بيد واحدة أحاول أن أربط حذائي

تشكيل
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

البهاء حسين

حين تغادرك راحةُ البال

تكبر

يتهدل فمك ويتكوّنُ الريمُ على جوانبه

ستبدو كرجل فقد نفسه

،،

نعم لا عيب في أن تكبر

المحرج هو الرذاذ الذي يتناثر منك أثناء الكلام

الفم الخالي يعوّض أسنانه بالثرثرة

لكن الأسنان لا يمكن تعويضها، لأنها تجعل القبلة شيئاً مؤكداً كالنهار

العين الضيقة ليست شيئاً محرجاً

وأنفك الكبير ليس ذنباً

ملامحك، على بعضها، ليست مشكلة يا أخي

ولا حتى هذه الحجارة التي تسقط عليك فجأة من جبل المقطم

المشكلة أننى لا أعرف كيف أعيدُ الزمن

أريدُ أن أمشى دون أن أتلفت ورائى

:

للعداوة، في العقد السادس من العمر، ميزات كثيرة

منها أن تنبت لك أسنان جديدة

وأن العين تكرهُ بشكل صريح

:

حين تأتى العداوة إليك افتح لها الباب

المهم أن تذخّر قلبك

،،

إيمان قالت لي:

وأنا بعيدة عنك يمكنك أن تحضنني

ضع يدك على قلبك

من وقتها وأنا أدرّبُ يدي على فهم الغياب

غير أن يداً واحدة لا تصنع الحضن

،،

تحتاج إلى ذراعين قويتين لمواجهة عدوك

إلى قلب يثبتُ عند الطلقة الأولى

:

قلبك مسدس يا أخى

والعين فوّهة

ما الذى يخيفك في الموت أو الإصابة

الألم شيء تعرف به يدك الثانية

لا بدّ أن ترحّب باكتشاف يدك كلما أتيحت لك الفرصة

أن تعرف نفسك من آن لآخر

الألم عدوّ

ولا بدّ أن تعرف عدوك

لا عليك إن لم تستطع أن تحضن “إيمان” بشكل كامل

لكن يكفى أن تضمها إلى قلبك، ليشعر كلاكما بالطمأنينة التي افتقدها طوال حياته

راحة البال يا صديقى تبدأ من الحضن

وإذا ضممت إليك “إيمان”

ستعرف كيف تهزم عدوك

،،

إيمان طيبة، غير أنها لم تفلح في هزيمة شيء

لأنها خائفة منذ الطفولة

تتذكر كيف كانت أمها تهينها حتى بعد أن فقدت الذاكرة

ثم تتنهد كأنها خرجت للتو من بئر

:

أنا أيضاً كنت أخاف من كل شيء

غير أننى، في العقد السادس، لم أعد أخاف

المجد الذى أحلم به، لا بأس إن لم يأت

التصفيق الحاد الذى يقابلنى به كل من يرانى

لم أعد أسمعه في رأسى

تخليت عن آمال عزيزة

وصرتُ حكيما بما يكفى، كى لا أخاف

مم تخافُ يا أخى

وأنا منذ أحببتُ “إيمان”، لم أعد أحفل سوى بالقبلة

هذا هو المجد

حتى إننى أتمنى أن يصورنى أحدهم خلسة وأنا أقبلها

كى يرانا العالم

وكلانا يحضن الآخر، كأنه يهرول إليه منذ الطفولة

،،

القبلة هي الطريقة الوحيدة التي يتحقق بها الفم

:

العالم بحاجة إلى حضن

إلى من يربّت عليه كرجل مريض فقد السيطرة على نفسه

،،

أحياناً أسأل نفسى:

ما الذى كان سينقصك إن لم تحب “إيمان

وعندها تجفّ الكلماتُ في حلقي كأنها ريقى

،،

أقول لـ ” يمان” حبى بالحضن والكلمات

الكلمات عائلة

أم

يبرّها كل فم بطريقته

:

لا تخش عدوك ولا ترحمْه

لو اضطررت لمعاداة العالم كله عليك أن تعاديه

منذ الطفولة وأنت تُفهم خطأ، لأن ملامحك تقولك بطريقة جائرة

مع أننى طيب

وذاكرتى ليست أكثر من محفظة للكلمات

كلما سمعتُ كلمة رحتُ أجرّبها، كأنها أجنحتى

غير أن التجارب لم تعد كافية

:

الحياة هنا في قلبك

والموت هنا

غير أن الحياة والموت لا يكفيان ” إيمان “

،،    

الزمن يعود إلى الوراء

كل شيء

وكلما كانت الكلمة عارية

كانت قدرتها على أن تمسح الخوف أكبر

:

لا تخفْ يا صديقى

في المدن التي تشبه القاهرة

كل شيء يحدث من تلقاء نفسه.. الدم ، الموت، عوادم السيارات

الحر

كل شيء بلا ظل

وميزة الظل، في العقد السادس

أن تجفف به العرق الذى يزيد كلما كبرت في السن

:

لا تستطيع، بيد واحدة، أن تربط حذاءك

لكن بإمكانك أن تهزم عدوك

إذا تخليت عن كل آمالك

باستثناء أن تحضن “إيمان” عارية،

لتجمع نفسك.

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم