خطوة عزيزة

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

عبد الهادي شعلان

نادتني العجوز فتبعتها حتى غرفتها الوحيدة، لأني لم أعرف ماذا تريد، توجست من ظهرها المحني وهي تحاول دخول غرفتها بخفة، اشارت لي بهمس ضعيف "تفضل يا أستاذ.. تفضل" توقفت عند الباب، فقلت لعلها غيرت رأيها، لكنها تنحت قليلاً، قالت: "تفضل يا أستاذ يا ابني".

 خطوتُ بلا تفكير، وجدتني لثوان منفرداً وحيداً في رطوبة غرفتها. سمعت تنفسها ورائي يجاهد بمشقة للدخول للغرفة وبقيت واقفاً. قالت بسعادة لم أرها في حياتي: "اقعد يا ابني، شرفتنا" مسحت عيني رطوبة الحوائط وتوقفت عند النشع، النشع المندي علي الحائط تحت دورة مياهي تماماً، وتذكرتُ رحيل زوجها. قالت: "شرفتنا يا ابني، خطوة عزيزة". كأني أدركت لماذا طلبتني وكأنها نست ذلك فوقفت مصراً، "سأحضر من يعالج الرشح، حالاً يا حاجة، حالاً"، قالت: "اقعد يا ابني أرجوك لا أشعر بالبرد ولا الرطوبة الآن، فقط اشرب كوب شاي"، قلت: "سأجيء بالرجل وسأعود". 

نظرت داخلي بحزن ثبتني في الأرض فرشفتُ رشفات سريعة وبقي نصف الكوب، خرجت من الباب ورطوبة الغرفة تلسع عظامي. رأيتها تضم كوب الشاي بين يديها المرتعشتين وتتابعني: “عد بسرعة يا ابني، عد بسرعة ” قلت دون وعي: “حاضر يا أما، حاضر”. سقط الكوب من يديها فجريت إليها. كانت تبكي بفرح، تهرول ناحيتي وتمسك يدي وأنا أحتضنها أطمئن عليها وهي تهمس بدفء: “اطمئن يا ابني اطمئن”. أدخلتها الغرفة، أرحتها فوق السرير وصنعتُ شايا لذيذاً أعجبها، أرتني كل الصور التي تضعها في كيس بلاستيك. حكت لي حكاية كل صورة وابتسمتْ وضحكتْ وحنت ْلأيام دافئة ثم ذابت في نعاس جميل.

ــــــــــــــــــــــ

قاص – الإسكندرية

مقالات من نفس القسم