حسين عبد الرحيم: استفدت من السينما في نصوصي الأدبية

عزمي عبد الوهاب
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ما بين حكايات الأب وقراءاته فى الآداب العربية والعالمية تأتى كتابات المبدع المصرى "حسين عبدالرحيم"، وكان لميلاده ونشأته الأولى فى مدينة بورسعيد أثر كبير، فكانت هى الخلفية التى تدور عبرها أعماله، حيث يستعيد علاقته بالمدينة التى هجر منها قسرا بسبب الحروب التى خاضتها، فقد ظلت فى ذاكرته مدينة الحلم المستحيل. أصدر عبدالرحيم مجموعتين قصصيتين هما "المغيب- زووم إن" وثلاث روايات هى "عربة تجرها الخيول- ساحل الرياح- المستبقي" وهنا حوار معه.

ما بين حكايات الأب وقراءاته فى الآداب العربية والعالمية تأتى كتابات المبدع المصرى “حسين عبدالرحيم”، وكان لميلاده ونشأته الأولى فى مدينة بورسعيد أثر كبير، فكانت هى الخلفية التى تدور عبرها أعماله، حيث يستعيد علاقته بالمدينة التى هجر منها قسرا بسبب الحروب التى خاضتها، فقد ظلت فى ذاكرته مدينة الحلم المستحيل. أصدر عبدالرحيم مجموعتين قصصيتين هما “المغيب- زووم إن” وثلاث روايات هى “عربة تجرها الخيول- ساحل الرياح- المستبقي” وهنا حوار معه.

– لماذا تحتل بورسعيد هذه المساحة الكبيرة من الحضور فى كتاباتك؟

بورسعيد بلد الميلاد والمنشأ والحلم، وهى تتشابه مع مدن سافرت إليها مثل “أثينا باليونان وصقلية وروما”، بلدى البحر والأحلام والسينما الإيطالية، بورسعيد كانت صورة فى الخيال، زرعها سرد أبى فيّ، أتذكر تجوالى معه فى طفولتى على شاطئ البحر بالقرب من الفنار القديم، وقبل العدوان الثلاثى وبداية من حرب فلسطين، كان العبور والمرفأ والمبيت فى بورسعيد، وهى مدينة فيها للشمس لون يميزها وقت الغروب.

– هل بدأت بذرة الكتابة مع حكى الأب؟

كنت أنصت إلى أبى وأنا مندهش بتحليق طيور النورس وقت الغروب، لأدخل فى اليوم التالى مباشرة سينما، وأشاهد أعمال فيلليني، وعندما زرت صقلية وأثينا رأيت تطابقا فى رؤيتى للعالم، بورسعيد مدينة الكوزموبوليتان التى وطأتها أقدام الإمبراطورة أوجينى وكفافيس والمفكر والكاتب لبنانى الأصل محمود شقير، من هنا كانت تخليقات الصورة وتحريكها بل وتأبيدها فى ذاكرة الصبى الذى كنته، ومن هنا أيضاً كانت الكتابة.

– تسيطر تيمة الحنين على أجواء مجموعتك القصصية الصادرة حديثا بعنوان “زووم إن” هل يعود ذلك إلى أنك ابن مدينة شهدت حالات تهجير عديدة منذ بدء الصراع العربى- الصهيوني؟

خرجت من بورسعيد وعمرى 18 عاما مكبلا بالحنين والمرارة، ونوستالجيا لا تفارق مخيلتى ولا أحلامي، فى مدينة السحر، التى لفظت أعز أبنائها، وصار خيرها لكل غريب، حلمت بالسينما ودرستها، وكان حلمى بسيطا، وهو فيلم يلبى أدنى متطلبات دارس عاشق لمدينته، التى هجر منها بعد أن هاجمها المهربون، عقب كارثة الانفتاح الاقتصادي، وتحويلها إلى منطقة تجارية حرة، لتتحول إلى أكبر مدينة مخربة لاقتصاد دولة مبارك، حزنى مكثف بعيشى فيها غريبا أنا وأسرتي، وأبى الذى حارب حروب المدينة كلها، ولم يحصل على سكن فيها، فكيف يتبدد حنينى إلى مدينتى التى خرجت منها قسرا، لأبحث عنها فى صور وفنار عتيق فى مكتبتى القديمة.

– تدور أحداث روايتك “المستبقي” فى مدينة بورسعيد أيضاً. كيف رصدت التحولات التى عاشتها المدينة منذ العدوان الثلاثى على مصر إلى حقبة الانفتاح الاقتصادي؟

ستة وأربعون عاما أدور وحيدا فى الدنيا ممتلئا بذاكرة من فولاذ، وحين أعود إلى مدينتى أجدها وقد تحولت إلى أطلال، فقد احتلت من قبل نظام لا يعى أى معنى لمفهوم الوطن، الذى شكل عالمك وأحلامك، فى السنوات الأخيرة كنت أعود إلى بورسعيد لأمشى على شاطئ البحر متحسرا، أطل فى وجوه الجالسات والجالسين، وأقول فى نفسي: من هؤلاء؟ ومن أين أتوا؟

– كيف استفدت من دراستك للسينما فى أعمالك الإبداعية؟

استفدت من رؤيتى السينمائية فى كتابة نصوصي، فأنا أحاول أن أصل إلى القارئ- كتكوين وكادر ورؤية بصرية وحسية- ولا ألتفت إلى السرد التقليدي، تهمنى دلالة الصورة كهمزة وصل، تعيننى على إيصال المعنى، وهى تتمثل فى إيقاع بصرى مبطن بحسية ما، وليس معنى هذا عدم اهتمامى بماهيات السرد، ففى كل يوم تزداد قناعتى بأن خطف روح وحس ووعى وخيال القارئ غايتي، وكأنه يشاهد فيلما يرى نفسه فيه، الكتابة عندى بديل عن طموحى فى الصورة.

– تقول إن “الكتابة عندى امتداد لأرواح رأيتها تسير فى روايات قرأتها وحاولت أن أمد فى حياة شخصياتها عندما وجدتنى أنتهى من صفحتها الأخيرة” كيف تجلى هذا فى رواياتك؟

فى “بيت من لحم” و”أرخص ليال” ليوسف إدريس، وشخصيات مثل عيسى الدباغ وزهرة وجعفر الراوى عند نجيب محفوظ، كلها شخصيات من لحم ودم، وفى أعمالى هناك شخصيات تعد امتدادا طبيعيا لهؤلاء، فالمأساة واحدة، وتشابه الأقدار والمصائر والتعاطى مع العدم والعبث واللا جدوى مشتركات بين الجميع، هل ماتت تلك الشخصيات فى الواقع؟.

مقالات من نفس القسم