حفرةٌ .. للبكورِ الأخير

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

مؤمن سمير

صباحُ الخير يا أقدم ...

في هذه اللحظةِ بالذات .. أنا لستُ الثائرَ القديمَ إيَّاهُ ..

مجردَ شبحٍ يجرجر ظِلَّهُ قرب الجداولِ ويرتعش بالكادِ .... حزينٌ فعلاً ..   

وخُطوتي أجيبها من الزوابعِ ، من بطنِ كلامِ الرملِ ..

تشيلُ الصقورَ وتذبحها قربَ القيامةِ ..

أقصدُ .. تتوقُ لأن تَشمَّ لمعةَ القبضِ واللزوجةِ ..

فلا تقتنص إلا نَفْسَها ....

.... تكفيها نَفْسُها ...

صباحُ الخير يا صديقي ..

شِلْتَني أذكرُ على كتفيكَ كثيراً ….. وتَسانَدْتُ على هيبتكَ قفزتُ سريعاً ، من نفس البئر التي اختفت فيها قديماً ، لأجلنا ، نظرتُكَ … لكنني اليوم ضعيفٌ فعلاً   – صدقني لدرجةِ أنني قد أنسى أفضالكَ .. حديقتكَ التي تُخبِّي فيها البَهيَّاتِ .. ولؤلؤكَ ..

تَمَزَّقَ الأسلافُ قطعاً داخل ملابسي وقيل لأنك حائكٌ حاذِقٌ ، تُنقِّيهم من سمومِ الفرحةِ وقلةِ نضجِها .. تَغْسِلُهُم منا وتقولُ المدفأةُ ما غابوا إلا لأنَّ السيدَ يهبطُ الآنَ .. وهل يليقُ أن َيشُمَّ بريقَهُ أحدٌ …؟

.. ومن ساعتها وأنا أبصُّ على البابِ ..

وعلى قلبي المرتعشِ

فريداً بانتظارِكَ ….

صباحُ الخير يا أجمل ..

ذراعي كانت في ذراعكَ .. ومرت بناتُ القرية ورقَصَن في عيونكَ .. كنتَ فخوراً بألعابِكَ .. بطراوةِ العجينِ لما نمتَ في القيلولةِ فهبَّ الندى وحفَّ أطرافهُنَ ودَقَّها .. كنتَ جميلاً وأنت تصفق جذلاً وتقولُ المكرُ الذي يبيتُ في مِفْرَقِ ثديِها من عجائبي وأسراري ..

.. لكني عدتُ أرتعد منكَ لمَّا وقفتَ فجأةً ونَدِمتَ على هِزَّتي وغنائي وقلتَ أُعطي وأمنع .. أسيبُ الرضا يفوحُ من ياقتي و تَهِلُّ من أعطافي نسمةَ الشواء

وأنساكَ في كيسيَ النائمِ على ظهري ..

أمشي في الليالي وأداعب بك الجُرذانَ لتبتسمَ ..

وتبتهلْ ..

كانت ذراعك في ذراعي

وقلبي لا يبينُ في قلبِكَ ..

صباحُ الخير يا ولدي ..

قَلَّبْتُ في خَطِّكَ القديم وسطوركَ المتعرجةِ وبعثتُ النطفةَ في البكور الأول .. قلتُ أكونُ أنا أنت ، روحَكَ المخفيةَ خلفَ التَلِّ .. فاعفُ اليومَ .. لم أركض لتماثيلكَ التي عشَّشت في الأرواح .. أعني زحَفتُ وحفرتُ الأرضَ تحت أقدامكَ لأنكَ القمرُ البعيدُ ..

                                    ولأني جبانٌ ورعديدٌ ..

أخشى الرياحَ إلا لو كانت زفيركَ .. وتَبْتَلُّ أيامي من البكاءِ إلا في حِجْركَ ..

أعلمُ أنكَّ أغمضتَ إغماضَ الظلِّ الأكبرِ وشلتَ عنهم ذهولهم .. سِبْتَهُم يدورونَ ويدورونَ حتى يسقطوا بعيداً … عن بهائكَ الذي ( إن شافَكَ تعمى يا ولد ..!! ) ..

ثم لم تُسقط صخُورُهُمْ ، إلا حيثُ يضحكُ الملاكُ .. سأقولُ أنكَ فكرتَ مرةً في أن تجربَ إحساسَ المنسيِّ الضئيلِ … وشددتني من ياقتي فطرتُ وانسحَبَت روحي ….

وحَدَّقتَ في عَيْني وقلتَ كيلا تنسى ..

كيف أنسى وأنت الذي لم تجرب بهاء النسيان أبداً ؟! ……………

صباحُ الخيرِ والأَلَق ..

هذا العمرَ الطويلَ الطويلَ ، وأنا ممتنٌ و نظرتي مكسورةٌ .. من مرورِ ريشتكَ على وجنتيْ أسماء

لما فاتت لتموتَ في فضيحةِ الحقولِ .. شكراً لحضنِكَ ، لصوفِكَ الثمين ..

رغم كل محاولاتِكَ التي تَمَنَيْتُهَا فاخترعتُها لحالي : خجلانُ من خيالي ..

يروغُ يميناً ويساراً وأنت تُوثِقُني أمام المرآةِ ..     خيالي حزينٌ هو الآخر..   

لا يريد أن يفهم .. الحضنُ أشكالٌ وعِظامٌ وبحورٌ       و شواهدَ ..

والسيدُ لا يبيتُ بين قوسيْن طرييْنِ .. هو الذي لا ينفخُ لتئنَّ الذكرى .. أبداً ..

وإنما يتنفسُ بوجاهةِ العاصفةِ

وتَخِّفونَ وتنتشونَ ..

وبعدها ترجِعونَ .. لي .. لمَّا أُغمضُ وردتي مرتعشاً .. أقصد لهُ ..

مقعيونَ فيمسكَ بأياديِكُم الغَضَّةِ .. يرسمُ الهناءاتِِ والأمطارَ والنسمةَ الناعمةَ ..

الأمهرُ الذي نسيَ القلوب على هيئةِ غرفٍ ليُخزن فيها كبرياءَهُ والفيضان ..

لتبيِّتون نظراتِكم في زيتِِهِ وحنطتِهِ وعواءِ الدفءِ

فتليقَ بردائهِ المنقوشِ

كلَ خطوةٍ ……

بالذي لي فإياهُ أعطيك ….

………..

صباحُ الخير يا أبتي ..

صحوتُ اليومَ وناديتُ على الجبلِ وقلتُ أنا الواسعُ بحقٍ

أنا الحفرةُ التي تَفحُّ من النهَمِ

وأنتَ ……… ما أنتَ إلا ..

والتصقَ الشَبَحُ بلحمي … حَوَّمَتْ الغمامةُ فانفلتت ذراعي وساقي غادَرَتنِي .. أظلَمَت الهاويةُ

ولم يطِرْ طيرٌ فوقَ الغَمرِ… لحمي يتفتتُ وعمودُ اللهب يَفِجُّ ، من أولِ خطوتي وحتى الحَلْقِ ..

وجهي يسقطُ .. فارفع يمينَكَ ..

أو أشح بوجهكَ ..

 

حتى أنجو …….

صباحُ الخير يا رفيق ..

لا دفء إلا في نسيمِ الرضا .. فاترك أذني تنادي ورأسي تَهِلُّ لأسفل .. سِبْني اليوم فقط ..

والشمعَ لا تَدقُّهُ على العظامِ كلما تُربِّتُ عَليَّ بخشونةِ   ال .. محبةِ ..

لا أودُّ للبصمةِ أن تنطبعَ لئلا يصطادوني كلما تقولُ صَوِّبوا قُدَّامَهُ لينام ..

حزينُ يا خطوات .. حزينُ يا صديقي اللصَّ الذي يتلفَّتُ على الصليبِ بحثاً عن ريقكَ الشافي ..

حزينٌ أيتها الغابة .. يانهرُ ياسِكِّينُ يا مقاعد .. يا فضةَ إبطها.. يوم مرَّت الشمس وهمَسَتْ بعثني الواديُ لأصف لِلَّيل كيف ضحكتي من قلبكِ فأيقظتِ العالي فشدكِ ليَسُدَ بكِ الينابيعَ على مَهَلٍ ..

سأعدو من هنا .. أخشُّ في الجُدران ل أتدارى من عينكَ الواسعةُ لمَّا تنقبض .. فيوقنَ المارةُ بأنني لستُ منكَ أنا مسحور.. جُحْري ضيقٌ لكنك ستزورُني لأصنعَ عيداً ويحبُني جيراني .. وفطائرَ..

ونبيذاً يُديمُ وجهكَ ..

في الطريقِ

الطويل ….

……

 

 

صباحُ الخير يا حبيبي ..

لمَّا تَسمعْني ، قبل أن أنطقَ .. كعادتكَ ..

أقولُ أنا حزينٌ .. ابتسم

ما أجمل ثَغْرَكَ وما أرقَّ طلعَتَكْ ..

فاخلعني .. ولو ساعةً .. من نورِكَ

الذي يلِّونُ الأحلامَ …

 

فأحبكَ ساعتها أكثر..

 

 

ولكن

من

بعيد ……

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم