باي باي حلوى الجيلي

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

سارة عابدين

مزاجي يتقافز داخلي كقنفذ صغير يتققافز في منزل من البالون. أشواكه تثقب رأسي. يقلب أثاث منزلي، يبعثر الوسائد الصغيرة، يطيح بالفازات، الزجاجات، الكتب.

يفتح الشبابيك ويقذف أشواكه باتجاه الأطفال المزعجين بالخارج، سائقي السيارات، الموسيقى المبتذلة في التكاتك الصغيرة، الباعة الذين لا يتوقفون عن النداء على بضاعتهم.

أخرجه من داخلي رغم الألم وأحممه بشامبو الأطفال، بالكاموميل المهدئ. أربت عليه حتي يعرف أنني جزء منه وهو جزء مني. يغمض عينيه لثانية. ثانيتين.. ثلاثة.. هوب هوب يبدأ في القفز من جديد.

أحمل القنفذ الصغير بين يدي وأدور به لأخيف الناس من حولي ..عاو.. عاو.. معي قنفذ صغير له أشواك.. عاو ..عاو.. لو اقتربتم منه ستصبحون مثل منزل البالون المسكين الملقى على الأرض. منهك ممتلئ بالثقوب ..عاو ..عاو ..

أخفي القنفذ الصغير أسفل السرير.. أدسه دساً في حقيبة ملابس قديمة ممتلئة بالذكري المختلطة  برائحة النفتالين في محاولة لنسيانه، كنسيان كل الملابس مقاسsmall  الملقاة في الحقيبة.

القنفذ الصغير يلتقط حبات النفتالين كحبات الحلوى الملونة ويمزق كل الملابس، ويزحف خارجاً من جانب الحقيبة. يخترقني من جديد ليأكل سلامي الداخلي..  هم هم ياميي.. لذيذ. أحب حلوى جيلي  الباردة.

أحاول التشبث بجزء صغير من سلامي الداخلي قبل أن يأتي عليه القنفذ الصغير كاملاً.. سلامي الداخلي لم يتبق منه سوى نتف صغيرة.. أحاول حفظها في فازة زرقاء على حافة النافذة، ربما يزهر  مجدداً من الهواء والشمس.

القنفذ الصغير لم يتوقف عن التسلل إليه في محاولات مستمرة لالتهامه كاملاً، يصرخ بنهم: “أريد حلوى الجيلي .. أحب حلوى الجيلي”.

الأتربة وعوادم السيارات وضوضاء الجيران والمياه المتساقطة على أحبال الغسيل أنهكت سلامي الداخلي. محاولات الدفاع عن نفسه ضد القنفذ الصغير أتت عليه تماماً كما أنه أصبح متسخاَ جداَ.

أحمله برفق بيدي، لكنه يتسرب من بين أصابعي في الطريق من نافذتي للحمام، يتساقط أسفل الكراسي وخلف الأريكة الكبيرة، وبين الوسائد وبجوار دولاب الأحذية.

أصل الحمام وفي يدي نتفة واحدة رقيقة متسخة، أفتح المياه لتنظيفها لكنها من فرط رهافتها تنزلق  مع المياه في ثقوب الحوض الصغيرة. أعود لأشغل المكنسة الكهربائية لشفط كل النتف الصغيرة المتساقطة.

أفرغ المكنسة في كيس القمامة الكبير مع كل العلاقات المنتهية الصلاحية وعلب الجيلي الفارغة  وأضحك هع هع هع ..هيا أيها القنفذ قل باي باي لحلوى الجيلي..لا مزيد من الصراعات والارتباك.

 

المكان الصغير بجوار قلبي أصبح فارغاً والقنفذ الصغير أصبح كبيراً.. كبيراً جداً، ولم يعد يتقافز، بل أصبح متربعاً بداخلي كتمثال بوذا كبير يتربع في قلب مريدينه.

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم