يحفر الروائي الاردني جهاد الرنتيسي بروايته “خبايا الرماد” في مناطق “الصمت” و “التحريم” في التاريخ السياسي والاجتماعي الفلسطيني المعاصر بحثا عن اجزاء الحقيقة المتشظية والمبعثرة في اعماق الخيبات.
تتناول الرواية الصادرة عن دار البيروني في عمان بدايات واشكال واسباب النزوح الفلسطيني الى الكويت في خمسينات القرن الماضي، باعتبارها دلالات على مرحلة جديدة من تاريخ الفلسطينيين، لها تجلياتها اللاحقة، ممثلة بظهور حركة فتح في المشهد السياسي العربي.
تنقسم احداثها بين صراعات الشيوعيين والقوميين من جهة، وحملات الابعاد والتضييقات التي طالتهم من جهة اخرى، لتصل الى المناخات التي ظهرت فيها حركة فتح، وصراعاتها الداخلية، التي القت ظلالها على الفلسطينيين في الامارة.
تظهر الرواية حالة الانقسام والاسئلة المطروحة في الحياة الداخلية للحركة التي لم تتوقف عن توجيه الحياة السياسية الفلسطينية منذ عقود، ومن خلال عملية بحث سابقة للكتابة يتغلغل الكاتب من خلال شخوصه في الاعماق الفردية والجماعية لاستجلاء مستور ذلك الزمن، والجهر بما طمسته السردية الرسمية الجاري تداولها منذ عقود، والاشتباك مع تفاصيلها التي تكاد ان تتحول الى مسلمات.
وبقدر ما تحاول الرواية الاجابة على الاسئلة التقليدية العالقة منذ ذلك الزمن تقود الى طرح اخرى جديدة غير مألوفة في الرواية الفلسطينية والعربية التي تتناول قضايا الفلسطينيين الحياتية وقضيتهم المركزية.
لا يقدم الرنتيسي في “خبايا الرماد” التالية لـ “بقايا رغوة” رواية تاريخية بالمفهوم المتعارف عليه، لكنه يستند الى الوثيقة والشهادة، والتجارب الحياتية للمهمشين في اشتباكه مع السرديات النمطية، لوضع اساسات بحث عن اجوبة، تترك القارئ في حالة من الشك والتفكير الدائم بالمقدمات التي افضت الى الواقع الذي يعيشه.