زمن الصغار قادم

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 

عبد اللطيف الحسيني

يا مَن تحاولُ فتحَ بابي بعدَ منتصف الليلة الليلاء حيث الظلمة والزمهرير والصمت المخيف, فأنا أدعوكَ لتدخلَ بيتي لتجدني أكتبُ أو أقرأ تحت ضوء شمعة راقصة  وتأخذ ما تشاء من منزلي, وبالمناسبة لو دعوتُكَ للدخول أو دخلتَ أنت دون إذن منّي, فلن تجد في بيتي أيَّ شيءٍ تسرقه أو تأخذه غصباً عني ,ما أملكُه هو البضاعةُ المنبوذة والكاسدة و(الفاسدة), تلك التي ابتعدَ عنها الجميع: كُتبٌ قديمة ماركسية وفلسفية وتراثية وعدّة أقلام برِيَشٍ سودٍ لأبيّض أو أسوّد بها سخافات وبشاعة الواقع المرّ والمريض, وأملكُ ثلاثة أولاد تأويهم غرفةٌ زمهريرية الأركان من جهات الأربع أو الست أو المئة في هذا الشمال المعتوه والفقير والمظلم, أولادٌ تصطكّ أسنانُهم لا خوفاً, انتبهْ, بل برداً. يا مَنْ تطرقُ بابي بعنف لتثأر منّي, فأنا رجلٌ من حروف وكلمات وصرخات, انتبهْ: أنا رجلُ أفكار, ولستُ (المثقف) المكمّم والصائم والصامت, فهل تعلم بأنّ رجل الأفكار لا يُثأر منه ,بل يُناقَش ويُحاوَر ضمن اختصاصه أو إهتمامه؟. طَوَال عمري كنتُ أكتبُ عنكَ وأدافعُ عنك, بل كنتُ أتحدّثُ بلسانك لأنك – مثلي- مظلوم ومغبون ومقهور, أرجوك: ادخلْ بيتي وناقشني في أيّ موضوع تختارُه أنت وأنا سأناقشُك فيه, فلربما غلبتَني, فأنا رجلٌ تعوّدَ على الانهزام ورفع الراية البيضاء حين أجدُ الشراسة والغطرسة والجهل في السياسة والثقافة والفكر,والشارعُ امتلأ بالثالوث البغيض: الشراسة والغطرسة والجهل, لكن لو أردتَ الثأر مني, فأنا أدعوك أوّلاً لتقرأَ كتبي, وسهلٌ عليّ لأهديكَ كتابي الخامس من سلسلة إصداراتي, وبالمناسبة يا سيدي: دعني لأعيش سنة أخرى لأنجز كتابي السادس، وسيكون بعنوان: (استراتيجية الإنسان الجديد) وهو بحثٌ مسحيّ – اجتماعي – نفسي أخذتُ إرهاصاته من نبض الشارع (حيث أعيش, فأنا ابنُ الشارع, مدحاً - إنْ شئتَ - أو ذمّاً) – هذا الكتابُ غير المنجز يتحدّثُ عنك ويحملُ رائحتَك, فهو الكتابُ الذي يعرفُكَ أكثرَ منك, ألا هل استمعتَ؟ اسمعْ إذن: "زمن الشعراء الصغار قادم. وداعاً ويتمان، دكنسون، فروست. مرحباً بك، يا مَنْ لن تتخطّى شهرتهُ محيطَ عائلته".

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عبد اللطيف الحسينى

شاعر – سوريا

[email protected]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم