون المذكرة جاهزة؟ فقلت: بعد شهرين، فرد: ليه هتشتغل فى الفاعل ! كانت فكرته عن الكتابة أنها شىء سهل، بمجرد ما تقعد تقدر تكتب أى حاجة ! أكدت لى هذه الواقعة أنه رجل سطحى. المهم قلت له: يا ريس علشان نعمل حاجة كويسة لازم نشوف البلاد إللى مرت بتحول ديموقراطى، وهذا يستلزم أن أقوم بجولة فى أوائل الصيف، بعد الفصل الدراسى، فأمهلنى شهرين. وبدا أن الرئيس اقتنع، لكنه قال لى: طيب بس ابعت لنا أولاً بأول، كل ما تروح بلد وتلاقى حاجة كويسة ابعتها لنا

* هل شعرت بجديته فى مسألة التحول هذه؟

– استشعرت هذه المرة أنه جاد، لأننا حاولنا مرتين قبل ذلك، المهم أننى قمت بجولة فى عدة بلدان ووجدت أن أقرب نموذج لنا هو المكسيك، كان لديهم حزب ظل يحكم 50 سنة، ما يجعله شبيهاً بالحزب الوطنى، ونتيجة عوامل داخلية وخارجية شرع الرئيس المكسيكى فى التحول، المهم أننى وافيت الرئيس بالمذكرة، لكنه لم ينفذ منها شيئاً ولما سألت عرفت أن أحد مستشارى السوء سأل الرئيس: هو ( يقصدنى ) قال لك: إن رئيس المكسيك إللى عمل كده سقط فى أول انتخابات؟ فقال الرئيس عنى: هو ابن… ده عامل لى مقلب؟ وبعدها وجدت نفسى فى السجن !

* ما الشىء الذى كان ينقص جمال وهو يصعد؟

– أن يشرك معه جيل الشباب، فعلاً لا قولاً. هو أنشأ جمعية جيل المستقبل، لكنه ظل يتعامل معها مثلما كان أبوه يتعامل مع مصر.. من فوق، ولذلك لم يشعر جمال بالشعب ولا الشعب أحس به

* أعود إلى مبارك.. كيف كان موقف أوباما منه أثناء الثورة؟

– فى الأيام الأولى للثورة كان مبارك “حليفاً وفياً”

* كان هذا رأى كلينتون وجون بايدن؟

– وكان رأى آخرين.. مايكل ماكفلر، وبالمناسبة عين سفيراً لأمريكا فى موسكو، منذ أسبوع، وسيمانتا باور، هو.. أيدوا شباب التحرير

* ورأى أوباما؟

– كان يسمع. وكانت الآراء فى غرفة العمليات تتأرجح بين الوفاء لمبارك لكونه حليفاً منذ 30 سنة، ولأن التخلى عنه يعنى التخلى عن حلفاء آخرين فى المنطقة، خاصة فى السعودية ودول الخليج. ولهذا أيدوا مبارك فى الأيام الأولى للثورة

* وما نقطة التحول التى مالت بالكفة ضد مبارك؟

– مظاهرات المصريين حول البيت الأبيض التى بدأت منذ 25 واستمرت لآخر يوم

* هل كانت مؤثرة إلى هذه الدرجة؟

– طبعاً، أنا كنت أشارك فيها، كنت أتنقل بينها وبين غرفة العمليات بالبيت الأبيض، وأحياناً كنت أخرج بالمستشارين ليسمعوا ما يقال فيها. ثم كان لاتصال باربارة.. زوجتى ونقلها ما يحدث مباشرة من ميدان التحرير دور فى أن تميل الكفة ضد مبارك. كانت فى الطابق العلوى بفندق “سميراميس”، وهو طابق من زجاج يسمح للجالس فيه أن يرى كل ما يحدث فى الميدان. المهم أنها رأت كتلاً بشرية آتية على كوبرى قصر النيل. قالت: لم أر فى حياتى شيئاً كهذا طوال الـ 35 سنة التى عشتها فى مصر. سألتها: إيه يا ستى، قالت: حشود لا أول لها ولا آخر، وأنا نازلة دلوقت على التحرير. وبدأت أفتح الميكروفون لمستشارى أوباما فى البيت الأبيض، ونسمع زوجتى مباشرة من التحرير. سيمانتا، لأنها سيدة، كانت تسأل: هه.. فى ستات فى المظاهرات، ومايكل كان يسأل عن الإسلاميين، لكن زوجتى قالت له: لا أرى حتى الآن لحى أو جلابيب. كنا نستقبل هذه التقارير كل ساعة أو ساعتين

* لم تقل لى: بأى صفة كنت فى غرفة العمليات؟

– دعانى هؤلاء المستشارون. هم أصدقائى منذ أيام الدراسة. المهم أن أوباما كان يدخل علينا كل ساعة أو ساعتين

* ألم يسألك عن أشياء محددة؟

– سألنى: what do you make out of this? ( ما مدى نجاحكم فى هذا )، فقلت له: هؤلاء هم الشباب، المستقبل. هؤلاء هم الذين انتخبوك. فقال لى مستفسهماً what، فقلت له: أقصد أن شباباً مثلهم هو الذى انتخبك. هنا بدأ يتأثر، وحين رأى وائل غنيم يبكى فى التليفزيون كان تأثره قد بلغ الذروة. ثم سألنى عن موقعة الجمال فقلت له: لو أنك لاحظت سيادة الرئيس أن أول محاولة لترهيب الثوار تمت بالطيران، وبعدها بالخيول ثم بالجمال. إنهم يمشون عكس التطور

* وما السيناريوهات التى وضعتها الإدارة الأمريكية للتعامل مع الثورة ومع مبارك ومع الجيش فى وقت واحد؟

– ما أستطيع قوله هو أن كل ما كان يرد إلى الإدارة كانت تحيله إلى هيئة الأركان الأمريكية وبدورها كانت تستفسر من هيئة الأركان المصرية.. يا جماعة وصلنا كذا، وبالتالى نحن ننصح بعدم إطلاق النار. إطلاق النار معناه حمام دم ولن نستطيع وقتها مساعدة مبارك ونظامه يوماً واحداً

* ما الذى تعمد مبارك إخفاءه عن أمريكا؟

– قال لهم إن هذا الكلام سينفض. بعد ساعة أو ساعتين. ورفعوا الفزاعة الإسلامية، كالعادة. لكن زوجتى نفت ذلك

* هل اتصل أوباما بمبارك أثناء الثورة؟

– 3 مرات. وبعد معركة ” الجمل “، وبعدما رأى وائل غنيم قال:He must step down. ( عليه أن يتنحى ) And safe passage وأن يخرج بشكل آمن. حتى لا يتكرر السيناريو الرومانى

* ألم تعرض أمريكا استضافته؟

– لا، لم أسمع بذلك

* سامى عنان كان قد عاد من هناك يوم 25 يناير؟ هل نما إلى علمك شىء مما قاله لهم أو عاد به من هناك؟

* هو الآخر قال لهم إن مصر ليست تونس، كما كان مبارك يردد وبالمناسبة أنا وصلت واشنطن بعد مغادرته لها. استدعونى وحين قلت لهم إن سامى عنان عندكم هنا قالوا لى: إنه غادر للتو

* هل كانت لدى واشنطن معلومات استخباراتية عن حجم ما يمكن أن يصل إليه الوضع. ومن ثم قاموا بتحذير مبارك باعتباره ” حليفاً وفياً ” لهم؟

– كل ما حذروا منه هو عدم إطلاق النار. وقد سمعت ذلك بأذنى، وطلب التنحى

* وما الرسائل التى تبادلتها أمريكا والمجلس العسكرى، من وراء ظهر مبارك؟

– لا أعرف

* علام كان مبارك يعول لإخماد هذه الثورة؟

– ظل يستخدم فزاعة الإسلاميين، لآخر لحظة، وظن أن الغرب سيساعده فى التخلص منهم

* وما الأشياء التى كانت تستأثر باهتمام مبارك؟

– هو و” الولدين ” وسلاح الطيران وسلاح المشاة، وبالنسبة له كان الحرس الجمهورى هو عصب النظام

* إلى أى حد كان الحرس الجمهورى مستعداً للذهاب، دفاعاً عن مبارك؟

– الصور التى رأيتها للحرس الجمهورى وهو يسمح بمرور الناس، الذين قاموا بمعركة الجمل، أمامه، عند ماسبيرو، تقول لك إلى أى حد كان ولاؤهم للرئيس

* وإلى أى مدى كان مبارك قادراًعلى إخفاء مشاعره وأفكاره؟

– مبارك نموذج للشخص الخبيث، كثيراً ما ادعى أشياء وكان يضمر عكسها؟

– مثل؟

* مرة قال لى إن فلاناً وفلاناً من رؤساء الأحزاب المعارضة مرتشون، وبعد ذلك اتضح أنهم أناس شرفاء. واحد زى إبراهيم شكرى باع أطيانه كلها على حزب العمل، لا يمكن يكون كده. وقال نفس الكلام على عادل حسين وعلى ناس كتير منهم قادة لثورة يوليو وآخرين سجنوا أيام السادات

* كيف كان رأيه فى هيكل؟

– لم يكن يحب هيكل، لا هو ولا أى شخص يكتب

* ومن المقربون منه؟

– أسامة الباز فى البداية، إلى أن تآمر عليه العسكريون داخل القصر

* ما حقيقة الدور الذى لعبه الباز بجوار مبارك؟

– الباز كان يخلص له النصيحة ولم يكن يحب الظهور. ولعل هذا سر قوته

* ومصطفى الفقى؟

– حل محل أسامة، وتعرض لمضايقات من زكريا عزمى ولما طفش هو الآخر، كان هناك محمد إبراهيم سليمان ( وزير الإسكان ) تقرب للرئيس من خلال الإسكان ومن خلال إفساد الناس

* ومن يمكنك وصفه بأنه كان الطفل المدلل لـ ” سوزان ” أو مبارك؟

– فاروق حسنى، خاصة لسوزان. مبارك لم يكن لديه شخص مدلل، لم يكن فى حياته سوى أولاده وأحفاده

* وأنس الفقى، هل صحيح أنه كان يقول لـ ” مبارك ” يا ” بابا “؟

– لم أسمع

* أثناء الثورة، ماذا دار فى كواليس القصر ولم ينشر بعد؟

– خطاب التنحى، كان يفترض أن يكون الخطاب الثانى لمبارك هو خطاب التنحى، لكن جمال عارضه بشدة. استمات فى منعه. عرفت ذلك من إحدى وصيفات القصر. وفى الناحية الأخرى كان أوباما يضغط بقوة من أجل التنحى

* ومن كتب خطابات الرئيس؟

– أعتقد أنه أنس الفقى. لست متأكداً

* والموقف داخل الجيش؟

– هناك شىء لا يعرفه الكثيرون، أن الترقيات، بعد رتبة عقيد لم تكن تتم إلا بمعرفة مبارك. كان يقول إنه بعد هذه الرتبة تنقطع علاقة الضباط بالآليات..الدبابات والمصفحات وخلافه، لينتقلوا إلى سلطة إصدار الأوامر لهذه الآليات. ومن هنا كانوا يسمونها ” رتب الولاء “

* سمعت أن هناك راتباً شهرياً اسمه ” بدل ولاء “؟

– بالضبط

* وعلاقة المشير طنطاوى بمبارك، كيف سارت أثناء الثورة؟

– علاقة طنطاوى، لأسباب تخصه، لم تكن تسمح له إلا بأن يكون ولاؤه لمبارك

* ومن الذى أبلغ مبارك بضرورة التنحى؟

– سامى عنان. كان هناك اتصال مباشر بينه وبين هيئة الأركان الأمريكية. العلاقات بينه وبينهم ممتدة منذ 15 عاماً، وهناك إلى جانب المساعدة بالسلاح معونة مالية. وأمريكا تعرف كيف تُصرف هذه الأموال. وهناك عطايا كبيرة جداً تذهب لرتب معينة فى الجيش

* عنان إذن هو الذى أبلغ مبارك بضرورة التنحى؟

– طنطاوى، بكل ما لديه من ولاء لمبارك، أخذ عنان معه، وقالوا لـه: يا ريس الجيش يرفض إطلاق النار. وضماناً لأمن البلد لابد أن تتنحى

* وعمر سليمان.. أين كان موقعه من الأحداث؟

– عمر، كرجل مخابرات، كان يتصل باستمرار بأجهزة المخابرات الأمريكية والأوروبية ويخبرهم بأن هذه المظاهرات ستنتهى فى غضون أيام، وعندما طالت انتقل الاتصال لـ ” عنان “

* من يقف وراء محاولة اغتياله؟

– لا أعرف

* قل لى: هل نفضت الإدارة الأمريكية يدها من مبارك، لأنها تأكدت من انتصار الميدان على القصر، أم لأن مصلحتها أصبحت مع الثورة؟

– لأنها تأكدت من انتصار الثورة، ولكى تبقى على علاقة طيبة بالعهد الجديد تركت رأس النظام يسقط

* ما الشىء الذى رافق مبارك منذ أن كان عسكرياً إلى أن أصبح رئيساً؟

– الخبث

* ومن الشخص الذى بدا لك معقداً فى القصر؟

– الأكثر تعقيداً هو جمال، لأنه…( توقف إبراهيم فجأة، ثم استدرك ).. بس دى حاجات ما ينفعش تتقال. حاجات تتصل بسلوكه الشخصى

* وما الكلمات التى كانت تتردد بكثرة على لسان مبارك ويمكن اتخاذها مؤشرات للتفسير؟

– بلاش الكلام الكبير، بلاش الكلام المعقد، ابعدوا عن الجيش، ما تقولوش حاجة عنه

* وما أبرز خدمة أداها مبارك لأمريكا وإسرائيل؟

– الاستمرار فى معاهدة السلام كما هى، والخدمة الجليلة هى إضعافه لقدرة مصر على أن تلعب دوراً إقليمياً وأفسح المجال لإسرائيل وتركيا، لتحل محل مصر

* وإلى أى حد تدخلت الـ CIA، فى تحريك الشارع المصرى بعد الثورة؟

– لا علاقة لى الـ CIA

* وسط هذه الدراما التى يمر بها ” آل مبارك “، ما الشخصية التى تصلح، فى ظنك، لتمثيل البعد المأساوى فى القصة؟

– جمال مبارك، هو الذى جلب هذه المصائب على العائلة، هو الطفل الذى أراد لعبة واعتقدت أمه أن هذه اللعبة هى الرئاسة

* فى حرب الخليج الأولى والثانية هل كانت مصر ظلاً شاحباً لأمريكا؟

– كانت المحلل للتدخل الأجنبى. كانوا بحاجة لرفيق عربى، ووجدوا فى مصر هذا الرفيق

* ” كل إنسان يعتقد فى ذاته ميزة على سائر الناس..ميزة واحدة على الأقل “.. أسألك عن مبارك.. ما ميزته على الآخرين، فيما يعتقد؟

– أنه عسكرى مخلص وأنه صاحب الضربة الأولى، ولا أحد يمكنه خدمة مصر أكثر منه

* وسوزان؟

– كانت تعتقد أن تعليمها يؤهلها لأن تكون السيدة الأولى وأم الرئيس القادم

* وجمال؟

– الطفل المدلل الذى يعتقد أن من حقه الاحتفاظ بالعزبة

* وعلاء؟

– يعتقد أنه قادر على إدارة إمبراطورية المال والأعمال

* وسعد الدين إبراهيم؟

– حظيت بفرصة جيدة للتعليم والدراسة، وعشت فى مجتمعات مختلفة، أعطتنى بعداً إضافياً فى تحليلى للشخصية المصرية، وفى فهمى لذاتى.

…………………………

*نشر في صحيفة الأهرام سنة 2011

 

 

مقالات من نفس القسم