في الكتاب، حكت الأم للولد حكاية عن الإوزة السحرية، وذهبت الأم، لكن الإوزة بقت مع الولد لأيام كثيرة يفكر فيها ويتمنى مجيئها، حتى أنه شعر بالغيرة من بطل الحكاية لأن الإوزة معه، و”راحت تقفز به فوق الزهور وسنابل القمح ، حتى حلّقت به بعيدًا ، هناك في السماء الواسعة المنيرة ، وهو منبهر، وأنا حزين، هو يصعد إلى السماء، وأنا أهبط إلى أسفل، هو يحدق في كنوز السماء الباهرة، وأنا أحدق في عتمة السلم الموحشة، هو يزداد صعودا إلى الأعالى، وأنا أغوص فى بئر السلم المظلم، تهبط دموعه من شدة الفرح، وتهبط دموعى من شدة الحزن ، يلامس السماء بكفيه ، وأنا أضرب درابزين السلم الأسمنتي البارد بقبضتي، وأدب بقدمي على الدرجات الحجرية القديمة ، معلنا عن ثورتي”.
ينبهنا كتاب “كنوز السماء” للكاتب صبحي شحاتة أنه ليس من الضروري أن تنتهي الحكاية عند جملة “عاشوا في تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات”. لأننا يمكن بعد انتهاء الأحداث أن نبحث عن أبطال الحكايات حولنا. وقد تنتهي الحكايات بالنسبة لنا أما بالنسبة للأطفال فبعد كلمة النهاية تبدأ الحكاية رحلة أخرى داخل رؤوسهم.
يتحرك الولد طوال الوقت وهو يفكر في الإوزة ويتمنى أن تأتي مثل الحكاية وتزوره هو أيضًا.. ويغير كل شيء إلى الأفضل حتى إذا أتت الإوزة تجد غرفته نظيفة.. وتجده نشيطًا في الفصل. وهي فكرة تنمي لدى الطفل موضوع الغائب والغياب، وأن ثمة من يراقبنا من بعيد، وعليه أن يرانا ونحن نقوم بالأعمال الطيبة. فيعيش الولد لحظات صوفية وهو يناجي الإوزة لتظهر ولو من بعيد.. وتتغير حياة الولد للأفضل بسبب حكاية.
الكتاب بذلك يحكي عما هو بعد الحكاية. وليس عن الحكاية نفسها. وهي فكرة مهمة للجميع الذين يسألون ماذا يحدث للأبطال بعد أن تنتهي الحكاية . لكن في كتاب “كنوز السماء” لا يسأل صبحي شحاتة عن الأبطال إنما يسأل عن القارئ.. ما الذي يحدث له بعد الحكاية.
وتظهر حالات ولغة شعرية ملفتة في لغة قصة الأطفال، حتى أن الكاتب يقول في أحد الحوارات التي أجريت معه أنه يفضل كتابة السرد: “لكنه السرد الذي يطمح أن يكون شعرًا”. فنجد اللغة الشعرية مثلاً في كلام الطفل: “وشعرت فجأة كأن الإوزة سكنت قلبي، وكبرت وملأت روحي، وأنني شبعان بها إلى درجة أنني لست بحاجة إلى أن تأتي إلىَّ فعلاً، قدماها في قدمي، جناحاها منتشران على ذراعي”.
أخذتنا الحكاية في نصفها الأول إلى الأحداث الواقعية اليومية في حياة ولد ينتظر مجيء الإوزة السحرية ثم في النصف الثاني انفجرت الأحداث السحرية الجميلة. كتاب “كنوز السماء” يمكن اعتباره حكاية صوفية للأطفال ما بين سن 8 و12 سنة.. حكاية عن الأسطورة التي نركض وراءها لتتحقق يومًا وحكاية صوفية عن التعلق بالغائب. وإلى جوار ذلك صنعت لغة الكاتب الشعرية حالة خاصة.
ويلحظ أن في بعض الفقرات لجأ الكاتب إلى التكرار المُلِّح للمعنى والتطويل. بينما كان الاختصار أفضل.
يذكر أن كتاب “كنوز السماء” قد حصل على جائزة أفضل كتاب للطفل في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورة الأخيرة الـ 49.
عن الكتاب
اسم الكتاب: كنوز السماء
اسم المؤلف: صبحي شحاتة
رسوم: عبد الرحمن بكر
سنة النشر: 2017