تطور أدب الخيال العلمي في الأدب العربي

تشكيل
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

نشوة مصطفى

يعتقد البعض أن نشأة أدب الخيال العلمي مرتبطة بنشأة الأدب بشكل عام ومن الممكن اعتبار بعض الملاحم القديمة كملحمة جلجاميش أو بعض أعمال الأديب اليوناني اريستوفان كالسحب أو الطيور هي البدايات الأولى لأدب الخيال العلمي، ويعتقد البعض الأخر أن عناصر أدب الخيال العلمي لا تنطبق بشكل كبير على تلك الأعمال وأنها أقرب إلى الخيال من الخيال العلمي واتفق الكثير أن البداية الحقيقية لأدب الخيال العلمي هي رواية ماري شيللي فرانكشتاين عام 1818 ثم ظهر تصنيف أدب الخيال العلمي بشكل واضح مع نهاية القرن التاسع عشر مع أعمال الفرنسي جول فيرن والأنجليزي هربرت جورج ويلز.

والملاحظ أن أدب الخيال العلمي أرتبط بشكل كبير بالثورة الصناعية والتكنولوجية في أروبا وكانت العلاقة دائما هي علاقة تأثير وتأثر متبادلة فكانت بداية العديد من الاختراعات والابتكارات التي مثلت فقزة تكنولوجية فكرة في رواية خيال علمي والعكس ألهمت العديد من النظريات والابتكارات التكنولوجية كتاب أدب الخيال العلمي لأشهر وأنجح الأعمال.

ومن هنا تتضح تعقيدات مكانة أدب الخيال العلمي في الأدب العربي فمنذ بدايات الثورة الصناعية والتكنولوجية في الغرب والعالم العربي هو مستهلك للتكنولوجيا ومستهلك لأدب الخيال العالمي و يقول دكتور أحمد خالد توفيق رحمه الله أحد كتاب الفانتازيا والخيال العلمي “أن أدب الخيال العلمي في الأدب العربي قد ولد خاسراً في بيئة تستهلك العلم ولا تنتجه”وبالتالي كان من الصعوبة أن يحتل أدب الخيال العلمي في الأدب العربي نفس مكانة أدب الخيال العلمي في الأدب العالمي.

وفي هذا المقال سنتتبع بدايات النشأة الأولى لأدب الخيال العلمي في الأدب العالمي وتطوره والوقوف على أهم نقاط التحول في تاريخه و رواده وأشهر كتابه بشئ من التفصيل من خلال النقاط التالية مفهوم أدب الخيال العلمي بشكل عام ، ونشأة أدب الخيال العلمي وأنواعه ووظائفه وأهم خصائصه.

 مفهوم أدب الخيال العلمي

مما لاشك فيه أن ما حققته البشرية في أخر مائتي عام فاق ما حققته على مدار تاريخها فعصرنا هو بلا منازع عصر العلم .وتبدأ مقدمات انجازات هذا العصر قبل ذلك قليلاً تاريخياً بتلك الثوره التي قادها علماء القرن السابع عشر مثل جاليليو(1)، ونيوتن وغيرهم فقد استطاعوا هدم كل التصورات القديمه عن الكون ومكان الأرض منه وكشف نيوتن عن قوانين الحركه والجاذبيه لتتوالي بعد ذلك الكشوف العلميه وتطبيقاتها العمليه التي أدت عملياً إلى الثوره الصناعيه الكبرى في الغرب وانتشرت منها إلى سائر بقاع العالم.

وواكب تلك الثورة الصناعية ثورة علمية وتكنولوجية في مختلف المجالات فنجح الإنسان في النزول على سطح القمر و تجول بالفضاء واتجه إلى الكواكب و حقق ثوره في مجال المواصلات والاتصالات التي تغطي شتى  بقاع المعموره كلها والثوره كذلك في مجال الطب و زراعه الأعضاء البشريه واستبدالها والهندسه الوراثيه والكمبيوتر وما إلى ذلك. وكان لابد أن ينعكس ذلك على مجالات الفكر والأدب فظهر تصنيف أدب الخيال العلمي معنى واصطلاحاً في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

يعرف مصطلح الخيال في مجال علم النفس بأنه نشاط نفسي تحدث من خلاله عمليات تركيب ودمج مكونات الذاكرة والإدراك وبين الصور العقلية التي تشكلت من قبل خلال الخبرات الماضية، ويؤدي ذلك إلى إنتاج أشكال”صور” عقلية جديدة.

ومع اعتراف الدارسين جميعا تقريبا بصعوبه وضع تعريف جامع مانع لأدب الخيال العلمي فإن هناك محاولات جرت على أي حال لتعريفه،  فأبدى كاتب الخيال العلمي “كينجسلي” الرضا بتعريف معجم أكسفورد الوجيز الذي يقوم أنه “أدب مملوء بالخيال يقوم على اكتشافات علميه او تغيرات بيئيه مفترضه وعالج عادة رحلات الفضاء والحياة على الكواكب الاخرى”. (2)

وفي دائره المعارف الأمريكيه “أنه أدب خيالي يشكل فيه أحد المنظورات العلميه عنصراً في الحبكه أو الخلفيه” (3)أما دائره المعارف البريطانيه الصغيره فتشير إلى أن “أدب الخيال العلمي يعالج اكتشافاً أو تطوراً علمياً وسواء وضع في المستقبل أو الحاضر الخيالي أو في الماضي المفترض متفوقا على ما هو موجود أو ببساطه مختلفه عنه”.(4)

 ولعله من المشروع أن نقول أن أدب الخيال العلمي وإن كان أدباً خيالياً فالخيال فيه ليس جامحاً حراً لأنه يربط نفسه من البدايه بحقائق علميه معروفه أو باكتشافات علميه قائمه أو محتملة أيضا (بناءاً أيضاً على ما هو معروف) ينطلق منها للكشف عن جانب مجهول من الكون أو من الحياه ومن النفس الإنسانيه محركاً أحداثه في مكان مجهول في الحاضر أو الماضي أو منطلقا إلى المستقبل.

ورغم وجود مصطلح العلم في أسم هذا الجنس الأدبي “الخيال العلمي” إلا أن العديد من الأعمال خصوصاً في البداية لم تقدم تفسيراً علمياً منطقياً ورغم ذلك جاز اعتبارها أدب خيال علمي وليس أدب خيال جامح وطرح أفكار قد تكون صعبه للتحقيق أو صعبة الإثبات علمياً على الأقل على النحو الذي تذكر به في هذه الأعمال الأدبيه لكنها تظل عناصراً في أعمال تنتمي إلى أدب الخيال العلمي لا إلى أدب الخيال الجامح أو الحر والفرق دقيق في اعتماد أدب الخيال العلمي على التفسير العلمي واحترامه للمصطلح الامر الذي يعني ان القضيه هي قضيه جو سائد في هذا اللون الادبي تشيعه اللغه العلميه التي يستخدمها الكتاب في مقابل لغه السحر أو الإثاره.

سمات أدب الخيال العلمي

اولأ:يعتمد أدب الخيال العلمي على مفهوم المحيط الزمني والمكاني المغاير و يلعب على فكرة الواقع البديل او التاريخ، مع تقديم قواعد وتقاليد هذا العالم.

ثانياً:  تهتم روايات الخيال العلمي بتقديم تحليل وتفسير للنظريات العلمية التي يقوم عليها العمل بشكل غير مباشر من خلال رسومات بيانية او تقارير أمنية أو خرائط أو معادلات علميه وغيرها من الخطابات التي تخترق عالم الرواية.

ثالثاً: تعكس عناوين روايات الخيال العلمي أفكار وصيغ مختلفة مثل عناواين مستوحاة من صيغ علمية إلى صيغ غير متداولة بهدف تغريب القارئ عن عالم الواقع وتقريبه من الواقع البديل الذي تقدمه الرواية.

رابعاً: الصراع الرئيسي في هذه الأعمال مع الأخر سواء كان هذا الأخر كائن فضائيا أو تكنولوجيا معاصرة أو إنسان تخلى عن إنسانيته واصبح عبد للعلم .

خامساً: غالباً ما تقوم أعمال الخيال العلمي على سلاسل وتقدم نفس الشخصيات الرئيسية الأساسية ومجموعة من الأفكار والقوانين والخلفيات لواقع بديل متكامل ومتداخل لذلك يحاول الكاتب استثمار بناءه في سلسلة أعمال كما هو مع سلسة نوفا لدكتور رؤوف وصفي وسلسسلة ملف المستقبل لدكتور نبيل فاروق وسلسلة ماوراء الطبيعة لدكتور أحمد خالد توفيق.

سادساً: تعتمد روايات الخيال العلمي على كم هائل من المصطلحات العلميه والكلمات المؤلفه خصيصاً للعمل واحياناً تبتكر لغات وشخصيات عديده سواء أرضيه أو أليه أو فضائيه

سابعاً: تلعب التكنولوجيا دوراً هاما وتعد من العناصر الأساسيه للجذب ولكن لم تعد العنصر المسيطر منذ منتصف الخمسينات تقريباً بعد أن كانت المخترعات العلميه هي السبب الرئيسي في النجاح.

ثامناً: غالباً ما يستغل كاتب روايات الخيال العلمي رغبة القارئ في البحث عن واقع وعوالم بديله بعد ان شعر بعجزه الكامل عن التواقف والتكيف مع واقعه فيقنع القارئ أن يتخلى عن طرق تفكيره القديمه ويتكيف مع عالم جديد قائم بالكامل على احتمالات.

