ذاك أفضلُ عَالَمٍ يقبلُ أنْ نغيّرَه ونبدّلَ كلَّ كائناته ونعوّضَه بالشعر واللون والحكايات بعدَما كانَ يضجُّ بالفراغ والسكون, ذاك مكانٌ باهتٌ يوجعُ القلبَ والعينين قبلَ مكوثنا فيه, ويخضّرُ المكانُ نفسُه بعدَ وداعنا له حين نخطفُ بأبصارنا خلفَنا لنرى هل سرقتْ فوضى المكان منّا شيئاً: قلماً أو ريشةً أو علبة الدخان ؟
هذا ما أتذكّرُه قبلَ عشر سنوات.
عشرُ سنواتٍ تمرُّ, وتمرُّ الصداقاتُ بصفحة أصدقائي الذين يقلّصُهم فضاءُ المكان أو أنّ السنوات تبتلعُ صفاءً أو نقاءً كانَ فيهم .
عشرُ سنوات تمرُّ والمكانُ الفسيح – كان فسيحاً- يتآكلُ ويتقلّصُ ومِنْ ثَمَّ : ي ت ب خّ ر.
وتتبخّر معَه الخضرةُ وطيبةُ المكان مع أهله حتّى باتَ شأنُ المرء أشبهَ بالوقوف على الأطلال لاعناً وشاتماً كلَّ العقود التي مرّتْ, – وتجاوزاً – كلَّ العقود التي ستأتي.
هكذا أفهمُ جنكو الذي ألتقيه لأسألَه:
ـ كم لوحةً أنجزتَ ؟
ـ ليسألني ماذا كتبتَ ؟