صدر منذ أيام عن دار نون للنشر في إمارة رأس الخيمة، الترجمة العربية الأولى من كتاب: بندقية الكلاشنكوف.. رحلة سلاح من حروب التحرير إلى حروب العصابات.. فيتنام، السودان، فلسطين، أفغانستان، العراق، أمريكا”، للكاتب مايكل هوجز وترجمة حربي محسن عبدالله ومحمد مصطفى مقداد، ومراجعة فائز نمرود داوود.
الكتاب يعتبر سيرة من نوع خاص، كتاب يروي سيرة بندقية ساهمت بفضل خصائصها في تغيير الكثير من أحداث التاريخ، هذه الخصائص هي من دفعها للسير قُدماً في رحلتها عبر المراحل الثلاثة التي سيتتبعها هذا الكتاب. أولاً، كسلاح مكّن الاتحاد السوفيتي من السيطرة على مناطق شاسعة اكتسبها من نصره على ألمانيا النازية؛ ثانياً، كأيقونة لثورات العالم الثالث؛ وأخيراً، في يد أسامة بن لادن، كعلامة لقائد الإرهاب العالمي، والسلاح الأكثر انتشاراً في العالم.
يبدأ الكتاب، بعرض تسلسل زمني للأحداث التي واكبت نشأة وتطور هذه البندقية ابتداءً من ميخائيل كَلاشنكوف –الذي توفي أواخر شهر ديسمبر 2013 عن عمر يناهز ال 94 عاماً- وفوزه عام 1947 بمسابقة تصميم البندقية الهجومية السوفيتية، وتبني للجيش السوفيتي الطراز AK47مروراً بعام 1956 الذي شهد أوسع انتشار لهذه البندقية حتى وصلت لدى الحلفاء في أوروبا الشرقية وقمع الثورة الهنغارية من قبل الجيش السوفيتي. ومن ثم تأسيس معامل لتصنيع البندقية في الصين الشيوعية، ليتطرق أيضاً لدورها في الثورة الفيتنامية في قلب المعادلة ضد الأمريكان نتيجة التسليح السوفيتي للثوار في هذه البندقية، ودورها في حرب الأيام الستة في تمكين إسرائيل من احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان، وكذلك دورها في معركة الكرامة عام 1968 لصالح الفدائيين ضد الجيش الإسرائيلي، وأيضاً لعملية ميونخ عام 1972 التي نفذتها منظمة أيلول الأسود وأودت بحياة أحد عشر رياضيا إسرائيليا في دورة الألعاب الأولمبية في ميونخ وأحداث عالمية أخرى كان للكلاشنكوف دوراً في إحداث تغير فيها.
وفي مقدمة الكتاب الذي يروي أحداثه الكاتب عبر 283 صفحة يشير إلى أن بندقيةُ AK47 “كلاشنكوف” التي من المفترض أن تكون الآن في كومة الخردةِ أو مزبلةِ التاريخ. بعمر الستين عاماً وتفتقر إلى الدقة، لكونها قديمةُ الطراز مقارنةً بالبنادق الهجومية المصنعة من البلاستك والكاربون التي يستخدمها الجيش الأميركي والبريطاني اليوم. لم تكن بندقية AK47 البندقية الهجومية الأولى النصف آلية التي تُستخدم في ساحات الوغى. المثيرة للجدل كانت هي بندقية MP43 تلك البندقية الألمانية التي استخدمت ضد الروس خلال الحرب العالمية الثانية. كذلك لم تكن بندقية AK47 السلاح الأكثر تعقيداً في عصره: فقد كان نظامُ الإطلاق الناري تقنية أساسية معروفة حتى في الأربعينيات. مع ذلك فإن البساطة الشديدة لهذه البندقية هي من دفعها لتحقيق النجاح. فقط بثمانية قطعٍ قابلة للفك والتركيب رخيصة التصنيع وسهلةِ الاستخدام. في الحقيقة إنها سهلة جداً لأي مقاتل، طفلاً كان أم راشداً كي يطيح بأي هدف عبر تدميره بإطلاق 650 طلقة في الدقيقة بعد عملية تدريب أولية. إن هذه البندقية يمكن أن تُفككْ بدقيقةٍ واحدة وتُنظف بسرعة وبكل الظروف المناخية تقريباً. وحتى لو لم تكن نظيفة، فإنها تبقى الأكثر قدرة على الإطلاق من منافساتها في حالات مشابهة في ساحة المعركة.
ضمن هذه المعايير التي يتتبعها الكاتب حول تلك البندقية الخطيرة التي من الممكن أن تكون البندقية الأكثر استخداماً بالعالم وبالتالي الأكثر فتكاً، لدرجة أنه لمجرد أن “تشغّلْ المذياع أو التليفزيون لسماع الأخبار وسوف تسمع مراساً يتحدث عن مهاجمين يحملون أسلحة هجومية من نوع الكلاشينكوف أو متمردين مسلحين ببنادق AK47 . التقط أي جريدة واسعة الانتشار أو صحيفة تهتمّ بموجز الأخبار وسوف تجد على الأقل صورة لبندقية AK47 . غالباً ما ستكون الصورة في الصفحة الأولى، أحياناً تختبئ في الداخل، في صفحات الأخبار العالمية؛ بل حتى لو لم تكن تعرف أي شيء عن الأسلحة ستتعرف بشكل غريزي على المخزن المقوّس المميزّ لذخيرة الكلاشنكوف.
أما مؤلف الكتاب مايكل هوجز فهو مؤلف وصحافي بريطاني. سبق أن نال جائزة العمود الصحافي في العام
2008، كما نال جائزة الحملة الإعلامية للمساواة بن الأعراق في العام 2006، تُرجِم كتابه عن بندقية الكلاشنِكوف إلى عدد من اللغات، واختارته مجلة النيويوركر كأفضل اختيار في أسبوع الكتب. كما أنه سبق أن نشر كتاباً عن سيرة “كيفن كيغان-المسيح المتردد” في العام 1998 ، وأُعيد نشره في العام.2007. اسهم هوجز في سلسلة “ألف كتاب لتغير حياتك” 2008 ، وسلسلةFlight Free Europe 2007 ، وله إسهامات عدة في مجلة Time Out البريطانية.
مازال هوجز يكتب مقالاته على نحو منتظم في مجلة Financial Times، Weekend ، و New Statesman ، وظهرت تقاريره عن الحرب في العراق والصراع في فلسطين في صحيفة الفايننشال تايمز وعدد من الصحف الأخرى وما يزال يكتب مقالات عن الشرق الأوسط.
جدير بالذكر أن الناشر، دار نون للنشر، هي دار نشر إماراتية، تأسست في العام 2012 كمحاولة جادة للمساهمة في تقديم رؤية جديدة لواقع النشر في المنطقة العربية، فطرقت منذ تأسيسها أبواباً غير مسبوقة في رفد المكتبة العربية بإصدارات من ثقافات مختلفة، واهتمامات متنوعة، والعمل على نشر الأعمال الأدبية والنقدية والفلسفية المرتبطة باهتمامات المثقف والمجتمع العربي، وسد النقص الحاصل في عدة مجالات تفتقر لها المكتبة العربية كالنقد السينمائي والترجمات الشعرية عن لغات لم تترجم بشكل موسع إلى العربية من قبل.