أحمد الأقطش
لم نشعر بقدومه ولم نعرف من أين جاء. لا يبدو أنه من الكلاب الضالة، فمظهره لا يوحي بذلك على الإطلاق. ربما يكون صاحبه في الجوار وسيأتي إليه عما قريب. صوت الأمواج يخيم على المكان، والمدى الفسيح يمتد إلى ما لا نهاية. كان الكلب يجلس في سكون مثبتًا عينيه على البحر، ولا يتشاغل بما نفعله إلى جواره.
واضح تمامًا أن هذا المكان مألوف له، فعلامات الاسترخاء البادية عليه تدل على أنه يقضي وقته كما يشاء. اقتربت منه ابنتي وربتت على جسده، استدار بوجهه إليها ثم عاد ببصره إلى البحر من جديد.
– بابا، هل يمكن أن نتبناه؟
نظرات ابنتي المتوسلة ونبرتها الرقيقة جيوش لا تُقهر، لكن هذا الكلب لا بد أن له صاحبًا، فكيف نتبناه هكذا!
قطع صمتي صوت أحدهم وهو ينادي على صغيره عند الصخرة هناك. سألته إن كان يعرف شيئًا عن هذا الكلب.
– الجميع هنا يعرفه.
ممم.. يبدو أننا الغرباء هنا يا ابنتي والكلب صاحب المكان! سامحيني فلن نستطيع أخذه معنا، فقد يأتي صاحبه في أي وقت ويأخذه. لكن ما سر تحديقه المستمر في البحر فلا يلعب ولا يمرح مع رفاق المكان؟
– صاحبه صياد، لكنه مات في البحر منذ حوالي سنة.
اندفعت عيناي رغمًا عني إلى الكلب وقلبي ينتفض! يا الله! هل يأتي هنا منذ ذلك الحين ينتظر عودة صاحبه؟
لا أدري كم من الوقت مَرَّ وأنا غير منتبه للعب ابنتي مع أخيها. حملنا أغراضنا وتأهبنا للرحيل، فانطلقت ابنتي إلى الكلب لتودعه على طريقتها. وانصرفنا وتركناه على حاله ينظر إلى البعيد البعيد في انتظار الذي لن يجيء!
………………….
*شاعر ومترجم مصري