تنكيلٌ أنيقٌ بجثّة
أخيرًا، تتدفأ بك.. ثعلبًا ميتًا
الموت شفيع
والقرب صار ممكنًا
عواؤك الذي ضجّت به المساحات، فجأةً خفَت
الآن، على هواها - لا هواك - تسرح الغزلان
وهي.. تشدّك إليها، جيفةً بلا حراك
شدًا أحاديّ الجانب
شدًا محدّبًا
تحصرك..
تعصرك...
كطفلها الذي نجت به من الحرب، وهي لا تدرك بعد.. أنه مخدة
تثنيك وتنثني عليك..
بينما أنت..
تصير قطعةً.. طيّعةً.. ليّنةً.. منها..
أطرى من لحمها، من كعكة إسفنجية بيتية الصنع
تتكوّم في بطنها
تُلصقك برحمها قدر الإمكان أكثر، علّها تحبل بك من جديد .. على طريقتها
حيوانًا من آدمية
ميتًا من حيّة... منها أنت تتحدّر
غامر إحساسها بك الآن
وأنت جثة
ما عادت تهابك ما عادت تخشاك
ولا عادت تختبئ منك في الحُفر أو الثغرات التي خلّفها رجال لم تدخل أنت في حساباتهم
بعد الآن لن تكتم أنفاسها لثلاث دقائق في برك الماء.. خيفةً من جيفة.. ثم تسترق الهواء استراقًا عنفوانها
انغمارها بالنور، لطالما كان رهن انتفاخ رئتيك
يسقط صراع البقاء بسقوطك، يسقط القيد من عند الكاحل، والكثير من دمعها، والرُقية بين عاتقها ونحرها
حيث كنتَ ستطبق عليها كمصيدة
تختل قانونية الطبيعة المشروطة بوجودك وفنائها
وها قد اجتمعتما معًا بشكلٍ حضاري، جمعكما موتٌ يفرّق في العادة
والمجد لمشهدٍ الموت فيه حاضر.. دون تكلّف
قطعةً فنيةً تبدوان الآن، قطعةً قرمزيةً مُلهمة
يا رب المرحمة والملحمة، كم تتكامل النقائض!
- ... ولأنّ وعود الأديان بحياةٍ أخرى لا تشملك
ولأنك خارج فكرة العَوْد الأزلي تظل
ولأننا أنانيون في حساباتنا في كل العوالم
ولأن هذه الحياة تحديدًا تبدو أخف وزنًا بدونك
ولأن الخفة تخيف أكثر من الثِقل
خفتك حين يقحف الخواء أحشاءك، وخفتها وهي تجري بلا هدفٍ بلا دافع ..
وهي تفرغ منك، من انشغالها بالفرار...
من حربها التاريخية معك، شيئًا فلا شيء
تفكر كيف تستبقيك، كيف ترغمك على البقاء معلقًا بين موتك وحياتها
كجرمٍ سماوي انطفأ نوره منذ ملايين السنين، ولكننا لا نزال نراه
كجرنٍ من الحزن جفت فيه غلّتها من البرتقال، وظلت ذكراه
رائحةً من الحلاوة والحموضة
كيافا مع كل التهويد.. يافا
مع اقتلاع مساجدها... يافا
كالخطيئة تظل خطيئة مهما ألحقتها بالصلاة
بلا ترددٍ.. تقرر أن تسلخ فراءك
تشق بطنك على طوله...
على طول التاريــــــخ
على طول فخذها تنسكب أحشاؤك طرية
تنفضك كسجادة .. ثم
تتأزر بك، ومن أصابعها تنقط دماؤك... تلف ذيلك حول عنقها سبع لفات
يلامس صلبك ترائبها سبع مرات
ومن أصابعها لا تزال تنقط دماؤك
تمسح ما سال منك ببطانتك
وتُخرج يدها.. بيضاء من غير سوء
بيضاء من غير سوء
فعلى البطائن يجفّ الدم
لا تندهش! نحن نحمل من نحب على أكتفانا حتى بعد رحيلهم
ومن نحبهم ثقيلون
ويتركون البُقع
ثم تتدفأ بك.. عادي.. ثعلبًا ميتًا؛
موتًا يزيدك موتًا ويزيدها... أناقة