حركة النشر في الجزائر.. قراءة تحليلية

خالد عزب
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

د. خالد عزب

مع انطلاق صالون الجزائر للكتاب ( معرض الكتاب ) هذا الأسبوع في الجزائر نري حراكا شبابيا وأكاديميا غير مسبوق يؤشر إلي أي مدي المواطن في الجزائر مرتبط بالكتاب ربما بسبب عدم توافر مئات العناوين في الجزائر طوال العام فشبكة توزيع الكتب في الجزائر ليست قوية فضلا عن توافر الكتابالعربي بصورة خاصة في الجزائر، لذا فإن الكتاب في الجزائر هو عنوان العديد من الاشكاليات التي تقودنا لمناقشة النشر في هذا البلد الثري بعلمائه ومثقفيه، ارتبط النشر في الجزائر باستقلال الجزائر عام 1962م، فمع استقلالها نستطيع أن نقرأ بدايات حراك للنشر، ففي هذا العام وضع أول برنامج وطني لتحفيز نشر الكتب على النحو التالي:

  • إنشاء الشركة الوطنية للنشر والتوزيع.
  • إلغاء أي رسوم لاستيراد الكتب.
  • اعتماد قانون حق المؤلف.

لكن مع العام 1965م نجد جدلا جزائريا حدد السياسة الثقافية للدولة، والتي حفزت نشر الكتب مع الاهتمام بالثقافة العامة عبر المواد السمعية والبصرية، إلى هنا حضور النشر الخاص مازال خافتا، خاصة أنه في عام 1966م أنشئت الجزائر المؤسسة الوطنية للنشر والإذاعة، المؤسسة الرسمية نشرت 175 عنوانا في الفترة من 1966 إلى 1975م، وطبعت منها 200 ألف نسخة، ولم يتجاوز إنتاج SNED “المؤسسة الوطنية المختصة بالنشر” 50 عنوانا في نفس العام إلى عام 1983 حين أعيد هيكلتها، وكان العام 1962 وما بعده شهد نشأة عدد من دور النشر الخاصة مثل: دحلب ولافوميك ودار النهضة والثعالبية.

في عام 1970م يدخل وافد جديد على حركة النشر في الجزائر هو “ديوان المطبوعات الجامعية” والذي سيعرف اختصارا ب OPU، هذا الوافد جاء ليواكب حركة ونمو التعليم الجامعي في الجزائر.

مطبوعات ديوان المطبوعات الجامعية من 1990 – 2000
السنة عدد الكتب المطبوعة
1990-1991 220
1991-1992 182
1992-1993 139
1993-1994 74
1994-1995 160
1995-1996 121
1996-1997 28
1997-1998 21
1998-1999 123
1999-2000 72

 

الجدول منقول عن فنون رشيدة، الممارسات المهنية في توزيع الكتاب في الجزائر، رسالة ماجستير، جامعة وهران، 2016.

ظلت الجزائر لسنوات ذات إنتاج محدود من الكتب، وكانت الدولة والأوساط الثقافية في الجزائر لديهم إدراك تام بذلك، لذا أعيد تنظيم قطاع الثقافة في الدولة عام 1982م، لينتج عن ذلك في مجالنا مؤسستين هامتين هما:

  • المؤسسة الوطنية للكتاب.
  • المؤسسة الوطنية لتوزيع مطبوعات الصحافة.

