خياطة جرح بجرح

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

نور الدين كويحيا

(١)

ينتابنُا اليأس لأننا حزينانِ معاً،

كلانا جاء من جذر العقد والصدمات

تَقبلين جانبي المشرق

تفتحين النافذة ليُضاء جانبي المعتم

تقولين: هذه نُدوبك.. أقبلها…

بينما تكتبين في مذكراتك

أن هذا الرجل الذي يقف قُبالة المرآة

ليتأمل الباقي منه.. حتماً لا يُناسبك.

 

تنتظرين شخصاً أقلَّ حزناً منكِ،

شخصاً لا يحمل في رأسه أقدام الجنود

التي تدق على الأرصفة

لا وحمةَ وحدةٍ على جبينه

ولم يجرب شهقة الموتِ من قبلُ.

 

أنتِ وحيدة.. وأنا وحيد،

كلانا حين نمشي في الشارع

تظهر وحدتنا بشكلٍ فاضح

الجميع يحدق بنا

الجميع يظننا غير مناسبين لبعضنا.

 

يقولون: لا يجب أن يلتقي ظلان على نفس الجدار

وجدارُ حياتينا سقط منذ أمد،

ولازلتِ تحلمين برتق تصدعاته.

 

تُمسكين بيدي: هيا علينا أن نصلح كلَّ هذا!

حاولنا مراراً،

لا شيء يجدي.. حين تقفين أمامي

أرى فيكِ جُرحي القديم.. وندبتي التي لم تشف

أرى فيكِ طفلا صُفع قلبه

تُرك وحيداً على قارعة البرد يشتاق للدفء.

 

لم تكن كلمة: أحبك، كافية

كلانا جُرحنا

ولا يمكن أبداً خياطة جرحٍ بجُرح.

(٢)

لأننا ولدنا برغبةٍ قديمة في المُغادرة

نترك الأبواب مفتوحةً دائماً،

نُشرع النوافذ

وننهض في الوقت نفسه كلَّ صباح

لنطرد العتمة عن المرايا.

 

غريبين كنَّا،

قبل أن تُقبل الأصابع بعضها

ويلتئم بعضٌ من الحزنِ القديم..

تقولين إنك ترين وجهك في حدقة عينيّ

وأن الخوف الذي كان يكسوه

يصبح أقلَّ وضوحاً.

 

أنا أيضاً،

حين تُرهقني المرايا..

حين يُرهقني وضوحها الفج

أرى في عينيك شخصاً لم يهرب من النَّهر

ولم تُمسك الأمواج مليًّا بمعصمه

شخصٌ لم يعتد على الخوف

وآمن طويلاً بالبيوت التي لا تتهدم.

 

فتحنا الباب هذا الصباح

وتركنا النافذة منذ اللَّيلة الماضية مُشرعة

أحضرنا قطًّا،

وعدداً هائلاً من الكتب..

كلُّ هذا ينبئ أن المنزل سيصبح بيتاً

وأن الغُربة ستخرج من الخزانة

لتُكمل طريقها دون أن تحدق ولو لوهلةٍ في أعيننا.

مقالات من نفس القسم