العدد 6 أول المثالية ونهاية العالم

العدد 6 أول المثالية ونهاية العالم
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

صفاء النجار

لأن اللاب توب لدىّ لا يكتب الرقم ستة، فقد أصبحت أعبّر عنه بـ (٧-١) أو (٥+١) مع احتمالات أخرى كثيرة يمكن أن أستخدم فيها علامات الجمع والطرح والضرب والقسمة.. وقد أثار اختفاء الرقم «ستة» غريزة التقصى والبحث عما أفتقده بغياب هذا الرقم عن لوحة مفاتيحى، فهذا العدد بالنسبة لعلماء الرياضيات، هو أول عدد مثالى، لأنه يساوى مجموع قواسمه (عدا نفسه) أى ١+٢+٣=٦. 

والعدد ٦ هو رمز التوازن والدقة فهو قاسم مشترك فى جميع وحدات قياس الزمن: الساعة ستون دقيقة، والدقيقة ستون ثانية، واليوم أربع وعشرون ساعة، والسنة ١٢ شهرا.. هل سيجذبنى ما هو سحرى وغريب ومغناطيسى فى الرقم (٦) كى أتتبعه أكثر؟، فليكن..سيحتاج الأمر بعضا من الوقت الذى هو رمزه وبعضا من الجهد، ولم لا وهو الرقم الذى يرتبط فى الأديان الإبراهيمية بمفهوم العمل دون راحة، دون كلل أو ملل، فقد خلق الله السموات والأرض فى ستة أيام.. ومنذ هذا الوقت انتشرت الستة فى كل الموجودات.. فكانت الحاجات الطبيعية للإنسان ستة: التنفس، الشرب، الأكل، التبول، التبرز، الجنس.. وكان الشكل السداسى هو الشكل الغالب لبلورات الثلج، وهو الذى يمنحها القالب الذى تبنى عليه تلك المجسمات المزخرفة الرائعة من الندف والتى أدهشت العلماء بانتظامها وجمالها الرقيق. وقد أجريت تجارب لا تحصى فى أصقاع شتى وظروف متباينة، والتقطت عشرات الآلاف من الصور لبلّورات الثلج فى أعالى الجو وفى السحاب وفوق الأرض، فلم تكن من ندفة تماثل سواها تمام المماثلة.. لكنها جميعا، باستثناء قلة قليلة، كانت سداسية البنية.. وظل الشكل السداسى لخلية النحل سرا يثير حيرة العلماء، ولم يستطع أحد من العلماء حل اللغز حتى جاء عام ١٩٩٩ وتوصل «توماس هاليس» إلى أن الخلية السداسية الشكل هى التى تتطلب أقل كمية من شمع العسل فى بنائها، فى حين تخزن بداخلها أكبر كمية ممكنة من العسل.

ويبدو أن هناك دوما ما يؤكد ارتباط العدد ٦ بالبناء والقدرة على التجديد فكبد الإنسان أقرب أعضاء جسم الإنسان للشكل المسدس إذا استؤصل منه جزء فهو قادر على تجديد نفسه، وخلايا الكبد فصيصية سداسية الشكل لديها القدرة على تخزين العديد من المعادن والأملاح والفيتامينات المفيدة للجسم: كالحديد والزنك وفيتامين b١٢.

هذه القدرات الكامنة فيما هو سداسى هى ما دفعت العالم المعاصر (غيل مان) إلى القول بأن الجسيمات الأولية للمادة لا تكتمل إلا إذا نظمها العدد الكامل.

وإذا كانت هذه نظرة العلم للرقم الستة فإن نظرة الأساطير والميثولوجيا للرقم ستة بها الكثير من التباين، فالرقم ستة يشير فى الأساطير اليونانية إلى (سكيللا) الأسطورية ذات الأعناق الستة الطوال، والتى ينتهى كل عنق منها برأس يسلح كل فم منها بثلاثة صفوف من أنياب حادة وحشوها سم زعاف، وهى تخرج من مكمنها لتنقض على فرائسها فى السفن العابرة، فتلتقم بأفواهها الستة الجائعة ستة من بحارتها مرة واحدة وتقضمهم قضما. هذا التصور المرعب فى الأوديسة له ما يناقضه تماما فى الثقافة الصينية.. حيث يرمز العدد ستة إلى الرخاء، ونطق العدد ستة فى اللغة الصينية «ليو» يشبه كلمة التدفق أو السلاسة والانسيابية، وتعنى أن كل شءء يسير على ما يرام. ومن ثم فإنه رمز للحظ.

أما الرقم (٦٦٦) فتجده فى نوافذ الكثير من المتاجر فى الصين. ويدفع صاحب المتجر مبالغ إضافية للحصول على هاتف يحمل هذا التسلسل من الرقم (٦)، وهذا على عكس الثقافة الإبراهيمية التى ترى فى تكرار الرقم (٦) معنى خطيرًا فهو رمز للشيطان أو الوحش أو المسيح الدجال.

وقد أثار الرئيس الأمريكى بوش المهتمين بدراسة التوراة والإنجيل حين قال فى إحدى خطبه بعد غزو العراق إنه «أشهر رجل فى العالم لا لأنه رئيس الولايات المتحدة فقط، بل لأن الملايين على وجه الكرة الأرضية يستخدمون كل يوم حرف W المميز لاسمه لا مرة واحدة بل ثلاث مرات!، وذلك عند استخدامهم الإنترنت www». للوهلة الأولى الملاحظة تبدو عادية، لكن علماء اللاهوت انتبهوا إلى أن W تعادل حرف «و» فى حساب الجمل وهو = ٦، وبذلك يكون www =٦٦٦، ويا لخطورة هذا الرقم الذى أشار بوش إلى أنه يمثله!، ففى سفر الرؤيا ١٣:١٨ «من له فهم فليحسب عدد الوحش فإنه عدد إنسان وعدده: ستمائه وستة وستون» فهذا العدد عند المسيحيين يمثل..المسيح الدجال!.

يمكن لكل إنسان أن يفكر فى الأعداد كما يريد.. وأنا سأظل أبحث عن عددى المفقود، وإن كان ذلك لا يمنع أن أقول لكم: إننى أسكن فى الدور رقم ٦، فى الشقة رقم ٤٦.

مقالات من نفس القسم