أنواع أدب الخيال العلمي:

1-  السفر عبر الفضاء:

وتقوم على فكرة السفر إلى الفضاء حيث أن الكرة الأرضية اقتربت من الفناء بسبب الكوارث أو نقص الموارد وبالتالي يكون القرار الذهاب الى الفضاء.

2-  أوبرا الفضاء(5)

تتسم  بغلبة طابع المغامرة في الفضاء أكثر من الاهتمام بالأمور العلمية.

3-  المغامرة العلمية:

تقوم حول مجموعه من العلماء تم تكليفهم بمهمة علمية مثال رواية رحلة إلى مركز الأرض وعشرون ألف فرسخ تحت الأرض للكاتب الفرنسي جول فيرن.

وتتداخال الأنوع الثلاثة الأخيرة (روايات السفر إلى الفضاء وروايات أوبرا الفضاء وروايات المغامرة العلمية) إلى حد كبيرومن الصعب أن ينتمي عمل أدبي بشكل قاطع لأي نوع وغالباً ما يكون هناك مزيج بين الأنواع الثلاثة مع غلبة مميزات نوع معين على الأنواع الأخرى.

4- أعمال الكوارث:

كائن فضائي أو كائن غريب الشكل قادر على تدمير كل شيء مثل الأعمال التي تتناول خطر يهدد سكان الأرض وبدأت هذه النوعية  في أمريكا في الثلاثينات وانتشرت لحد كبير خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمر.

5- السفر عبر الزمن:

 وهي من أقدم أفكار الخيال العلمي وفكرة تراود العلماء والكتاب والأدباء دائماً والمثال على ذلك رواية ألة الزمن للكاتب جورج ويلز التي كتبت لأول مرة في نهاية القرن التاسع عشر.

6- اليوتوبيا النقيضة أو الدستوبيا:

وتقدم صورة متخيلة لنقيض العالم المثالي عالم شرير عالم كابوسي تماماً ومستقبل مظلم ومن أمثلة الروايات الديستوبيا رواية حكايات الجارية لمارجريت أتوود.

7- الغزو الفضائي

يذكر كيث بوكر في كتابه” المرجع لروايات الخيال العلمي أن  “القصص التي تتضمن غزو كوكب الأرض من قبل قوى لمخلوقات من الفضاء الخارجي تعد واحدة من أقدم صور روايات الخيال العلمي”(6) وخصوصا روايات جورج ويلز.

8- روايات الحاسبات

 تقوم على فكرة أن  التكنولوجيا تدخلت في حياة البشر بشكل كبير حتى أدت في النهاية إلى تدميرها.

وظائف أدب الخيال العلمي

1- الوظيفه الدعائية

ترتبط بنوعية الخيال وتؤكد على إمكانية الاستفاده من انجازات العلم لخدمة البشرية وتتصل هذه الوظيفة بضرورة مواكبة أحدث الاكتشافات العلميه الموجودة على مستوى العالم، وتؤدي إلى دفع المتلقي إلى مواكبة أحدث الاكتشافات العلمية.

2- الوظيفه التنبؤية

كتاب الخيال العلمي يطلقوا لعنانهم التفكير وتقدم أعمال الخيال العلمي رسالة مفادها أنه حقاً ما تقرأونه خيال لكن ليس بعيداً عن التحقيق وهذا ما فعلته العديد من الأعمال الأدبية من فئة الخيال العلمي خصوصاً في بداية تقديمه في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في أعمال أدباء مثل الأديب البريطاني ورائد أدب الخيال العلم”جورج ويلز” والأديب الفرنسي ورائد أخر من رواد الخيال العلمي “جول فين” في أعمال عديدة تنبأت بابتكارات هامة مثل الغواصة وأجهزة الكومبيوتر والصواريخ والوصول إلى القمر وهو ماتحقق بعد ذلك. والقيام بهذه الوظيفة ينبع من أن الأعمال الأدبية لا تصدر بمعزل عن المجتمع العلمي لكنها قائمة على دراسته عن كثب والوقوف على أهم أنجازاته ومشروعاته.

2- الوظيفة الإنقاذية

تتم من خلال قيام كتاب أدب الخيال العلمي بالتأكيد على ضرورة ترويض الخيال الجامح حيث أنه  عندما يعرف الإنسان أن الخيال الزائد من الممكن أن يؤدي إلى أخطار أو كوارث أو أضرار لابد أن يفكر كثيراً قبل أن يعدو خلف هذا الخيال، وذلك من خلال الإشاره إلى الوسائل التي تستخدمها الشخصيات للحد من الأخطار الناتجة عن بعض الاكتشافات العلميه.

النشأة وتطورأدب الخيال العلمي الغربي

ذهب البعض كما ذكرنا إلى اعتبار أدب الخيال العلمي نوع من الأدب ارتبط بدايته ببداية النصوص الأدبية والتراث الإنساني كملحمة جلجاميش وألف ليلة وليلة وبعض أعمال المسرح اليوناني والبعض الأخر أعتبر البداية الحقيقة في القرن السابع عشر تزامناً مع النهضة الأروبية في كافة المجالات مع أعمال مثل “يوتوبيا” لتوماس مور و أطلانتس الجديدة” لفرانسيس بيكون و”مناقشة حول تعددية العوالم” لبرنارد دي فونتيل.

لكن الكثير من الكتاب والباحثين في مجال أدب الخيال العلمي ذهب للاعتقاد أن بداية أدب الخيال العلمي بشكله الحالي كانت في القرن التاسع عشر وبالتحديد مع رواية “فرانكشتاين” لماري شيللي عام 1818 ثم الانطلاقة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بالأخص مع روايات الكاتب الفرنسي جول فيرن والكاتب الانجليزي جورج ويلز.

وفي كتاب دليل كامبريدج للخيال العلمي يذكر الكاتب على سبيل تقديم مجموعة من أشهر روايات الخيال العلمي أكثر من 300 عمل لعشرات الكتاب من مختلف البلاد الأروبية والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي منذ بادية كتابة أدب الخيال العلمي وحتى بداية الألفية الثلاثة. (7)

وارتبطت أعمال أدب الخيال العلمي بشكل كبير بالاهتمام بكل ما هو جديد في مجال البحث العلمي فنجد العديد من كتاب أدب الخيال لديهم اهتمامات كبيرة بمتتابعة تتطورات أخر ما توصل إليه العلم من جانب وإطلاق العنان لخيالهم على جانب أخر فتتسابق توقعاتهم وخيالهم في كثير من الأحلام مع الواقع.

والمثال على ذلك نرى إسحق إزيموف كاتب وأديب في مجال الخيال العلمي أمريكي من أصل روسي كان غزير الإنتاج حيث كتب أكثر من 500 عمل ولاقت أعماله النجاح والانتشار وتم تحويلها إلى أفلام سينمائية ، وكان تخصصه ودراسته هو مجال الكمياء الحيوية، وعلى شاكلته العديد من الكتاب ذو الخلفيات أو الاهتمامات العلمية في كثير من المجالات.

وكان هذا هو حال أدب الخيال العلمي منذ نشأته يدور في فلك مجال العلم والعلماء وأخر تطورات البحث العلمي والنظريات العلمية يؤثر ويتأثر بها لا يمكن فصله عنهم أو فصلهم والعمل بمعزل عنه.

هذا بالإضافة إلى أن كبار اأدباء الخيال العلمي يتلقون الرعاية والدعم من المؤسسات الرسمية والعلمية، حتى أن بعضهم يشارك في تقديم استشارات ونصائح لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، كما تتم الاستعانة بروايات وقصص الخيال العلمي لاستلهام التصاميم المبتكرة لأشكال المراكب الفضائية أو التقنيات الوقائية لحماية رواد الفضاء.

النشأة التاريخية وتطور أدب الخيال العلمي العربي

دخل أدب الخيال العلمي الأدب العربي بتأثير من الأدب الغربي بعد أن اطلع عليه المثقفون والأدباء العرب وقد أتخذ النقاد العرب في البداية موقف معادي من أدب الخيال العلمي ولم يمنع ذلك عدد من المثقفين والأدباء من خوض التجربة فهم يعلمون ماينتظرهم من وراء ذلك التوجه لذلك النوع من الأدب من اتهامات  بجموح في الخيال أو تشويه للعلم أو القول بأن أدب الخيال العلمي هو في الأصل “علم وليس أدباً، أو أنه أدب وليس علماً”(8)

والغريب أن تلك الموجة من الهجوم والنقد الهدام هي نفسها تقريباً التي تعرض لها أدب الخيال العلمي في الغرب في بدايته وهو مؤشر أن أدب الخيال العلمي العربي ما يزال في طور الطفولة ويمر بنفس المرحلة التي مر بها أدب الخيال العلمي الغربي من قبل ، حيث زاد عليه نقد الناقدين، فقلل بعضهم من شأنهأ أو وصف أدباءه بالهرطقة والدجل أو حتى الشعوذة، أو اعتبرها البعض مجرد شكل من أشكال الكتابة للأطفال والمراهقين.

وقد ذهب البعض إلى اعتبار ترجمات رفاعة الطهطاوي لبعض أعمال الخيال العلمي العالمية هي الإنتاج الأول لأدب الخيال العلمي للأدب العربي وهو ما ينافي المنطق لأن الأعمال مترجمة ولم تكن نتاج إبداع عربي ولا ينفي ذلك فضل رفاعة الطهطاوي في نقل تلك الأعمال للعربية و اعتبرها بداية تعارف القارئ العربي على أدب الخيال العلمي.

ويذهب البعض الأخر إلى اعتبار أعمال توفيق الحكيم في الخمسينات هي البداية الأولى وبغض النظر عن عدم إخلاص توفيق الحكيم لهذا النوع من الأدب لا يمكن اعتبار أعماله هي البداية أو المحاولة الأولى وإن كانت البداية الأشهر والأكثر انتشاراً بين الجمهور. واتفق الكثير أن البداية كانت للكاتب المصري يوسف عيسى في أربعينات القرن الماضي.

ومن ذلك الوقت لم يحظى أدب الخيال العلمي العربي بالكثير من الاهتمام ولم يتخطى عدد كتاب أدب الخيال العلمي في الوطن العربي أصابع اليد الواحدة في أي جيل من الأجيال، كما لا يمكن اعتبار إنتاج أي منهم تميز بالغزارة خصوصاً بالمقارنه بمثيله الغربي في نفس الوقت، ومعظم الأعمال كانت في شكل سلاسل وكتب للجيب مخصصة وموجهة بالأساس للأطفال والمراهقين.

إذن وبشكل عام إن أدب الخيال العلمي نشأ وتطور في الغرب بالأساس ووصل إلى مرحلة من النضج والاستقرار في مجتمع يكن للعلم احتراماً كبيراً ويضعه في مرتبة التقديس التي يتراجع خلفها المقدسات الأخرى، بينما يعتبر أدب الخيال العلمي في مجتمعتنا العربية لازال في طور التجريب.

كما أن معظم أعمال الخيال العلمي العربية متأثرة بالفكر الغربي بشكل عام حتى أن البعض أعتبر الكثير من الأعمال العربية ما هي إلا أعمال غربية في الأصل بعد إجراء عمليه تعريب لها وصبغها بالثقافة العربية.

كما أن معظم الكتاب العرب اللذين دخلوا مجال أدب الخيال العلمي كان لهم خلفيات علمية بشكل أو بأخر كما كان لهم معظم الوقت صلات بالغرب بالسفر أو الدراسة أو العمل أو ما إلى ذلك مما يؤكد فكرة تأثر أدب الخيال العلمي العربي بشكل كبير بنظيره الغربي.

ونرى تأثر العديد من الكتاب العرب بشكل كبير بكبار كتاب الغرب والمثال على ذلك تأثر نهاد شريف بالكاتب الأمريكي إدجار ألان بو وتأثير كتابات جورج أرويل على رؤوف وصفي وتأثير كتابات جورج ويلز على طالب عمران، كما تم اقتباس بعض الأفكار التي لم تكن إبداع خالص مثل فكرة ألة الزمن في أعمال توفيق الحكيم وفكرة الكائن الغريب”الشئ” في أعمال نهاد شريف.

رواد أدب الخيال العلمي في الأدب العربي

أولاً: في مصر

وحيث أن بداية أدب الخيال العلمي في الأدب العربي كما ذكرنا في مصر بداية من تعارف القراء على الأعمال الغربية من خلال ترجمات رفاعة الطهطاوي، ثم البداية الحقيقية مع  مسرحية “عجلة الأيام” للكاتب يوسف عز الدين عيسى – نشرت عام 1936 وقدمت للإذاعة 1940 وتم إعادة نشرها في جريدة الأهرام عام 2000- هي البداية الأولى لأعمال الخيال العلمي بالفهوم الحديث.  وبناءاً عليه يمكن اعتبار الكاتب أول من اقتحم هذا المجال في عالمنا العربي.

وحتى وإن لم تكن البداية مثالية تكون خطوة في طريق ترسيخ النوع الأدبي وإرساء قواعد وتعرف جيل جديد من الموهبين في مجال الأدب فكان الكاتب نهاد شريف هو من أوائل من كتبوا وأخلصو في مجال الخيال العلمي وكانت أعماله أكثر نضجاً وإجادة حتى أن الكثير يعتقد أنه أول من كتب في مجال الخيال العلمي في مصر

وفي الستينات ظهرت كتابات دكتور مصطفى محمود وهو من أشهر إن لم يكن أشهر كاتب في هذا المجال ليس فقط لشهرة أعماله في مجال الخيال العلمي ولكن لكتاباته وبرنامجه التليفزيوني فكان مثال للأديب والمفكر المهتم والمتأمل للعلم بشكل فلسفي فقدم العديد من الأعمال والكتابات تتضمن عرض لأفكاره العلمية بأسلوب سلس وبسيط  بنظرة فلسفية إيمانية كما كان لبرنامجه العلم والإيمان دور كبير في تبسيط العلوم وتقريبها للمشاهد العادي فمن خلاله  قدم العديد من الموضوعات العلمية والطبية فيما يخص مملكة الحيوان وعالم البحار وعالم الفضاء والفلك بل وتطرق من خلاله لموضوعات اقتصادية وتاريخية على مدار أكثر من 20 عام قدم خلالها أكثر من 300 حلقة.

ومن أهم الكتاب المتخصصين في المجال الكاتب رؤوف وصفي  عرف في البداية كباحث يهتم بنشر أبحاثه العلمية في المجلات والدوريات العربية ثم اشتهر ككاتب خيال علمي صدرت له عدة أعمال أشهرها”الكون والثقوب السوداء”، وله الفضل في العديد مت ترجمات الكتب والأبحاث في مجال الخيال العلمي

كما كان من أوائل الكتاب اللذين أصدرو سلاسل موجهة بالأساس للمراهقين بدأها بسلسلة  نوفا في السبعينات وتبعه بعد ذلك في الثمنينات والتسعينات دكتور نبيل فاروق وسلسة ملف المستقبل بجانب سلاسل أخرى في مجال المغامرة والمخابراتية و الجاسوسية ودكتور احمد خالد توفيق بأكثر من سلسلة أشهرها ما وراء الطبيعة وهي مزيج من الفانتازيا والرعب والخيال العلمي.

وبالإضافة إلى السلال كتب دكتور نبيل فاروق روايات في مجال الخيالالعلمي منها وكتب دكتور أحمد خالد توفيق مجموعة من روايات الخيال العملي منها يوتوبيا مثل ايكاروس وشأبيب

ومن أهم الكتاب أيضاً الكاتب والأديب صبري موسى رغم أن أعماله لم تقتصر على هذا المجال الا أن الكثيرون يعتبرون روايته “السيد من حقل السبانخ” من أهم روايت الخيال العلمي في مصر والعالم العربي

وغيرهم الكثير من الكتاب والأدباء اللذين كتبو أعمال خيال وإن لم تقتصر أعمالهم على ذلك النوع مثل ،  فتحي غانم وروايته ” من أين” 1959 ،يوسف السباعي وروايته “لست وحدك” 1970 ، إيهاب الأزهري وروايته “الكوكب الملعون”1987.

ثانياً : في الوطن العربي

وأهمهم بالطبع من سوريا الكاتب طالب عمران وتميز باهتمامه بكل مايخص الخيال العلمي فكتب فتنوعت أعماله مابين النقد والأدب والدراسة وكتب للإذاعة والتليفزيون ، ودياب عيد بدأ بالكتابة في الخيال العلمي ورواية “نداء الكوكب الأخضر قبل أن يتوجه إلى مجال الدراما السورية، والأديب والطبيب السوري محمد الحاج صالح وقد صدرت له مجموعة قصصية بعنوان “الحب عام 2060” عام 1996

ومن الكويت الكاتبة طيبة إبراهيم أخلصت لهذا النوع من الأدب وتميزت أعماله أنها طويلة نسبياً بالنسبة للسائد في أعمال الخيال العلمي ، ومن المغرب الكاتب أحمد عبد السلام البقالي ورواياته “الطوفان الأزرق” الصادرة عام 1968،ومن السودان جمال عبد الملك ومجموعته القصصية “الجواد الأسود” 1979

الكاتب يوسف عز الدين عيسى

الميلاد:يوليو 1914

الوفاة:سبتمبر 1999

التخرج: كلية العلوم جامعة القاهرة 1938

دكتوراه من جامعة شيفيلد بإنجلتر

ظهرت موهبته في سن مبكر وكمعظم كتاب أدب الخيال العلمي جمع بين دراسته واهتمامه بالعلم وموهبة في الأدب كانت البداية كما ذكرنا مع تحويل إحدى مسرحياته وهي مسرحية “عجلة الأيام” لعمل إذاعي وبالتالي إنطلاقة وكتابة العديد من الأعمال للإذاعة فتأثر كثيراً بالدراما الإذاعية واعتبرها المسرح الجديد. كتب يوسف عزالدين عيسى حوالي 200 قصة قصيرة، و9 روايات، و6 مسرحيات، وعددا من الأشعار والأغاني، إلى جانب كتاباته للدراما الإذاعية، والتي تصل إلى حوالي 400 عمل. ويتعبرمن القلائل اللذين أخلصو لكتابات الخيال العلمي إلى حد كبير ومن أهم أعماله:

من الروايات “العسل المر”، “عواصف”، “غرفة الانتظار”، “الرجل الذي باع رأسه”، “لا تلوموا الخريف”، “الواجهة”، “نريد الحياة”، و”البيت”، وأعيد طباعة بعضها مؤخراً عن الدار المصرية اللبنانية، أما القصص القصيرة في المرحلة الأخيرة فهي من أهم أعماله وأبرزها: “القطار” ، “بندقية” ، “لا مكان” ، “غرفة الانتظار” ، “سيمفونية” ، “البحث عن حلم”، “عزف منفرد” ، “البيت” ، “جراحة عاجلة” ، “خارج الكهف”، “القاعة الكبرى” التي نشرت بعد رحيله، و”بدون عنوان” نشرت 2002.

حصل على العديد من الجوائز منها:

  • جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1986.
  • وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي مرتين 1979، و1988.
  • وسام الجمهورية 1981.
  • أختير أفضل شخصية أدبية على مستوى الجمهورية المصرية لعامي 1998م، و1999م.
  • وسام فارس الأدب 1999.

الكاتب نهاد شريف

الميلاد: يونية 1932

الوفاة: يناير 2011

التخرج: كلية الأداب قسم تاريخ جامعة القاهرة

كاتب كبير لقب بـرائد أدب الخيال العلمي في الوطن العربي. كغيره من كتاب الخيال العلمي أحب العلوم وتمنى دراسة الطب منذ صغره رغم أن أصابته بمرض الالتهاب الرئوي أثناء دراسته الثانوية، كان عائق أمام من تحقيق حلمه بدخول كلية الطب ألا أن ذلك لم يؤثر على أهتمامه بالعلوم وأنعكس على أعالمه الأدبية.

كتب أولى أعمال رواية “قاهر الزمن” و التي والتي فازت بالجائزة الأولى في نادي القصة  وتم تحويلها إلى مسلسل إذاعي ثم إلى فيلم سينمائي

ولمكانته الكبير ضمن كتاب أدب الخيال العلمي في الوطن العربي تم اختياره في العام 2009 مستشارا لأول رابطة عربية لأدب الخيال العلمي وهي رابطة كتاب ونقاد أدب الخيال العلمي، للكاتب الكبير و ست روايات و ثمان مجموعات قصصية ومسرحية واحدة كتبها بالعامية بعنوان ( أحزان السيد مكرر) من أهم من أعماله : روايات قاهر الزمن، ابن النجوم ، سكان العالم الثاني، الشيء، تحت المجهر، نداء لولو السري، مجموعات قصصية  رقم 4 يأمركم  الماسات الزيتونية  أنا و كائنات الفضاء الذي تحدى الإعصار.

الجوائز التي حصل عليها:

الكاتب دكتور مصطفى محمود

الميلاد: ديسمبر 1921

الوفاة: أكتوبر 2009

التخرج: 1953 كلية طب جامعة القاهرة

كاتب وأديب وفيلسوف مصر ولد في محافظة المنوفية ومنذ صغره ولديه العديد من التساؤلات الفلسفية والدينية وكان ذلك دافع للاهتمام والشغف بالعلوم في محاولة لاكتشاف الكون والحياة والوجود كان له اهتمامات كثيرة ومختلفة سياسية ودينية وفلسفية وعلمية تميز بأسلوبه الأدبي وحبه للكتابة في مختلف المجالات المقال والمسرح والقصة والرواية

 وكما هو متوقع لأي عالم وفي نفس الوقت كاتب وأديب مثله أهتم بمجال الخيال العلمي وصدرت أولى رواياته في مجال الخيال العلمي وهي رواية “العنكبوت” عام 1965 تم تحويلها لمسلسل تليفزيوني عام 1973 وتوالت أعماله الأدبية منها في مجال الخيال العلمي “الأفيون” و “رجل تحت الصفر” و “الخروج من التابوت”

أهم الجوائز التي حصل عليها

  • حازت روايته “رجل تحت الصفر” على جائزة الدولة لعام 1970
  • جائزة الدولة التشجيعية سنة 1975 في أدب الرحلات عن كتاب مغامرة في الصحراء.
  • جائزة الدولة التقديرية في الأدب سنة 1995

الكاتب طالب عمران

الميلاد:يناير 1948 /طرطوس -سوريا

الوفاة:سبتمبر 1999

التخرج: كلية الهندسة جامعة دمشق

دكتوراه من الهند عام 1984

من أبرز الكتاب المعاصرين في مجال الخيال العلمي. مايميزه عن غيره إخلاصه لمجال الخيال العلمي والعمل في كل ما يتعلق به، قام بالعديد من الأبحاث والدراسات في مجال الهندسية المدنية والفلك، عضو بجمعية القصة والرواية. مؤسس رابطة كتاب الخيال العلمي العرب من أوائل الكتاب العرب في حقل الخيال العلمي الذي تجسد بما يزيد عن سبعين رواية وقصة.

  • من أهم أعماله الروائية :

” العابرون خلف الشمس”، ” خلف حاجز الزمن”، ” عوالم من الأمساخ”، ” رجل من القارة المفقودة”، ” فضاء واسع كالحلم”، ” أهل الكهف”، ” رواد الكوكب الأحمر”، ” الزمن الصعب” 

  • القصص:

” كوكب الأحلام”.، ” صوت من القاع”، ” ضوء في الدائرة المعتمة “، ” ليس في القمر فقراء”، ” محطة الفضاء”،” أسرار من مدينة الحكمة”،” تلك الليلة الماطرة”، ” ثقب في جدار الزمن”، ” السبات الجليدي”، ” خفايا النفس البشرية”، ” الخروج من الجحيم”، ” الذي أرعب القرية الآمنة”، ” بئر العتمة”، ” شحنة الدّماغ”، ” 

– الدراسات النقدية:

“الخيال العلمي”، “- نافذة على كوكب الحياة”، ” الحاسة السادسة”، ” الكون يكشف أسراره”،” كوكب العاصفة”.

الخاتمة والنتائج

وبناءاً على ماسبق و من خلال تلك النظرة العامة لأدب الخيال العلمي العربي يمكن ملاحظة تأخره بشكل كبير مقارنة بأدب الخيال العلمي الغربي.

ويمكن تلخيص مظاهر ذلك التأخر في النقاط التالية:

  • البداية المتأخرة لأدب الخيال العلمي العربي بالمقارنة بالغربي.
  • الأعداد القليلة للكتاب والمهتمين بأدب الخيال العلمي العربي وأعداد الأعمال من روايات وقصص قصيرة وسلاسل بالإضافة إلى أرقام المبيعات والقراء بالمقارنة بأدب الخيال العلمي الغربي.
  • تأثر كتاب أدب الخيال العلمي العربي بشكل كبير بالكتاب الغرب من ناحية الأفكار وأسلوب الكتابة وعدم وجود كتابات كثيرة تتمتع بالإبداع الخالص.
  • تواضع جودة أعمال الخيال العلمي بشكل عام بالمقارنة بأعمال الخيال العلمي الغربي.

أسباب تأخر أدب الخيال العلمي

  • تعتمد إبداعات الخيال العلمي في أي مجتمع على مكانة وقيمة العلم والعلماء ومدى تطور البحث العلمي في ذلك المجتمع وهو ما تفتقده المجتماعات العربية.
  • تراجع أعداد المهتمين والمطلعين على أحدث التطورات والابتكارات والاكتشافات العلمية.
  • تراجع أهمية القراءة بشكل عام في المجتمعات العربية وقلة أعداد القراء بالمقارنة بالغرب.
  • عدم وجود فرصة لإطلاق العنان للخيال بسبب الضغوظ والظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الصعبة التي تعاني منها المجتمعات العربية.

والخلاصة أن أدب الخيال العلمي والأدب بشكل عام هو أحد مظاهر حضارة المجتمعات وتطورها يتأثر بمدى تطور المجتمع من عدمه وليس مجرد نوع من الفنون يعتمد على الخيال بشكل مطلق وبناءاً عليه فإن عوامل تطور المجتمع ورقيه هي نفسها عوامل تطور الأدب بشكل عام وأدب الخيال العلمي بشكل خاص.

………………………………………….

المراجع

1- جون جريفيس، ثلاث رؤى مستقبلية- أدب الخيال العلمي الأمريكي والبريطاني والروسي،  ترجمة: رؤوف وصفي (القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2005) ص 51.

2-عصام بهي،د.:الخيال العلمي في مسرح توفيق الحكيم(القاهرة، الهيئة العامة المصرية للكتاب، 1999) ص 10.

3- عصام بهي، د.:الخيال العلمي في مسرح توفيق الحكيم، المرج السابق، ص 11.

4- عصام بهي، د.:الخيال العلمي في مسرح توفيق الحكيم، المرج السابق، ص 11.

5-جان جاتينيو، أدب الخيال العلمي، ترجمة: ميشيل خوري(دمشق، دار طلاس للراسات والترجمة والنشر، 1990) ص 11.

6-  توماس، بوكر:المرجع لروايات الخيال العلمي، ترجمة: عاطف يوسف محمود(القاهرة، المركز القومي للترجمة،2010 )ص 55.

7-إدوارد جيمس: دليل كامبريدج للخيال العلمي، ترجمة: رؤوف وصفي (القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2013) ص 17.

8- محمد عبد الله الياسين: الخيال العلمي في الأدب العربي الحديث في ضوء الدراسات المقارنة، دراسة لنيل درجة الماجسيتير(حمص، جامعة البعث، 2018) ص 82.

 

 

مقالات من نفس القسم