حركة النشر والكتاب في السودان

خالد عزب
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

د. خالد عزب

“الكتاب يكفيك عنوانه” مثل يردده المثقفون السودانيون، السوداني المتعلم مثقف بطبعه، فلا يوجد سوداني متعلم لا يمتلك مكتبة في منزله، لكن صناعة النشر بالرغم من هذا ليست بالقوة التي توازى حب السوداني للقراءة والثقافة، تأسس أول مركز لبيع الكتب في الخرطوم عام 1902 تحت عنوان “سودان book shop”، لذا كان السوداني المبدع يرى القاهرة نافذته للنشر والانتشار، قراءة حركة النشر في السودان تتطلب زيارة إلى مكتبة دار الكتب السودانية في شارع البلدية التي تأسست في نهاية الستينيات على يد عبدالرحيم مكاوي، وهى تتكون من 5 طوابق وتضم 30ألف عنوان، وهى أبرز مكان يمكن أن ترصد فيه حركة الكتاب السوداني والعربي في السودان.

ظل الوجود السوداني في معارض الكتب العربية حضوره فيها محدودا، ويرتكز بصورة أساسية لسنوات على الشركة العالمية للطباعة والنشر، إلى أن ظهر جيل جديد من دور النشر السودانية خلال السنوات الأخيرة، فزادت مشاركات دور النشر السودانية في معارض الكتب العربية بصورة نسبية منها: دار المصورات، دار الريم، مكتبة الشريف الأكاديمية، دار عزة التي تجاوز عملها 51 عام.

في السودان يمكن أن تقف كثيرا عند مركز عبدالكريم الميرغني، وهو مركز أهلي غير هادف للربح، أنشأ جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي، التي بدأت دورتها الأولى في 2002م، واكتسبت هذه الجائرة مصداقية وفاز بها عدد من الروائيين العرب ومنهم الدكتور عمار على حسن عن روايته بيت السنارى، والروائيين السودانيين، حتى اعتبرت هذه الجائزة مقياسا جيدا للأدب السوداني، المركز ينشر ابداعات سودانية لأجيال جديدة، وأهم ما ينشره في الشعر الفصيح والشعبي، فعد حاضنة حامية للأجيال الجديدة من الشعراء السودانيين، فضلاً عن نشره روايات وقصص سودانية.

الأديب السوداني يبدو مهاجراً بحكم هجرة المثقف السوداني من بلده، لكن ظهور دور نشر سودانية بثوب جديد جعل ساحة النشر في السودان كاشفة ومقدمة للأدب السوداني بصورة جيدة، ومن هذه الدور دار المصورات للنشر والتي قدمت ابداعات: عبدالعزيز بركة، أمين تاج السر حسن، حمور زيادة، سارة الجاك، عمر الصايم، وقامت بتقديم إنتاج الروائية السودانية المتميزة ليلي أبو العلا والتي نشرت إبداعاتها بعدة لغات، وعدت روايتها “كلمات زقاق” من أفضل الروايات التي تجسد السودان البلد والناس عبر سيرة حياة الشاعر السوداني عوض أبو العلا والرواية تدور أحداثها بين: السودان/ مصر/ بريطانيا، أي أن الاغتراب في الرواية السودانية هو بابها يبدو للعالمية على غرار رواية موسم الهجرة للشمال للطيب صالح.

تمثل دار مدارك نموذج جيد لحركة النشر في ثوبها الجديد في السودان، ربما مثل هذا مشاكل لها في 2016م مع الحكومة السودانية، حيث داهمت مقر الدار قوة أمنية صادرت العديد من الكتب والحواسيب، الدار تقدم في مطبوعاتها أغلفة كتب جيدة، وتعتنى إلى حد كبير بإخراج الكتاب، وهي تعتبر أحد مقاييس حركة الابداع الأدبي في السودان، فهي الناشر لروايات الأديب السوداني عيسى الحلو على سبيل المثال.

يغيب عن السودان النشر البحثي خارج إطار الجامعات السودانية، إلا أن مركز الدراسات السودانية الذي تأسس في القاهرة ويعمل حاليا من الخرطوم يمثل نموذجا جيدا يمكن أن يبنى عليه مستقبلاً، أصدر المركز 220 كتاب و12 تقرير سنوي تحت عنوان “التقرير الاستراتيجي السوداني” ويصدر مجلة كتابات سودانية صدر العدد الأول منها في عام 1922م، كما نشر الرواية الأولى للأديب السوداني أبكر آدم إسماعيل.

هل لدى السودان برنامج حكومي لدعم صناعة النشر؟ في حقيقة الأمر إن الدعم الحكومي لهذه الصناعة محدود للغاية، هذا ما انعكس على طبيعة صناعة النشر وأدواتها في السودان، وتقف دار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر التي احتفلت في 2017م بمرور 50 عاما على إنشائها كنموذج جيد للنشر الحكومي في السودان، فقد طبعت ما يزيد على 600 عنوان في مجالات متعددة، حتى أن أثرها في حركة النشر السودانية بارزاً، تأسست الدار عام 1965م كجزء من متطلبات الجامعة ودورها الأكاديمي، واستكملت مقوماتها سريعا من قسم للتحرير ضم مصححين لغويين ومحررين وشكلت لجنة نشر وألحقت بها مطبعة، بلغ عدد العناوين التي نشرتها الدار من 1967 إلى 2017م حوالى 600 عنوان، قدمت الدار كتب لأعلام السودان مثل: النذير دفع الله، نصر الحاج على، معاوية محمد نور، محمد المهدى المجذوب، عرفات محمد عبدالله، مصطفى حسن إسحاق.

يتراوح عدد الكتب التي ينشرها معظم الناشرين في السودان بين 10 على 25 عنوان وعدد قليل من دور النشر ينشر ما بين 40 إلى 60 عنوان في العام، وتعتمد عدد من دور النشر السودانية على الكتاب الجامعي والجامعات السودانية، وتقوم هذه الدور بالطباعة في مطابعها الخاصة وعددها لا يتجاوز 15% من عدد دور النشر في السودان، وباقي دور النشر في السودان تطبع كتبها إما في القاهرة أو بيروت أو في حالات أقل في الخرطوم، هذا يؤشر إلى عدم رسوخ صناعة الطباعة في السودان فضلاً عن عدم إنتاج أدوات صناعة الكتاب من ورق وأحبار فمستلزمات إنتاج الكتاب تستورد من خارج السودان.

أما من حيث المضمون فإن الكتاب السوداني يغلب عليه الابداعات الأدبية بصورها ثم الكتب السياسية ثم الدينية ثم تأتى باقي الموضوعات، هذا يؤشر إلى قلة عدد الكتب العلمية التطبيقية، فضلاً عن افتقاد السودان بصورة واضحة للنشر في أدب الطفل.

يواجه الكتاب السوداني عدة مشكلات منها منافذ التوزيع التي هي محدودة على مستوى العاصمة الخرطوم، وتكاد تكون نادرة في بعض المدن السودانية، وإن كانت هناك حلول غير تقليدية لهذه المشكلة، لكن تبقى مشكلة أخرة وهي ظاهرة الناشر الشبح الذي يزور ويقلد أي كتاب يظهر ثم يختفي، وهي ظاهرة تهدد صناعة النشر في السودان، وهي في تصاعد مستمر ولا يوجد إحصاء دقيق لها، لكن يمكن تتبعها من مكان لآخر بصورة خاصة في الخرطوم وبورتسودان.

الكتب الصادرة في السودان من 2015 إلى 2019

السنة عدد الكتب
2015 1004
2016 1183
2017 1347
2018 1012
2019 853

 

  • معرض الخرطوم الدولي للكتاب

يعد معرض الخرطوم الدولي للكتاب متنفس القارئ السوداني للحصول على الكتاب غير السوداني، لذا يزداد الاقبال عليه سنويا من كافة أرجاء السودان، كما تقوم الجامعات السودانية بالاعتماد عليه في تزويد مكتباتها، جاءت عام 2015 باختيار الخرطوم عاصمة للثقافة العربية لتعطى معرض الخرطوم اهتماما من الدولة غير مسبوق.

معرض الخرطوم للكتاب:

السنة عدد الدول المشاركة عدد الناشرين الجمعيات والمنظمات والهيئات عدد الزوار مدة المعرض التوكيلات ملاحظات
2015 15 200   65000 13 يوم    
2016 15 250   65000 13 يوم    
2017 16 279   78000 13 يوم    
2018 17 250   78500 13 يوم    
2019 16 220   65000 13 يوم    

 

مقالات من نفس القسم