أصدق أني بالنسبة لك مرادفا للحياة، فأنا شاهد حي على ضميرك وصراعك لأجلي.
من أجلي أنا فقدت إصبعا من طول استنزاف وتعذيب ، ومن أجلي تعرضت للسجن عاما كاملا، وبسببي تعرضت روحك للنار وأنت تراقبين مسوداتك ودفاترك تأكلها النار أمام عينيك .
لأن الحياة غالية تستلزم المقاومة والقتال من أجلها، أدافع عن كتابتي فلا أسمح بأن تكون محل مساومة . جميل أن يكون لديك ما تقاتل من أجله في زمن ينعدم فيه الإيمان واليقين. فإذا كان هذا موقفي منها فكيف تكون هي معي
بلغة العشاق
يقول فؤاد حداد:
عاشق وقلبي يبوس على إيدها
والعنبة بتقربلي عناقيدها
يا عود يرد جميلو للي سقاه
من هذه الفلسفة ردت لي الكتابة جميلي فأعطتني من الدهشة ما يكفي لأن يكون بديلا لمتع الحياة بأكملها
ولأجل هذا اختصرت معها الطرق الملتوية التي تبعدني عن منطقة العشق فتجد لغتي خالية من الزوائد والتزين ، لغة تختصر الطرق لتصل مباشرة إلى قلب الحبيب. ومن هذه الفلسفة أيضا أعتني أنا بهذه العلاقة المتفردة من العشق فأشملها بالرعاية والحماية فلا تنتهي علاقتي بالنص بمجرد أن أنته منه كما يقول البعض بل تستمر حتى بعد نشره فلا اسمح للجمود بأن ينمو بيننا فأعاود قراءته بعد النشر لأحاسب نفسي في كل مرة عما كان يجب أن أضيفه أو أمنحه. من هنا أسعى لتجويد اللغة من مبدأ تجويد العلاقة بين المحبين فلا نسمح للفتور والثبات بأن ينمو بيننا .. هكذا أستكمل في الكتابة الثانية مالم يتم في الكتابة الأولى .
بعجز من يتحدث عن حبيبه أتحدث عن الكتابة فلا تكفي الكلمات كي تصف العلاقة بيننا ولكن يكفيني أن أقول أن الكتابة قد صنعت مني كائنا صلبا يقف في وجه الأزمات بثقة من يعرف بأن هناك ظهر يحميه . وبثقة بأني سأثأر لنفسي وسآخذ نصيبي من الدنيا إن لم يكن في الحياة فعلى الورق. سآخذ نصيبي من الحزن إن لم يكن من الفرح .. حتى الحزن بطبقاته الجارحة جزء من الحياة.. من إنسانيتنا التي تجعل قلوبنا رقيقة كالورق
ذلك الورق الذي أكتب عليه قصصي كي تكون بديلا للحياة الحقيقية بكل مآثرها…المال والطعام، الحزن والفرح، الحب والجنس، الترحال والسفر كل هذا يجعلني أجزم بأن الله قد خلق الكتابة ـ كما خلق النار ـ كي يكافئ بها البشر
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* روائية مصرية
خاص الكتابة