لم يقدم هذا الكثير للإنتاج المعرفي الجزائري بما يوازى حجم بلد لديه العديد من المدن ذات الثقافة العريقة، وتعدد الجامعات وزيادة أعدادها مع الزمن كانت أحد العوائق، لكن العائق الأكبر هو نقص الخبرات في مجال الطباعة، والخبرات في مجال النشر، لكن هناك تطور نوعى حدث مع تولى خليدة تومي وزارة الثقافة في الجزائر من 2002 إلى 2014م، حيث دفعت بعدد من البرامج الحكومية لتنشيط النشر، تواكب معها اختيار عدد من المدن الجزائرية كعواصم ثقافية، فنشطت حركة النشر في الجزائر نسبيا، لتسجل في 2011م، 1382 عنوانا باللغة العربية و 623 عنوانا بلغات أجنبية، وهو ما يرمز إلى تراجع النشر باللغة الفرنسية في الجزائر مقابل اللغة العربية، وليقفز عدد العناوين المنشورة في الجزائر عام 2012م إلى 4503 عنوان وهو رقم قياسي.

لكن أيضا لابد أن نثمن دور النشر الخاصة في الجزائر، والتي كان صمودها أحد أسباب حراك النشر النسبي في الجزائر، لكن على الجانب الآخر فإن بروز أسماء جزائرية منذ وقت مبكر كان عاملا ضاغطا لبناء صناعة نشر جزائرية، فكيف لكُتاب مثل يسمينة خضرة، مالك بن نبي، الطاهر وطار، نينا بوراوي، مفدى زكريا، وغيرهم لا تتوفر ابداعاتهم بين يدي القارئ الجزائري، كما أن صعود نجم أُدباء جزائريين على الساحة العربية كان له تأثير مهم في حركة النشر بالجزائر، بل وفى تحفيز أجيال جديدة في الجزائر على الابداع والكتابة ومنهم واسينى الاعرج وأحلام مستغانمي وكلاهما طبعت رواياته عدة طبعات في عدة دول عربية.

عدد الناشرين في الجزائر 300 ناشر، هناك على الأقل 40 ناشر منهم فاعل بكثافة في حركة النشر الجزائرية، تتركز نسبة كبيرة من الناشرين ومكتبات توزيع الكتب في العاصمة الجزائر، لكن هناك مدن أخرى واعدة في حراك النشر بالجزائر مثل وهران، وإن كان يغلب عليها الكتاب التعليمي مثل: التفاحات الثلاثة، القارئ الصغير، أم الكتاب، وتقود دور نشر أخرى النشر العام مثل: القدس العربي، دار الغرب، دار العزة والكرامة، دار البصائر، الألفية الثالثة، ابن النديم، ونرى دور نشر موزعة على عدد من المدن الجزائرية لكنها محدودة العدد مثل: بجاية، يتزى أوزو، قسنطينة، تلمسان، ويلاحظ ارتباط حركة النشر في هذه المدن بالجامعات فيها، وهو ما يعنى أن الجامعات كان لها دور إيجابي وتحفيزي للنشر في الجزائر.

هناك العديد من دور النشر الجزائرية التي بدأت تذهب لبناء دار نشر متكاملة لتضمن سلاسة صناعة الكتاب، فدار الشهاب التي تأسست عام 1989م في الجزائر العاصمة تمتلك مطبعة، كادر لإعداد الكتاب للنشر، مكتبة للتوزيع، إذ هنا تتجه نحو امتلاك كافة أدوات النشر، بدأت الدار بالكتاب الجامعي، لكن حدثت لها نقلة نوعية في عام 2000م، حين دخلت عالم الأدب بنشر القصص القصيرة والروايات، ونشرت منذ إنشائها ما يزيد على 850 عنوان.

تأسست دار ألفا للوثائق في مدينة قسنطينة عام 2001م، وهي نموذج جيد لحركة النشر خارج العاصمة الجزائر، تتنوع إصدارات ألفا، بل تصاعدت وتيرة إصداراتها خلال الخمس سنوات الأخيرة، لكن أهم ما في الإصدارات فضلاً عن تنوعها، هو تقديمها جيل جديد من الكتاب الجزائريين الذين يتميزون بتقديم مضمون جيد من ذلك على سبيل المثال لا الحصر:

  • أوراق اقتصادية تأليف محبوب مراد.
  • جهود محمد عبد الله دراز في التفسير الموضوعي، تأليف عبد الحليم الهادي.
  • تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تأليف يوسف مصطفى.
  • بيولوجيا الخلية، تأليف صالح عطا الله.
  • تجليات الوصل في الشعر العربي المعاصر، تأليف إيمان سعيد.
  • هذا فضلاً عن تقديمها عدد من الروايات لروائيين جدد على الساحة الجزائرية والعربية والعديد من كتب الأطفال.
إصدارات دار ألفا للوثائق من 2015-2019
السنة عدد الإصدارات عدد الكتب المترجمة
2015 3 0
2016 3 0
2017 27 0
2018 181 0
2019 291 0
المجموع 505 0

 

من الملاحظ تطور النشر لدى دار ألفا بصورة متصاعدة تكشف أيضا عن نمو حركة التأليف والنشر في قسنطينة.

تعد دار القصبة من أفضل دور النشر الجزائرية، إذ أسست عام 1992م على يد إسماعيل امزيان، وتتنوع مطبوعاتها بشكل لافت، فهي تنشر في: التاريخ السير الذاتية، الفنون، الأدب، والقواميس، وغيرها، وتنشر الدار لمجموعة من كبار المفكرين والمثقفين والأدباء في الجزائر مثل: جيلالي خلاص، مصطفى لشرف، على كافي، مولود عاشور، حسن بن معلم، محند آكلي بن يونس، عبد الحميد بن هدوقة، مريم قماش وغيرهم، كما أن كتب الأطفال لديها مساحة لدى دار القصبة، وكذلك الكتب التعليمية.

إن إجراء مسح لحركة النشر الجزائرية يجعلنا نقف عند دار الحكمة، التي أخذت على عاتقها نشر رسائل الماجستير والدكتوراة، فهي تذهب بهذا إلى تقديم أجيال جديدة من الباحثين للحركة العلمية والثقافية العربية، كما ذهبت أيضا إلى فضاء النشر الرقمي، فضلاً عن تنوع إصداراتها في كافة المجالات.

تعد دار تلاتنقيت نموذج جيد لدور النشر خارج العاصمة الجزائر، إذ أنها تعمل من بجاية، وهذا ما أتاح لها مساحة مختلفة سواء من القراء أو الكتاب، فقدمت أسماء جديدة للساحة الثقافية مثل: زيوى يحيى الكاتب الشاب الذي نشرت له كتابين لقيا اقبالا هما: أجمل القصص، على خطى الأنبياء والصالحين، واهتمت بالكتب التاريخية فنشرت لمولود فرعون كتاب “اليوميات”، كما أعادت نشر العديد من الكتب العربية النافذة مثل كتاب “شارل وعبد الرحمن”، و”عذراء قريش” لجورج زيدان، وعنيت أيضا بالأدب العالمي وكتب التراث.

هناك إشكاليات عديدة في صناعة الكتاب في الجزائر، بدأت ظاهرة خلال عام 2020م مع أزمة كورونا، إن محدودية شبكات التوزيع، تجعل هناك سقفا لحركة النشر، كما أن المطابع ما زالت من حيث العدد والتجهيزات دون المطلوب للارتقاء بالنشر، فضلاً عن فائض في الإنتاج المعرفي والفكري والعلمي بالجزائر، وإن كان النشر الرقمي في الجزائر أخذ يحفز الأجيال الجديدة خاصة مع نجاح بوابة الدوريات العلمية في الجزائر، لكن يبقى النشر في الجزائر صناعة واعدة لوجود جمهور يقرأ في حاجة إلى مزيد من المكتبات العامة ومحفزات القراءة.

الكتب المنشورة في الجزائر
السنة عدد الكتب
2015 1177
2016 2924
2017 3316
2018 1074
2019 1504

 

 

اتجاهات نشر الكتب في الجزائر
السنة معارف عامة كتب تربوية التاريخ والجغرافيا كتب أدبية كتب العلوم الاجتماعية الكتب الدينية التدبير المنزلي كتاب الطفل
2015 137 185 190 245 149 316 8 149
2016 596 684 379 290 217 301 91 366
2017 369 510 328 556 543 588 169 253
2018 164 213 87 289 91 112 13 105
2019 1 157 87 518 239 129 1 118

 

النشر بالعربية واللغات الأجنبية في الجزائر
السنة اللغة
العربية أجنبية
2015 816 361
2016 1702 1222
2017 2409 907
2018 898 176
2019 1210 294
2020 1030 454

 

يمثل النشر باللغة الفرنسية نسبة كبيرة من حجم النشر باللغات الأجنبية في الجزائر، لكن أيضا من الملاحظ أنه قبل العام 1970 كان النشر باللغة الفرنسية في الجزائر هو الأكبر من حيث عدد العناوين وتدريجيا زاد النشر باللغة العربية، زاد حجم النشر في الجزائر نتيجة لعدد من برامج النشر التي هزت النشر في الجزائر بعد العام 2000م.

 

  • الصالون الدولي للكتاب بالجزائر

بدأ صالون الجزائر للكتاب في عام 2001م وإلى الآن وهو يتطور عام بعد عام، ويمتلك موقعا رقميا يقدم خدمات متكاملة لدور النشر والجمهور، ويتوازى مع الصالون أنشطة ثقافية جيدة، وهو يستقطب جمهورا من كافة أنحاء الجزائر، إذ أن ضعف شبكات التوزيع وعدم توافر الكتاب العربي والأجنبي في الجزائر يجعل من الصالون فرصة جيدة للقارئ الجزائري للحصول على الكتاب، والجزائر تستطيع مستقبلا أن يقام بها أكثر من معرض دولي للكتاب، خاصة في مدن مثل وهران وقسنطينة.

السنة عدد الدول المشاركة عدد الناشرين الجمعيات والمنظمات والهيئات عدد الزوار مدة المعرض التوكيلات ملاحظات
2015 47 910   1.573.000     عدد الناشرين من الجزائر 290 ناشر ومن خارجها 620 ناشر، عدد العناوين المشاركة 250.000عنوان
2016 50 963   1.535.000     عدد الناشرين من الجزائر 298 ومن خارجها 665،

عدد العناوين المشاركة 400.000عنوان

2017 52 972   1.700.000     عدد العناوين المشاركة 260.000عنوان
2018 47 1015   2,200,000     عدد الناشرين من الجزائر 276 ومن خارجها 739، عدد العناوين المشاركة 300.000
2019 36 1030   1.265.000     عدد الناشرين من الجزائر 298 ومن خارجها 732، عدد العناوين المشاركة 250.000

هذا يطرح السؤال حول القراءة في الجزائر، في حقيقة الأمر أنه في الجزائر العديد من المبادرات للقراءة أبرزها الجزائر تقرأ، فضلا عن العديد من الفاعليات في الجزائر في الفضاء الافتراضي صارت تؤشر علي نمو القراءة في هذا البلد العميق العريق حتي أن المجلة الثقافية الجزائرية لي شبكة الانترنت صارت هي المكان المفضل لتفاعل المثقفين العرب والجزائرين عبر ألاف المقالات التحليلية والنقدية، ونري في المجلة صدي الكتاب العربي والجزائري في هذا المجتمع، نمو الكتاب المستعمل وتجارته وتبادله في الجزائر صار فوق الخيال لدرجة أن رصدها به العديد من المشكلات لكن وسائط التواصل الاجتماعي بها مجموعات تتبادل الكتب أو تهديها لمن يرغب في القراءة، فهل المجتمع الجزائري يقرأ، نعم يقرأ ويكتب لكن حركة النشر في الجزائر لا تستوعب الانتاج المعرفي الجزائري.

مقالات من نفس القسم