المحاكمة

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 4
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

حسن البقالي

مات سقراط ذات غروب ليخلد اسمه كأول من حفر مجرى واضحا لنهر لا يسبح فيه مرتين اسمه حب الحكمة

كان السؤال لديه، في ذاك المجتمع الأثيني الذي يجرب الديموقراطية كآلية لتذويب الفرد في الجماعة هو: كيف يشعر الفرد بكينونته؟ كيف يبلغ المعرفة والحكمة من خلال النبش في الذات؟

وكان عليه أن يسأل

أن يجول شوارع أثينا ويسأل ليوقظ لدى الشباب حب المعرفة، ويحفز منهجا للتساؤل والاستقصاء مضادا لأي تلقين

لكن..

– أنت تضلل الشباب يا سقراط وتستحق القتل

هنا كان على سقراط أن يكتم سعادته، لأنها لحظة تاريخية محملة بدلالة عميقة اجتمعت فيها الفضيلة بالسعادة

سعادة أن يموت

– هاتوا الشوكران

قال

وحضن بنظرات مشفقة الاختلاجات القلقة لتلامذة يحرضونه على الهرب

كيف يهرب رجل سبعيني من الموت؟ و” لماذا التمادي في التمسك بالحياة إذا لم يكن سيعيش إلى الأبد؟”

كان ذهنه سماء صافية زرقاء

وكان يعرف )هو الذي ظل يعرف بأنه لا يعرف( بأن موته على تلك الشاكلة حياة متجددة وعنوان خلود.

هكذا

كان عليه أن يذهب إلى حتفه بشكل متعمد. فهو – ابن المولدة- لم يكن يولد الأفكار فقط لدى مخاطبيه، بل العداوات أيضا، وإلا.. كيف يمكن تفسير أن يواجه “حكماء” الوقت، يفجر في أوجههم أسئلة تفيد بأنهم مجرد مدعي حكمة، ويفجر في نفس الآن في قلوبهم بغضاء لن تبرد أبدا

بعد حمل سبعين سنة، كان جسده قد أعياه

جسده القبيح، المنفر، الخرب الآيل إلى فناء، والمناقض تماما لروح تحب الحكمة وتتغذى على الفضيلة

ومثلما عرف بمنهجه في توليد المعرفة، اتبع منهجا ذكيا للغاية ومدروسا بدقة، يوصل الآخرين إلى الحكم بقتله:

– تحريض الشباب

– إنكار آلهة المدينة

– تقزيم الحكماء

– صلافته أثناء المحاكمة

لم يكن الحكم قتلا لسقراط

كان نتيجة محاكمة مفبركة وسفسطة قانونية حققت المراد: إرضاء سقراط وتلبية رغبة شخصية لديه في الموت

سقراط السفسطائي

واسألوا “أرستوفان”

 

مقالات من نفس القسم

عبد القادر القادري
تراب الحكايات
موقع الكتابة

نظرات