المواطن السري في حياة شاكر منساب ج1

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

رواية : محمد إبراهيم محروس *

(1)

لتكن الملامح

لتكن الملامح هي الطريق إليها، خطابها الذي وجدته تحت عقب باب شقتي.. يقول إنها تعرف كل شيء عني .. تعرف لون عيني اللتين حيرتا كثيرا من النساء.. تعرف قلبي المخفي تحت ضلوعي في قفص فولاذي .. تعرف ما هو أكثر .. تعرف من أنا ..

لا تتعجل بالحكم وتظن أن في الأمر قصة حب .. بعيدا عن شاربك هذا الحب الآن .. القصة جريمة مكتملة .. الجريمة الكاملة التي لن تظن أنها تحدث قط في الحياة.. لا تتعجل ولتقف معي .. لنبحث أين وضعت هذا الخطاب الملغز بالأسرار والأحاجي..

لن تعثر عليه، ولن أعثر عليه أنا أيضا أعرف أني أحرقته، حتى لا يتسرب ذلك الشك إلى داخلي أعرف أسرار الشك إذ طال بها الأمد لتضرب مخيلتي وحياتي .. لك أن تصدق أننا وهي شخص واحد .. مستحيل أن تتواجد تلك الرسالة تحت عقب باب الشقة .. أظن أنني من وضعها لأوهم نفسي بها .. بالخيال والجنون .. بالصدق .. بالحياة .. بأي شيء .. لا تدقق معي الآن .. الأمر ما زال ملغزا .. ويحتاج تفسيرات عديدة ومتنوعة بدءا من باب الشقة الذي فتحته اليوم عنوة .. نعم هي شقتي بكل تأكيد وهذا الخطاب لي هذا لا شك فيه .. ولكنني فتحته عنوة، من الصعب أن تتخيل أنك تقف أمام باب بيتك .. وتريد أن تدخل لترتاح قليلا، وفجأة تكتشف أن هناك  من غير ( كالون ) الباب .. الجنون أن تفكر في حل الأمر وأنت تحتاج للحمام.. أول شيء تفعله أن تحطم الكالون والباب، وكل شيء أمامك، وأنت تئن من وجع بطنك بعد وجبة الكوارع ولحمة الرأس الذي صممت أن تأكلها اليوم..

ابحث معي أرجوك عن خطاب آخر لها .. بكل تأكيد أرسلت خطابات أخرى لي في غيابي من المستحيل أن يكون الخطاب الذي حرقته هو الأول والأخير .. شخصية مثلها، تكتب ذينك الخطاب بهذه اللهجة المصرة والعارفة من المستحيل أن تكون في خيالي فقط .. لم أصل بعد لهذه الدرجة من الاحترافية النسائية في الكتابة .. من أين بدأ كل شيء هل من لحظة خروجي من الحمام .. عندما تسمرت عينيّ على ظرف أحمر اللون مرسوم على ورقها قلب فضي يخترقه سهم .. إنه خطاب من عاشقة بكل تأكيد .. اعتدت العاشقات.. وآسف أن أصدمك، شخص مثلي وحيد، ماتت كل اتصالاته بالحياة منذ زمن.. مهما كان قريبا أو بعيدا يحتاج إلى حضن أنثى في ليلة ممطرة.. يحتاج إلى حب من نوع خاص .. هذا ما قرأته في رسالتها بكل شغف .. الحب كان ينضح من بين سطور الرسالة.. حب بكل تفاصيله الجزئية والكلية .. إنني أعرف جيدا المرأة العاشقة لا تخفى عن عينيّ أبدا .. حاول معي أن تتخيل يوما تحتاج فيه لأنثى.. تحتضن مخدتك بشوق وهوس.. تحلم بها بين يديك في حضنك.. وتحلم بكل الممارسات الجنسية بكافة أنواعها.. حاول أن تتخيل أنك تلجها، ولكنك تكتشف في النهاية أنها هي من تلجك.. الكلمة ثقيلة أعرف هذا .. ولكنها الحقيقة.. كانت..

لماذا استفزك بعبارات عن مضاجعة وإيلاج وممارسة؟ لماذا لا أثير خوفك حتى تبحث معي عن رسالتها .. أنها خطر عليك أيضا.. لا تتخيل أنني وحدي الواقع تحت تأثير خطابها المجنون .. لا لم يكن الخطاب مجنونا بمعنى الكلمة بل كان فيه احتراف من نوعا ما .. احتراف الاحتراق..

أن تحترف الاحتراق هذا قمة الإبداع الإنساني..

لتكن الملامح هي طريقي إليها .. أول شيء الآن ألا أفكر في الخطاب الملغز.. وأن أفكر أين أنا أقف .. تهديدها لي .. لن يخيفني .. هي أو غيرها مجرد لحظات لي في سرير المتعة أيا كان هذا السرير أرضي أم جوي .. نعم لم أحكِ لك بالطبع عن رحلاتي الجوية .. ولن أقول لك إنني الطيار أحمد شاكر .. اسمي هكذا طيار مدني .. طيار .. قد يخيفك التصور عندما تدرك أنني طيار ولكننا في المقام الأول ابن شاكر منساب .. أظنك سمعت عنه. إنه الأديب الذي قالت عنه الجرائد لسنوات هو ولا غيره على الساحة .. حتى عندما تزوج من أمي التي كان اسمها ينازح اسمه في الجرائد .. لتصير بعد ذلك هند منساب .. أصبح هو الكيان الحقيقي وأصبحت أمي مجرد خانة إلى جوار اسمه .. الخيانة .. خان  كثيرا هذا الأب.. خان عندما سمح للكل أن يتملقه .. وأن تتحول أعظم رواياته إلى صور مبعثرة وأفلام عبثية ضحلة .. التعبيرات تجتاحني بشدة. البحث عن شاكر منساب كان أحد الغاز حياتي ..هو .. وهي .. شجارهما الدائم من أهم .. من كثف في آخر رواياته الحقيقة كلها .. من النقاد يقفون له احتراما وتقديرا .. من ، ومن .. الخطة كانت أكبر من نفسيتي .. تشربت منهما الأدب بكل تأكيد تشربته بعمق .. ولكن بداخلي ظل هذا الهاجس الرهيب .. الخيانة .. الخيانة عندما تكون كلمة فهي خيانة من نوع آخر .. فجأة قررا هما الاثنان الانفصال .. قررا أن يتركا وحيدهما حلمي وحده في مدرسة داخلية .. لا بالطبع أتذكر أن اسمي ليس هذا الاسم برغم أنني وحيدهما أنا.. سوف أقول لك كل شيء في حينه .. ولكن لتبحث معي على خطاب آخر وإلا الجنون سيكون مصيري .. حاولت أن أتخيل وأنا أدخل الحمام أنني اعرف الحقيقة كلها .. أعرف حلمي والمدرسة الداخلية .. أعرف تفاصيل الانفصال كاملة، ابن شاكر منساب يجب أن يكون حاد الذكاء مرهفه.. أن يكون أسطورة بكل المقاييس والصور .. تداخل الأحداث يزعجني .. ضلع ناقص في مثلث الحكاية كلها .. الخطاب .. الرسالة .. اللغز .. مهيتاب .. أظن أن من تعرفني كثيرا هي مهيتاب .. طفلتي المدللة .. مهيتاب مضيفة جوية جميلة حقا ، تزوجت مرتين ، ولكن الحظ لا يصادفها بصورة جيدا .. الأول طلع ( مالوش فيها ) لا تتعجب اللفظ ولكنها الحقيقة  الثاني ( كان له فيها ) ولكنه كان شديد الغيرة .. مقيت لدرجة مفزعة .. متخوف لدرجة تثير الاشمئزاز .. بالطبع موضوع أنني أوصلتها بسيارتي بعد رحلة من الرحلات إلى بيتها بعد وصول الطائرة بخمس ساعات ، وأنه شك في وجود علاقة بيننا .. بيني وبينك فقط ..لم تكن هناك أية علاقة بيننا .. ولكن حقيقة  حدث ما حدث نتيجة لأن عجلة سيارتي (فرقعت) .. هل تصدق هذا .. هل أنت ساذج؟! إنني أكذب عليك بكل تأكيد .. الساعات الخمس قضتها هي بين أحضاني .. والحقيقة أيضا .. أنني أكذب هذه المرة أيضا .. مهيتاب لم تقض الخمس ساعات بين أحضاني .. ولكنها  كانت تضاجعني .. نعم تضاجعني .. لا أعرف كيف احترفتْ كل هذا الأساليب في الجنس .. برغم كثرة نزواتي .. وعبثي ولكن مهيتاب شخصية مختلفة هي، لها كاريزما خاصة على السرير .. بدءا من الفم إلى …. لا داعي لأثير بداخلك شهوة من أي نوع .. ولما لا .. لأنني لا أريد هذا .. تقول إن ما أفعله الآن جنون .. لك كل حق في هذا .. ولكن من الصعب أن أتخيل مهيتاب الآن. تخيلها يثيرني أنا شخصيا فما بالك أنت، وأنت تقرأ لي .. بالطبع أعرف أنك تقرأ لي .. من غيرك سيقرأ إذن إن لم تكن أنت .. أحمد شاكر منساب .. الاسم حاول أن تحفظه جيدا .. التاريخ له علامات في حياة أي بشري.. تاريخي.. الحقيقة عندما قررت هند أن تعود لشاكر .. كان هذا هو قمة جنونها .. قمة العبث أن تعود لشاكر بعد انفصال أربع سنوات .. ولكن من  الواضح بكل تأكيد أنها كان يجب أن تعود كي آتي  أنا إلى الدنيا ..

اكلاشيهات الكتابة .. العبارات المتمنطقة .. لغز الشخصية .. هذا وهذا، تلك، وتلك .. مهمات الكاتب في الحياة .. أبي .. من الصعب أن تتخيل أن تعيش وسط أب كاتب، وأم شاعرة وصحفية وكاتبة .. ولها مؤهلات أخرى لم  أعرفها .. وأظن أنني لم أعرفها جيدا .. ولكنني أتيت لأري وأسمع .. وأحكم على الحياة من منظور مختلف .. الاكتشاف .. من الصعب أن تكون مثلي .. مثلي عاش الجنون بكل لحظاته مفرداتهما اليومية .. حياتهما .. مشاكلهما ..الأرض .. الناس البشر .. العبث بكل وأيا من .. صعب أن تعيش ما عشته .. اللحظة التي أضاعتني حقا هي لحظة اختفاء حلمي .. الاختفاء في أية حياة له ما يبرره ولكن اختفاء حلمي ظل للآن سرا لا يعرفه أحد .. ولم يعرف.. سوف أقول لك الأمر، حلمي يكبرني بسبع سنوات  كان حلمي أنا أيضا أن أكون مثله.. لا أعرف لماذا ولدت منطويا أحب العزلة .. كنت أريد أن أكون مثل حلمي شقيا عابثا .. باكيا أحيانا .. البكاء أحيانا له معزة خاصة لدى الآخرين خصوصا لو كان بكاء طفل .. ولو كان حلمي .. البلد .. قرية ريفية اختار شاكر منساب أن يبني فيها بيتا خاصا بعيدا عن العاصمة عندما يحتاج للحظات من الخلوة والتمييز مع الحياة كان يذهب هناك ..بالطبع لم تكن هند تتركه قط ، وبالطبع كانت أجازتنا  حلمي .. لقد نجح في الإعدادي وطلع من الخمسة الأوائل على المحافظة .. الاحتفال يكون في البلد حيث الهدوء .. والليل الساكن .. حيث الطبيعة ترفض أن تتغير لتغيير ما بالنفوس من حيرة .. كل أسرار الحياة والطبيعة في تلك السن  تنكشف لطفل في سني .. لا أعرف عن حياة الفلاحين الكثير .. ولكنني كنت أدمن الجري وراء حلمي حيث الترعة الصغيرة التي تقسم جزءا من البلد لنصفين .. الترعة الكبيرة تقسم البلد نصفين .. والصغيرة نصفين فتصبح البلد أربعة أنصاف .. نوع آخر من الانقسامات التي تمر بحياتي دون معرفتي بها .. عائلة وحيد  الغنيمي، وعائلة حسن  الدمياطي .. كل عائلة لها ربع البلد .. الحكايات أيامها كانت سهلة .. وفي متناول اليد .. حيث أرى أبراصا كثيرة وسحالي تختبئ  في شقوق بيوت من الطوب اللبني .. الطيني .. كنت  وقتها أحب هذه البيوت برغم أن بيت أبي كان مختلفا: بيت واسع مبني بالطوب الأحمر يعتبر رفاهية وسط هذا الجو .. إلى أين أذهب بك معي ؟!.. أبعد عن التفاصيل الحقيقية لأغرقك في تفاصيل أخرى باهتة ربما لتتوه مثلي فيما حدث .. ولكني أبرر لك اختفاء حلمي وقتها .. لأن الأمر جد خطير .. أعود وأستخدم جملا تركيبها غبي، أنا ابن شاكر منساب يجب أن أكون شخصا آخر غير ما تراه أمامك اليوم .. هل كانت سارة هي من فعلت بي هذه الفعلة .. سارة تلك الفلاحة اللذيذة التي جلبها أبي إلى بيتنا وأنا في سن المراهقة .. بالطبع كلكم  تشاهدون المسلسلات والأفلام وتعرفون معنى وجود فلاحة جميلة ساذجة وشاب مراهق في بيت واحد .. لا لم أكن أنا هذا الشاب المراهق .. ودعني أخيب ظنك لم تقم أية علاقة بيني وبين سارة .. كان غريب اسمها بالفعل .. سارة وفلاحة .. أتعجب الآن كيف كان هذا .. حتى عندما رأيتها في أحضان أبي وهي تمؤ كلبؤة شبقة لم يثر الأمر حفيظتي بالمعني الكامل تعجبت فقط أن يكون شاكر منساب بكل خطورته الأدبية وكل المحافل العلمية وكل درجات الامتياز والتفوق وجوائز الدولة، يرتمي بجسده في سرير، وتقوم فلاحة ساذجة بامتطائه كأي حمار حصاوي أو بغل عقيم .. نظرة الاختلاف تأتي حينما رفضت بداخلي ما حدث، بل الجنون أنني لم أكن على درجة كافية من التمييز ربما كان الأحق أن أكون أنا في وضع شاكر منساب .. وأن تكون سارة تحت بناني وطوع أمري .. ولكن لم أكن أنا هذا الشخص ليتني كنت حلمي .. الترعة الصغيرة وعبثنا فيها .. ممر ضيق وقناة أسفل الترعة .. تعبره أسماك صغيرة..

 يقذف حلمي بنفسه ويعبر القناة ويطلع من الجهة الأخرى يحمل سمكة بين يديه أقف متفرجا.. أعود إلى شجرة توت يتيمة بجوار الترعة وثلاثة أطفال فوقها يهزون  أفرعها بشدة .. أقف لأنتظر ( الوقيع ) من التوت .. هل كانت حياتي انتظار لهذا الوقيع فقط .. أعود لأتأمل حلمي وأنا أريه ثمرات توت سوداء وحمراء وخضراء بين يدي .. سمعت أمي تقول له خل بالك من أخيك .. سمعتها .. وأظن أنك سمعتها أيضا .. الليل .. عائلة الغنيمي والدمياطي ..ثأر بائت بينهم .. القناة والترعة المقسومة لأربع .. يعبر حلمي ويخرج بسمكة .. طلقات نار .. تئز في الجو .. صوت صراخ .. صراخي وصراخ حلمي .. الجري على البيت أعرف أنني كنت أملك تلك الذاكرة التي تعينني.. يد حلمي في يدي .. الليل يكبس على المكان  كطائر خرافي عجيب .. بينما الطلقات تئز وتضوي من بعيد .. والصرخات تتزايد .. يدي تفلت أجري فزعا .. أطير بكل شيء حولي .. بقدمي برأسي بجنوني .. بالحياة .. أطير وأطير ..

 

                                              (2) 

لا يا أبي .. لم يكن الخطاب منها بكل تأكيد .. هل تظن أنه منها .. لا .. الجنون أن تكون ليلى تكتب هذه الخطابات .. لماذا اخترت أن تكون ليلى .. هل لأن ما ربطني بها مجرد ليلة ..

 كنت قد صدمت وقتها فيك بقصة جديدة لك ( امرأة للحياة وامرأة للذة ) هل تتذكر تلك الرواية القصيرة التي كتبتها أنت .. الخطاب به بعض مني .. الجنون ألا أظن أنني لست بكاتبه .. ولكن هل من الممكن أن أكتب خطابا لنفسي وأن أغير ( كالون ) الشقة للعبث ببقية عقلي .. شاكر منساب تركني للعبث، للجنون لأحاول أن أكون مثله لأكتب روايات وأمزقها .. لأبحث عن امرأة ترضي غروري البشري ..

تركني لأبحث عن حلمي بداخلي. أخي الذي اختفي هناك في البلدة .. حينما جاء الصباح آنذاك كنت أرتجف هولا وأنت وأمي ترميان علي بالجريمة .. كيف تركت أخي؟ طفلا كنت في الخامسة من عمري هل مطلوب مني أن أكون رجلا !

أين كنت أنت؟ كنت تكتب امرأة للحياة وامرأة للذة .. أتتذكر فتحية .. تلك الفتاة اللعوب في تلك البلدة .. تلك الفتاة التي رصدت عيون كنت أنا أحداها أثناء تلصصك بالدخول لديها .. بعدها بسنوات بعد اختفاء حلمي .. بداية جنوني ..

أمي العابثة في بحور الشعر ومفرداته في عنترة وامرؤ القيس ومجنون ليلى في أحمد شوقي وشعراء المهجر والمتنبي .. في كتاباتات الاصفهاني والأغاني.. اختفى حلمي ليلة الثأر تلك الليلة الرهيبة بكل تفاصيلها بدءا من طلقات النار وهجوم الليل.. واختفاء حلمي.. انتهاء بأنني أخفي جسدي كله تحت السرير خوفا وفزعا .. ما أثير من أقاويل وقتها كثير لدرجة تثير الغثيان لي الآن.. من تظنها صاحبة الخطاب .. هل الخطاب لك أم لي .. شيخ عبرت الجنون وتركتني للجنون.. مبجل في صفحات الروايات والقصص وأخبار الآخرين .. الحقيقة عندي فقط .. حقيقة كل عبث بالكلمات كل ضحك على القارئ وعلي .. كل اشتهائك للجنون والعبث والمجون .. رحلتنا إلى أسوان هل تتذكرها .. ماري .. مدرستي .. مدموازيل ماري .. اللغة الفرنسية والفندق وتسللي  وافتعالي النوم .. وأنا أراها تخرج عضوك الذكري لتمارس بفمها طقسا خاصا قبل أن تطلب منك أن تضاجعها مضاجعة الكلاب .. أول يوم أحسست وقتها بسائل ما ينفلت  مني ليغرق ملابسي الداخلية هل تألمت وأنت تلجها بهذه الحيوانية .. هل تألمت هي؟ كنت أراها تتمايل وهي تمد يدها للخلف بصورة غريبة لتأخذ عضوك بين يدها وتضعها عندها في تلك المنطقة الملعونة ( شق القمر ) كما يسميها صديقك الصحفي فوزي العارف .. سمعت حديثك عنها له  وأنت تصف له شق القمر .. وهو يحسدك على مغامرتك العاطفية اللذيذة .. هل كانت تلك رحلتي المدرسية الأولى؟ هل كانت إيلاجا آخر لي؟ ليقف كل شيء في مكانه ثابتا ليحكم أن امرأة اللذة تنتصر باستمرار علي .. تنتصر في أشد لحظات خوفي وجنوني .. ماري .. هل كانت تلك رسالتك؟ هل كانت الرسالة لشيخ عشق امرأة اللذة لنهاية العمر؟ آه يا هند منساب تركتيه ليعبث في نساء الآخرين لتستقري في وجدانه امرأة الحياة ..

الليل وطلقات النار .. وكلمات المحقق .. ربما  أصاب حلمي رصاصة طائشة وربما أخفى العائلتان سر قتلهما لحلمي .. ولكن أين الجثة .. سنوات وأنا أتردد هناك على البلد حيث الانقسامات الأربع كشهور السنة .. الطباع تختلف من مكان لآخر هناك .. هناك خريف حار في جزء منها .. خريف مشاعر .. وصيف متوهج في آخر .. لحظات الربيع قليلة وخانقة .. الشتاء والبرد القارس يفترش قسما منها، مشاعر تبلدت بفعل السنين .. قالت لي فتحية .. أظنك لن تنساها .. “حاول يا ابن شاكر تفكر في حاجة تانية غير أخوك اللي اختفى .. حاول ..

ولكن كيف أفكر في شيء آخر غير حلمي؟ وعائلة الغنيمي والدمياطي؟ الشوق إلى القتل التمرد .. الحياة .. الشوق إلى الجنون بكل صوره .. يجب أن أعرف الحقيقة كاملة .. لعبة السيجة (12) تعرفها جيدا بالطبع .. كنت أنا وسيد خميس ندمن لعبها أثناء زيارتي لهناك، لجزء من الأربع .. الترعة الكبيرة، والترعة الصغيرة .. مصرف المياه حيث قال البعض إن حلمي غرق هناك .. وإن تيار الماء دفعه إلى منطقة أخرى.. أتذكر هند منساب وقتها .. ماتت وهي على قيد الحياة . أتذكر ملامح وجهها وقد اكتسبت لون الموتى بينما الذعر يلفني بغطاء متمرد من المشاعر .. حلمي أين أنت يا  أخي؟ أين أنت؟

الخطاب .. هل أحرقته فعلا؟ آخر زياراتي منذ ثلاثة أسابيع .. كنت هناك .. كنت قد تركت باب البيت مواربا أعرف أن أميرة الغنيمي .. ستتسحب بعد قليل لتأتي لي ّ .. أعرف نوع انتقامي جيدا .. أدركها على الباب وقد أطفأت  نور الصالة . أحتضنها من الخلف بعنف .. ترتجف .. ثم تضرب على يدي ..” أنت مجنون “

أقفل الباب وأنا أطبق على شفتيها بشفتي ، بينما لساني يخترق ما بين أسنانها، أسمع تأوهها أواصل ما أفعله وأنا أفك أزرار قميصها، وهي تحاول أن تقول شيئا فتفشل تحت وطأة قبلاتي .. بالطبع ابن شاكر منساب لابد أن يكون ممارسا جيدا للحب.. مكانها الأرض لم أضاجعها يوما على سرير .. بنت الغنيمي تضاجع على الأرض كالبهائم.. كلهم قتلة !

يدي تعبث بملابسها الداخلية، تلمس البظر المنتفخ بالشهوة تتألم أكثر وأكثر .. تهمس ” حرام عليك ” .. تسكتها مداعبة فمي لحلمة صدرها .. تتأوه في لذة مجنونة تقفل قدمها بعنف وأنا أداعب ( شق القمر ) بعضوي الملتهب .. تهتاج أكثر وأكثر .. ” حاسب أنا آنسة” .. ثم لا تنتبه أن موضوع آنسة انتهى بيننا منذ زمن .. عضوي يمزقها ويلتهب بداخلها.. كرابيج من النار تضرب جسدي، الوصول إلى لحظة اللذة الكاملة .. ” امرأة للذة ” يا شاكر .. للذة .. ولكن أية لذة يا بنت الغنيمي  القاتل؟ لن أسامحك أبدا ..

تسألني بعد المضاجعة ” معاك حباية ريفو؟ ” .. أضحك وهي تخرج (حباية) من شنطتها لتذيبها داخل عضوها الملتهب بالشهوة .. ” بيقولوا بيقتل أي حاجة بتخش  وبيمنع الحبل ” ..” وبيقوا الكولا الساخنة برضه بعد الموضوع بتمنع الحبل “.. الحبل يا بنت الغنيمي .. اللعنة عليك .. بنت الغنيمي تطمع في أن تحمل من ابن شاكر منساب .. هراء إلا تدرين أي إثم تحمله عائلتك لنا .. أي جنون أن تتصوري الحمل مني ..

 بنت الغنيمي .. حتى لو كانت أميرة أجمل بنات عائلة الغنيمي .. ليسانس آداب جامعة القاهرة.. هكذا قالت لي في أول مقابلة صدفة بيننا .. لم تكن صدفة أبدا يا بنت الغنيمي .. كل شيء يخضع لي ..”

 “طيار مدني أحمد شاكر منساب ..”

“يااااااه أنت أبوك رهيب قريت معظم اللي كتبه .. امرأة للحياة امرأة للذة رهيبة ..”

” هشوفك أكيد ما دام بتيجي القاهرة “

“أها طبعا أنا في المدينة الجامعية ساكنة هناك “

” يبقى هنتقابل .. سلام “

كان اختيارك يا بنت الغنيمي أن تكوني امرأة للذة .. ولكن .. ولكن

عندما رأيتني بعد هذا  أثناء خروجك من الجامعة وأنا أفتعل كأي شاب أن عجلة سيارتي بها شيئا ما، عرفتِ أنني أهتم .. أهتم أكثر بالتفاصيل هل تذكرين يا بنت الغنيمي؟

تذكرين بالطبع ..

” عايز أشوفك يوم نقضيه مع بعض “

باب المدينة بيقفل الساعة عاشرة “

” خلاص اعملي نفسك مسافرة يوم ونتقابل برة “

” بس ممكن يبعتوا أيام الغياب .. “

” أتاخرتي برة ونمتي عند وحدة صاحبتك مش ليكي صحاب في مصر “

” أها كتير طبعا “

“يبقى متفقين “

” طيب هنام فين “

” ومين قالك أننا هننام هنقضي اليوم فسح “

هل فتحت لك القبر لأدفنك فيه بيدي يا أميرة أم كنت أبحث بداخلك عن سر اختفاء حلمي؟ أي أسرار وجنون أكثر من هذا؟

يومها فقط عرفتِ  كيف يكون الحب وكيف تتحججين  بوجودك عند زميلة؛ لتقضي اليوم معي في شقتي .. شقتي التي رفضك سريرها؛ لترتمي على الأرض كأية بهيمة أعبث بداخلك .. لم يكن انتقامي يومها انتقاما كاملا!

مجرد مداعبات وقبلات .. ومضاجعة ” من فوق الملابس “  حتى أزيل رهبتك مني .. أظن أنني نجحت أن أحولك إلى امرأة للذة .. أليس كذلك .. أميرة  الغنيمي .. ليسانس آداب .. قضية آداب كبرى .. وشقة وممارسة للجنس .. شبكة من طالبات الجامعة تنكشف وبها طالبة من عائلة كبيرة .. الحلم الذي رسمته لك في خيالي .. الحلم الذي يكسر شوكة الغنيمي ..

الخطاب الذي أحرقته هل هو منك؟ نعم أعرف ما جرى بينك وبين صديقة في المدينة الجامعية وكيف حاولت استدراجك لممارسة الجنس مع صديق لها .. أعرف هروبك يومها من تلك الشقة التي كنت تظنين أنها عيد ميلاد .. لتأتي لترتمي تحت قدمي .. أعرف ما جرى كله ..

أعرف أن وقتها حولتك لامرأة  للذة  .. كان استسلامك ممتعا وشيقا .. وكان برغبتك .. كنت تحترقين شهوة .. لا تنكري يا عزيزتي .. الأمر كان أكبر من كل شيء .. أكبر من جنوني وعبثي من بحثي عن حلمي بداخلك .. أكبر من هذا الهوس المجنون بالمرأة .. كل شيء يتساوى الآن في عيني .كل شيء ..

الخطاب كان منها يا شاكر، أتظن؟! لا أظن أنها تحفظ ما كتبت في تلك الرسالة .. مستحيل أن يكون منها .. مستحيل أن تترك حجم التفاصيل بكل عبثيتها .. مستحيل أن تكون أحدى نساء اللذة ..

أطير .. أطير ، أطير ..

” الكابتن احمد شاكر منساب يتمني لكم رحلة ممتعة، أرجو ربط الأحزمة والامتناع عن التدخين “

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* روائي مصري

 

 

يواصل موقع الكتابة قريبا نشر بقية الرواية

 

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم