د.أحمد حسن الظفيري
المركز والهامش ثنائيّة ضديّة تُكرّس الأوّل وتُهمّش وتلغي الآخر، وإذا بحثنا فإنّنا سنجد أن هذه الثُّنائيّة تجمع بين شيئين، تكوّنت بينهما علاقة ضديّة تنافريّة شبيهة بالصّراع الأزلي بين الذّات والآخر، و يُعدُّ المركز والهامش من أكثر المصطلحات غموضًا وإثارةً للجدل، إذ يدخل في عدَّة مجالاتٍ منها: الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة حيث يكثرُ تداولهُ، و لعلّ قيمته تكمن في قدرته على جمع هذه المجالات وتكييف عناصرها، فكلّما تطرّقنا إلى مجالِّ من هذه المجالات إلا وتداخلت معه المجالات الأخرى بشكل أو بآخر فيصعب الفصل بينهما أحيانا.
إن الذّات العربية المهمّشة التي تأمل كسر طوق المركز الغربي ذاتٌ متعددة يحكمها منطق الثنائية الضدية الحريصة على التراتبية (مركز/هامش) ؛ وهو منطق تقاومه إنتاجات الروائيين المنتمين إلى الهوامش، والذين جعلوا من الحفر في التاريخ سبيلهم لمواجهة مفهوم الهوية وهذا ما وجدناه في رواية (كوتسيكا) لغادة العبسي، والصادرة عن مركز المحروسة للنشر في هذا العام.
نجد في هذه الرواية، التي تغطي مساحة تاريخية مهمة في حياة مصر مابين أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، استعراضا اجتماعيا وثقافيا للعديد من المراكز والهوامش، بدءا من نواة المجتمع (الأسرة) وصولا إلى بنية المجتمع الدولي، ولعل هامشية المرأة مقابل مركزية الرجل كانت الانطلاقة الأولى التي تبدأ فيها الرواية، فمنذ عتبة الاستهلال الأولى للرواية والتي جاءت على لسان القابلة (شوقة): “جاية تعملي إيه في الدنيا يامره!” وهذا القول جاء عندما ولدت السيدة (صبر الجميل) والتي يظهر لنا اسمها طبيعة حياة المرأة العربية سابقا وحتى حاليا في بعض الدول، لقد دعم النظام الأبوي تاريخياً سلطة الرجل، وحارب كل من يهددها، وأصبحت معظم العــــادات والتقـــاليد وتسيير الشـــــؤون في صنع الرجل إلـــــى الحـد الذي أصبح فيه مفهوم الأنوثة السائد ذكورياً، ولذلك أنبنى التسلســــل العــائــلــي علـــى امتياز الذكر وجرى اختزال الكيان الأنثوي في وظيفتين فقط وظيفة جنسية في خدمة الرجل، ووظيفة أمومية لتربية الأطفال، ولهذا نجد أن دور (صابرة) يتمحور في تربية بناتها بصورة عادية لكن اهتمامها ينصبّ كليا بابنها الوحيد (طلعت).
لقد عاشت المرأة في ظل اضطهاد الرجل لسنين طويلة دون أن تحرك ساكنا، ذلك أن هيمنة الرجل و سيطرته لم تسمح لها بالتنفس خارج سطوته، وذلك ما جعلنا نتطرق إلى هذا النظام ” لصعوبة وضعية المرأة و تعقد إشكاليتها يدفعان المرء إلى مهمة طرحهما للدراسة و البحث و التفكيك و النقد و الكيفية التي يتم فيها معالجة هذه الإشكالية للخروج من هذه الدائرة المغلقة و كسر قيودها التي خلفتها عصور الظلام و التخلف، في مجتمع له أعرافه و تقاليده و قيمة الأبوية العريقة التي حددت مكانة كل من الرجل و المرأة و دورهما في العائلة المجتمع، التي فرضت على المرأة أيديولوجيا تقوم على عدم المساواة بين الجنسين، وجعلت من المرأة واحدا من اثنين : أما أمّاً ولوداً وزوجة مطيعة لا تخرج من دارها ولا تقصر في خدمة زوج ورعاية أطفالها، و إما جسدا أنثويا و أداة للإغراء والغواية، وهو ادعاء شائع أدى إلى اعتبار المرأة ادني من الرجل، وهو ما يبرر جعلها تحت وصاية الرجل، وهذا ما وجدناه حتى مع زوجات الأجانب في الرواية، سواء زوجة (تيوخاري) اليونانية، أو زوجة أخيه (بوليخروني) الفرنسية اللواتي نجد أن أدوارهن تقتصر على الحمل والولادة والمساندة العاطفية.
كذلك تصور الرواية إشكالية المرأة بتحولها من المركز الحياة الاجتماعية العائلية إلى هامش المجتمع المنبوذ بوصفها تعمل في البغاء، فما البغاء إلا صورة من صور التمرد على المؤسسة الزوجية مركز العبودية الأزلي للمرأة، وهذا ما نجده في شخصيات (مزاجات و امتثال)، إذ نجد أن هاتين الشخصيتين تمردتا على الظلم الاجتماعي لكنهما لم يتمكنا من مواصلة الحياة إلى بالاتجاه إلى البغاء.
وكذلك نجد أن الرواية تتلمس المركز والهامش مكانيا، إذ يعد المكان جغرافيا الحيز الذي يتم فيه حدوث التبادل او التفاعل في شتى مجالات الحياة، اما تاريخياَ فيعد المكان الحيز الذي تحدث فيه شتى الصراعات او النزاعات التاريخية، وقد تتوفر الشروط كافة لنجاح وبروز الدور المكاني في أي مرحلة من التاريخ ولكن قد لا يحدث ذلك الظهور لتظافر أسباب عديدة تحول دون الاهتمام به على سبيل المثال عندما يحدث النزاع او الصراع بين مكانين (مدينتين او دولتين) يتأثر بهذا النزاع الحيز المكاني وما ان تزول الأسباب المؤثرة حتى تعود الحياة إلى ذلك الحيز المكاني ولكن ربما في الوقت نفسه لا يحدث ذلك الشيء بسبب ظهور عامل مؤثر آخر مثلاً حدوث ظاهرة الجفاف او الفيضانات بعد مرحلة طويلة من النزاع بين مكان وآخر مما يعطل دور المكان في اداء فعله التاريخي، ونجد في الرواية مفهوم المركز والهامش المكاني ينطلق من دول الحضارات القديمة وصراعاتها (الاغريق، الرومان، الفراعنة) مرورا بصراعات الدول الكبرى الغازية (العثمانية، بريطانيا، فرنسا) هذه الدول التي اعتبرت نفسها مراكز وعدّت الدول الأخرى هوامش يجب احتلالها والتحكم بها، وهذا ما حصل مع مصر والسودان، أما على صعيد المكان المحلي (الاسكندرية) فقد تقسمت أيضا إلى مركز وهامش، يقول تيوخاري: ” أكتشف أن ميدان محمد علي قسم هذه المدينة العجيبة إلى ثلاث مدن: مدينة الترك، حيث رأس التين كالتاج فوق جسد العروس، عن يمينها الميناء الشرقي حيث المدينة الأوربية الراقية بأسماء شوارع فرنسية ومعمار بلطمي وروماني وانجليزي قديم… وعن شمالها الميناء الغربي إذ يسكن المصريون البسطاء، العاملون بالفلاحة والصيد” هذان التقسيمان يضاف إليهما الحي الفخم (بكوكينيا) الذي يعيش فيه الأثرياء من اليونانيين، نجد أن الأحياء المصرية (المكس، الأنفوشي) تعد هامشا في الاسكندرية مقابل الأحياء الغنية التي يعيشها الأجانب والأثرياء، وللحيز المكاني أهمية معنوية كبيره أيضا إذ أن الكثير من الأماكن شهدت تطورا وازدهارا كبيرين رغم أنها نشأت ضمن حيز مكاني محدود المقومات ألا انه استطاع أن يؤدي وظيفته بشكل حيوي وفعال ، وأحيانا يضعف المكان من جراء تدهور الوظيفة التي يؤديها ،فمثلا مدينة الإسكندرية التي تجري فيها أحداث الرواية، إحدى أهم المدن منذ الحضارات القديمة و في اوائل العصر الإسلامي وذات دور إيجابي فعال ومن ثم أخذت وظيفتها تضعف تدريجيا في العهد العثماني حتى أصبحت قرية صيد بسيطة، إلا أنها استعادت دورها بعد فتح قناة السويس، إذ أصبحت الميناء الأول والعاصمة الثانية للدولة لما تمتلكه من مقومات مكانية فذة.
أما على صعيد الشخصيات ووجودها الاجتماعي، فالمهمش هو الذي يعيش منفرداً غير مندمج في المجتمع، فالشخص الهامشي هو الذي لا يتدخل كثيراً في أمور الحياة ولا يكون له دور واضح في صناعة الأحداث والتغيرات الكبيرة، وهذه الشخصيات تناساها الأدب الكلاسيكي الذي كان يركز على البطل الفاعل في صناعة الحدث.
والمهمش بشكل عام هو من يقصى بشكل متعمد من نسق إنساني اجتماعي وثقافي غالب، ومهمين على الفضاء المكاني والزماني الذي يتحرك به الفرد، ولنلاحظ ان المهمش يختلف عن المنفي، فالمنفي قد يكون اختار المنفى ، فهو منفي باختياره الإنساني المحض، لكن المهمش هو معزول عن قصدية تقف خلف هذا الغياب. والمهمش هو حاضر ولكنه يغيب عن ذهن المجتمع لأسباب عدة، وهي عدم الإحساس بأهمية هذا الفرد، وهذا أهون هذه الأسباب، وأما بقية الأسباب فهي تتدرج بين الحسد والغيرة والتنافس على مركز معين، والخوف من سلطة المهمش المعرفية والإنسانية، فيقصى كي لا يزيح المتن، أو قد يكون التهميش ناتجا عن الاختلاف ، فالمختلف غير مرغوب بالجماعات الإنسانية. وليكن أمام أعينا مبدأ واضح ، إنه لا يهمش إلا من يخاف خطره وقوته في التأثير، فالوعي لا يعزل إلا المهم الذي يرى إنه له قوة تزلزل هذه الذات الثابتة، إلا في حالات إبداعية ضعيفة وركيكة فإنها تصارح بموقعها ولا تعزل.
ونجد في رواية كوتسيكا العدد من الشخصيات الهامشية التي حاولت الكاتبة تسليط الضوء عليها ولو لبرهة، وتبيان أهميتها حتى ولو أدى ذلك إلى عدم وضوح الشخصية أو ظهورها بشكل كاف، مثلا شخصية الرجل المصري الذي أنقذ مجموعة من الشباب اليوناني ومنهم كيكي التي أصبحت زوجة تيوخاري والذي قتل على يد والد كيكي وأخيها بعد أن اعتقدا أنه من المصريين الذين يريدون مهاجمة بيوتهم، هذا الشخص الذي قتل ظلما ولم يظهر في الرواية بشكل كاف يمكن أن نعده من الشخصيات الهامشية التي تؤدي دورا وتختفي، كذلك وجودها الاجتماعي، وهذا النوع من الشخصيات كثير في الرواية فمنهم شخصية فرانشسكو زاميت الذي افتعل مشكلة مع سائق الحنطور السيّد وبسببه ثارت الاسكندرية ونشبت حرب أهلية داخلها، كذلك شخصيات عديدة هامشية في المجتمع ظهرت في الرواية مثل شخصيات بنات عبد العليم وصديقه مصطفى وأزواجهن، كذلك شخصيات العاهرات ومن يعمل معهن، فالمهمشون والفقراء طبقات غُيّبت عنها حقوق الحياة والعيش الكريم، وقليلاً ما تم تناول معاناتها، وإن كانت هُمشّت – عن واقع الحياة – لأسباب سياسية واقتصادية وعرقية، ولم تجد من يسمع أنينها وصرخاتها، فإن عالمي الرواية والقصة أنصفاها بعدما امتلأ الأدب العربي بقصص هذه الطبقات، وكانت معاناتها موضوع كثير من الروايات، وفي الآونة الأخيرة كثرت في الجلسات النقدية للأعمال الأدبية مصطلحات تصف أصحاب هذه الأعمال بأنهم منحازون لهذه الطبقات المظلومة، حتى شكل الاهتمام بهم ظاهرة أدبية وسمت بها أعمال بعض كتاب السرد.
ومن الشخصيات المهمشة عرقيا شخصية سمعان اليهودي الذي تعرض المؤلفة لمعاناته كونه مختلفا دينيا ويعتنق الديانة اليهودية التي ورثها عن عائلته على الرغم من كونه مصريا لكنه كان مبعدا قسرا، فهو يصف مشهدا في طفولته جعله يؤثر الانعزال بعده ويقل اختلاطه بمحيطه، فتصف المؤلفة مشهدا بقولها: ” اكتشف سمعان-مع الوقت- أنه بصير أكثر راحة وطمأنينة بمفرده، خاصة بعد تلك المرة التي خرج فيها يوم السبت من البيت ومن الحارة كلها، ذهب ناحية الحسين باحثا عن أطفال يلعب معهم، الشحاذون يطوقون المسجد ويضايقون المارة، أما العيال فكانوا مندمجين في لعبة جماعية، لمحوه من بعيد وهو قادم، فعرفوا من سماته أنه من حارة اليهود، انهالوا عليه سبابا:
امشي من هنا يايهودي ياكافر“
فنجد هنا الاضطهاد الذي حصل للطفل اليهودي لمجرد كونه مختلفا دينيا عن المسلمين.
بل أن شخصيات رئيسة في الرواية هي من الشخصيات الهامشية في المجتمع مثل شخصية عبد العليم الذي يتعامل المجتمع معه باشمئزاز لكونه يعمل في صناعة البيرة، بل أن زوجته صابرة تعتقد أن كل مصائبهم تحصل بسبب طبيعة عمل زوجها، لكن هذه الشخصية الهامشية تحول لبطل في الرواية، ” وقد كرَّس العديد من الكتاب ابداعهم ليعبروا عن تلك الفئات واضاءوا الدوافع المحركة للإزاحة من (المتن) الى (الهامش) ومن هنا ظهرت مجموعة من الابطال يطاولون قامة هاملت وعطيل واوديب وأرفيوس وسائر الملوك والنبلاء الذين يواجهون المأزق التراجيدي, أو يصارعون قوى أكبر من طاقة احتمالهم, لعلهم يظفرون بخلاص نهائي من تلك العذابات التي تتسم بالقدرية والتباعد عن ملامسة تفاصيل الواقع الحي بزخمه وعلاقاته العادية, واذا انتقلنا الي الابداع العربي سنجد كتابا عديدين احتفوا بهذا النموذج (المهمش) ووجدوا فضاء مفتوحا امامهم للتعبير عن الهم الانساني والاحلام والهموم والاحباطات ومنهم غادة العبسي التي رصدت الكثير من هذه الشخصيات في روايتها.
أما على صعيد اللغة ، فنجد أيضا المركز والهامش يتدخل فيها، فالتهميش يبدأ من العنوان، الذي يعد الركيزة الأساسية لمعرفة النص فمثلما نسمي الأشخاص فإن العنوان يعني الاسم للكتاب فالعنوان للكتاب كالاسم للشيء, به يعرف وبفضله يتداول, يشار به إليه ، ويدل به عليه ، وهو بما يحمله من قصدية فاعلة لكشف الباطن بفعل إرادة ملزمة للبداية وإخراج المعنى، فإنه ذو صلة قائم بين مقاصد المرسل وتجلياتها الدلالية في العمل فعنوان الرواية (كوتسيكا) التي تعود إلى تسمية مصنع بيرة وهو مشروب هامشي دينيا واجتماعيا، فهو محرم عند المسلمين، وهو شراب أقل شأنا وثمنا لدى من يشرب الخمر، فضلا عن كون العنوان بلفظة غير عربية، فهي هامش في اللغة وليست متنا، أما العناوين الفرعية فمعظمها كان يحتفل بالهامش، مثلا (برتقالة حمراء) فهو مأخوذ من اغنية شعبية تدل على بلوغ البنت وتشبيه دماء دورتها بلون البرتقالة، كذلك نضجها، وهو أمر هامشي ومسكوت عنه في العائلة والمجتمع، كذلك العنوان الفرعي (خناق الكتاكيت) وهي صفة على حيوان العرسة الذي عن طريقه قامت القابلة بتدمير رحم شوقة بعد موت ابنها في بطنها، وهذا الحيوان أيضا هامشي وغير أليف فهو منبوذ ويذكر بخبثه في الحكايات الشعبية، كذلك عنوان (الباب الضيق) دلالة على مكان هامشي فضيق الباب يدل على صغر حجم المكان فهو هامش في جغرافيا المكان، كذلك عنوان (حامل الصرة) يدل على عادة شعبية تخص المولود الجديد حين يريد أهله أن يمنعوا عنه الأذى فيضعوا بعض الأشياء في صرة ثم يختارون شخصا لا على التعيين من المنطقة فيذهب ليرميها دون أن يكلم أحدا في الذهاب ولا الإياب، وقد جرى اختيار شخصية عبد الباقي الذي تزوج وداد لاحقا ثم مات فجأة دون تفسير منطقي ولا تفاصيل وهنا نجد أن وجوده كان هامشيا، فحمله للصرة ورميها يشبه دخوله وخروجه من الحياة، إن المهمشين الذين تحتفي بهم الرواية أبطال بلا مجد ، شخصيات عادية متعلقة بأهداب الحياة ، تحاول أن تعيش في مجتمع لا يرحم ، تواجه القهر والقمع والحاجة وتبحث لها عن مكان تحت الشمس وبأي الطرق الممكنة.
إن مفهوم المركز والهامش في الرواية يمتد ليماثل السلطة والعامة، فالتفاصيل السياسية التي تتطرق إليها الرواية والثورات والحروب كلها تنبع من ثنائية متضادة والتي تولد الصراع الذي يرى هنري جيمس أنه من أهم صفات الرواية، فالصراعات الصغيرة في المجتمع والصراعات الكبيرة السياسية والمعارك كلها تتمحور بين مفهوم تعزيز سلطة المركز وتفتيت الهامش ليكون هوامش متعددة.
إن ثنائية المركز والهامش ستتحكم في كل نواحي الحياة المتعلقة بالإنسان، ذلك الكائن الاجتماعي الموجود على أرض تدور حول الشمس، والتي بدورها تمثل مركز التأثير، بحيث يخضع الهامش المتمثل بالأرض لسلطة المركز؛ فتحدث المتغيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم يتحقق التوازن في ثنائية المركز والهامش، ويبقى الصراع كامناً بين طرفي الثنائية، وتنفتح بالتالي العلاقة بينهما على احتمالين، فإما الاستقرار الذي يفرضه المركز من حوله على الهوامش التي تدور في فلكه، أو تفكيك ذلك المركز من خلال انقلاب الهوامش عليه كردة فعل، لتنقلب المواقع بين طرفي الثنائية . وعلى ذلك يمكن قياس العلاقة الجدلية بين المركز والهامش في كافة الظواهر السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية والإبداعية؛ ومن هنا أيضاً يمكن اعتبار تحليل الظواهر عن طريق جدلية العلاقة بين المركز والهامش منهجاً علمياً تجريبياً يمكنه التعامل مع الظواهر كافة دون استثناء، رغم أنه لم يرق بعد إلى مستوى النظرية المتكاملة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ناقد أدبي ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب -جامعة سامراء -العراق
نشر بمجلة ميريت الثقافية ـ سبتمبر 2021
ناقد أدبي ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب -جامعة سامراء -العراق
نشر بمجلة ميريت الثقافية ـ سبتمبر 2021