الروح الفكاهية لآلة النسخ

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ممدوح رزق 

لم يعرف أين يقع الوهم

في الإيمان بأنها ستعطيه الأعذار التي يستحقها

أم في افتراض نقطة معينة من الزمن يمكنه عندها أن يرضى بالتوقف عن مطالبتها بحل المعادلات المستحيلة كي يبرر قسوته

على أي حال

هل يمكنكِ إذابة الحنين دون فقده

كيف تقدرين على طمس الأسئلة الصعبة رغم الأكاذيب ...

 كلما حاول أن يخبرها بأن معرفة العالم لا تتحقق لحظة القهر

وإنما أثناء مرورنا عبر المصائد المتوارية داخل الطمأنينة

يتذكر فجأة أنه طوال السنوات الكثيرة التي بينهما

لم يسمعها تغني أبدا

فيجبر صوته على التراجع بامتنان لإمكانيات الاختباء المتاحة في قلبه .

تعيد تحذيره كل يوم :

( لن يكون لهذا الصمت ذكرى )

الخلود إذن مرتبط بتدوير اللغة لمساعدتها على التكاثر داخل أماكن أخرى بعد الفناء

حيث أبطال الماضي لم تعوزهم الحكمة وهم يحنطون معاركهم في هواء الطفولة

معرفة العالم

عنوان رائع لتفجير الدلالات الممكنة عن متسولين تمتص الابتسامات والضحكات دمائهما بينما يتابعان ( Frasier ) و(Friends  ) على التوالي قبل النوم .

كانت خائفة

فأمسكت بيده المرتعشة التي كثيرا ما حاول تخيلها دون جلد

الآن يمكنه أن يتذكر طفلة الثانية عشر التي أخطأت في حقه ثلاث مرات :

حينما لم تكن ابنته

حينما تركت ثدييها يكبران هكذا

حينما سكنت أمام زوجين في منتصف الثلاثينات لم يتمكنا من إنجاب أطفال .

 

داخل البيت

لا تحتاجين لمرآة

أي حائط يصلح لتجميل الوحدة

الدنيا فقط هي التي لن تكون سهلة أبدا

حين تحاولين إدخالها فوتوغرافيا قديمة .

تركت جسدي هناك

كان عليه أن يدعي الحياة أكثر من اللازم حتى لا تحصلين على أفكار خاطئة عن الموت

جسدي .. هناك

تصورت أنك ربما تفهمين من خلاله الرموز التي أستخدمها عادة في الوداع

أنني سأرشدك إلى الطريقة المناسبة لتمرير خبرة العمى

لا يعنيني عدم فهمك للوداع

أو لمقدار العمى الذي يمكنني استيعابه

أريدكِ أن تظلي كما أنتِ دائما

بالقرب من جسدي فحسب .

 

بعد لحظة أو لحظات داخل حياة أخرى

حيث لا زمن يمر في مكان

ولا مكان يمر فيه زمن

حيث لا يوجد أحد على الإطلاق

سأجلس وحيدا على الكنبة التي اعتدنا الصمت عليها

وستجلس طفلة الثانية عشر على حِجري

بعدما نجحت في تهريب بنوتها وثدييها من أبيها البيولوجي

إلى جار أرمل يضحك قلبه بسعادة حين تسأله بمكر : ( بتحبهم يا بابا ؟ )

بينما يعتصر ثدييها الكبيرين ويقبلهما .

 

بعد لحظة أو لحظات .. لا أعرف

ستجدينني هنا

داخل نفس الحجرة

ربما وسط كتب ولوحات أكثر

ولكن بأنفاس أقل

ربما ستتذكرين اسمي بصعوبة

بينما تتابعين بآخر ما تبقى من بصرك

فيلما عن رجل وامرأة محظوظين بطريقة ما

خاصة حين لا يفكر أي منهما في الحجرات المتباعدة

ولا في مقابر الأسرة

ولا في السينما الغير عادلة أحيانا .

 

هذا ما يمكن أن تعنيه الكتابة الآن :

ألا يقع وجودي في مكان آخر خارجها

ألا يقع حبي لكِ خارجها بالضرورة

ألا تمنحكِ الكتابة الأمان الذي كنتِ تحلمين به

ألا تحصلين على أي شيء من أي أحد في أي مكان

أن طفلة الثانية عشر تشبهنا كثيرا

أنني لا أريد أن يلمسها أحد غيري

أنكِ تريدين تمشيط شعرها وربطه بفيونكة

أنني أريد أن أنجب منها طفلة تشبهك

أنكِ تريدين الاستمتاع بثدييها الكبيرين

أنني أكره جمالها

أنكِ تتمنين موتها كل لحظة

أنها كي تتمكن من الكتابة عن نفسها عليها أن تقتلنا أولا .

 

نرى الموتى في الأحلام

أحيانا نشعر بوجودهم في اليقظة

لماذا لا نسمعهم يغنون أيضا ؟

الغناء الذي لم نسمعه أبدا في الدنيا

الغناء الذي تمنيناه دائما منهم

الغناء الذي يخفف قليلا من ثقل العدم

أنا لست ضد الغيب

أريد أن أسمعكِ تغنين فقط .

 

في ( المنصورة )

شخص ما يجمع ذكريات الناس كي يكتب كتابا عنها

لكن هذا ليس أكثر من غلاف خارجي للحقيقة

هو يتصور أن الكتابة عن تاريخ مدينته

أحد الطقوس الهامة لفهم السماء

أو لاسترداد الطفولة

أو لإيقاف الزمن

ليس هكذا فحسب يضطر لخداع روحه

يتصور أيضا أن الثقة في العالم التي يخبئها حتى عن نفسه كعاهة مخجلة

ستظل سرا

طالما أنه لا يخبر أحدا من الذين يدوّن حكاياتهم

برغبته في الخلود

أو على الأقل في موت مختلف

طالما أنه لا يقول لهم بأن الفرق بين المواء الصاخب والمتلاحق للقطط الصغيرة

والمواء الخفيض والنادر للقطط الكبيرة

هو فرق بين وعي لم يتأكد بعد من عدم استجابة الحياة لاستغاثاته

وبين وعي أنهكته وفرة التأكيدات المتعاقبة .

ليست هناك أي أسرار يا حبيبتي

ذكريات الآخرين التي أدوّنها لا تخلو من حكاية عن رجل وامرأة لا يرى أياً منهما الآخر

وطفلة جميلة تقف مبتسمة في شرفة ما .

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم