عائشة محمد
لا أخلاق ولا مبادئ تستطيع الوقوف أمام إغراء المال.. لماذا؟ أصبح المال هوساً يعيش داخله البشر، وأصبحت الحياة مبنية على هذا الأساس الهشِّ، ننظر حولنا ولا نرى سوى بعض المهرجين والحمقى يصبحون قدوة، ولهم حقوق تتشابه مع أصحاب السادة والسلطة، وخلفهم جموع من المعجبين يمدونهم بوقود تلك السلطة. أصبحنا نعيش في زمن تتمنهج فيه المبادئ وتتغير لتتناسب مع توجهات البعض الذين يقودون حياتنا. فكيف لنا أن نصمت وإلى متى السكوت؟
أصبحت الحياة عبارة عن مجموعة متزايدة من الرغبات يلهثُ خلفها البعضُ، نعم من يتبع رغباته دون أي رادع أو تحكم فيها يلهث، لأن تلك الرغبات محفِّزة بشكل رئيسي لشهوات الإنسان، ونحن نتشابه ونشترك فيها مع الحيوانات، مع أننا بشر مُنحنا القوة للسيطرة والتحكم بتلك الرغبات وتصنيفها بما يتناسب مع حياتنا من حيث الأولوية. بذلك نستنتج أن المال أصبح الأولوية لنتمكن من عيش هذه الحياة! هذا تبرير البعض ممن سخَّروا حياتهم لخدمة المال ووضعوه في منزلة التقديس فقيل “المال خادم جيد، ولكنه سيد فاسد” إن مُنحت السيادة لغير العقل والفكر ضاع الإنسان وأصبح خادماً لمن منح له السيادة.
اللهاث خلف الثراء يتسبب في شعور ضاغط بالعبء لدى من لا يملك المال، وبالتالي ينحصر سعيه في الحياة على اكتسابه دون وضع أي اعتبارات لأي قواعد أو قيم، إنه ينسى أو يتغافل عما رُزق به من قدرات ومواهب تُؤهله لاكتسابه بانسيابية وسهولة، ولكن تركيز الإنسان على الفكر والتعلم واكتساب المعرفة وتطوير القدرات والمهارات التي يمتلكها مُتعب ويمر بصعوبات شتى، واختيار هذا الطريق المليء بالعقبات يحتاج لتمويل وعجز البعض عن توفير هذا التمويل يبرر لنفسه سهولة التنازل عنه. لقد أصبح زمننا زمن التقنية والتطور، زمن انهيار الحضارة والقيم الأصيلة.
الحياة منقلب من الفوضى اللاأخلاقية تُمارَسُ فيها أفظع الانتهاكات التي تبرر لكسب المال الذي أصبح بالنسبة للبعض القوة المتحكمة في الحياة. مع انتشار الثقافة الاستهلاكية وزيادة قدرة التخلي عند الإنسان نشأ لدينا اعتقاد أن لكل شيء بديلاً وسعراً أو قيمة تعكس مستواه المادي، والاهتمام بالمظهر أصبح من أكثر أنواع الهوس انتشاراً بين البشر، ولأنه يعكس المستوى المادي فلن يرغب أي إنسان، في هذا الزمن، سوى بإظهار مستواه المادي الذي سيجذب إليه أو ينفِّر منه الناس.
على أي حال لا أعرف إلى أي مستوى من الانتهاكات سنصل وإلى متى السكوت أمام الوقاحة المنتشرة. سنستمر في العيش إلى أن نرى ذلك.