الحياة السرية لفتاة تخبئ كاميرا في رأسها

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

"عندما ينظر الناس نحوي، أتوقع أنهم يرون فتاة بشعر أسود قصير متموج مربوطة إلى كرسي متحرك وردي، بالمناسبة لا شيء جذاب  لكونه وردي. الوردي لا يغير شيئًا".

“بعض الناس لا يسألونني عن اسمي أبدًا، كما لو أنه غير مهم أو شيء آخر.  إنه. اسمي ميلودي. أستطيع أن أتذكر بالعودة إليَّ حينما كنت صغيرة جدًا جدًا جدًا. بالطبع من الصعب التمييز بين الذكريات الحقيقية وبين فيديوهاتي التي التقطها لي أبي بكاميرا الفيديو.. رأيت هذه الأشياء ملايين المرات. أمي تحضرني إلى المنزل من المستشفى. تظهر على وجهها ابتسامة لكن عينيها تحدق بقلق”.

قال الأب لميلودي: “حياتك لن تكون سهلة، ميلودي الصغيرة. لو كنت أستطيع تبديل الأماكن معك، لفعلت ذلك في نبضة قلب. هل تعرفين ذلك. ألا تعرفين؟”.

وبداخلها فهمت ميلودي ماذا يقصد، لأنه أحيانًا كان ينظر لها ووجهه مليء بالدموع، وكان يكشف عنها الأغطية الكثيرة التي تغطيها بها أمها، لترى الشمس، يغني لها، يأخذها إلى الخارج ليروا النجوم معًا.

في كتاب “الخروج من رأسي” للكاتبة شارون درابر، تكون بطلة الحكاية هي الطفلة ميلودي، والتي تقدم نفسها للقراء الصغار وللكبار أيضًا. لأن لديها عالمًا لا يعرفه غيرها، عالم داخل رأسها فحسب، وتريد أن يعرف الآخرون ماذا يدور بداخلها.

تخبرهم كيف أنها تتعلم وتكوِّن حصيلة كبيرة من الكلمات وتعرف الأغنيات، لكن كل ذلك لا يخرج من داخلها إلى الآخرين، لأن لسانها لا ينطق. فهي لا تستطيع الكلام ولا تستطيع المشي أو الحركة، وهي الطفلة الأذكى في مدرستها لكن لا أحد يعلم. وتقول عن نفسها أنها ربما لا تعبر بالكلمات، لكن لديها كاميرا في رأسها، كلما رأت شيئًا تسجله، كأنه تضغط “كليك”، فتتسجل الصورة في رأسها.

تسمع صوت السيارة فتعرف أن أباها قد جاء، ثم تنتظر أن تسمع صوت وضع المفاتيح على المائدة، ثم صوت فتح باب الثلاجة مرتين، الأولى وهو يبحث عن شيء بارد يشربه، والمرة الثانية وهو يجلب قطعة جبن لأنه يحب الجبن كثيرًا حتى لو لم يكن يتماشى مع نظامه الغذائي.

ميلودي هي طفلة في الحادية عشر من عمرها وهي من أصحاب القدرات الخاصة، تلاحظ جيدًا كل ما حولها، تلتقط التفاصيل لكن الآخرون يتعاملون كأنها غير موجودة. ففي كتاب “الخروج من رأسي” للكاتبة شارون درابر، ميلودي هي نموذج الأطفال الأذكياء الذي لا يفهمهم العالم، ولا يعرف ماذا يوجد بداخلهم، لأن لهم طريقة مختلفة في التعبير عن أنفسهم. تقرر ميلودي الخروج من رأسها للناس، فربما هي لا تسطيع الكلام لكن لديها حواس أخرى تبدأ في استعمالها. لتخرج من داخل نفسها إلى الآخرين. وكان الغلاف معبرًا وجميلاً لسمكة تقفز من الحوض الضيق إلى البحر الكبير.

ظل كتاب “الخروج من رأسي” للكاتبة شارون درابر الكتاب الأكثر مبيعًا لمدة عامين. وتقول الكاتبة عنه: توقعت أن شخصية ميلودي جاءت من خبرتي في تربية ابنة تعاني من صعوبات في النمو، لكن ميلودي ليست ابنتي. ميلودي هي خيال نقي، طفلة فريدة صغيرة خلقت بمزيج من الحب والفهم”.

حاولت الكاتبة ألا تجعلنا نتعاطف مع ميلودي، لأنها أرادت أن نتقبلها كشخص كما هي وليس كنموذج للأشخاص ذوي الإعاقة. وذكرت أنها كتبت الحكاية لأجل الآباء المكافحين مع أولادهم من أصحاب الإعاقات، لكل الأطفال الذين يساء فهمهم، وكتبتها أيضًا لأجل الناس الذين ينظرون بعيدًا، مدعين أنهم لم يروا ولا يعرفون ماذا يقولون عندما يروا شخصًا يعيش حياة مختلفة. تطلب منهم الكاتبة في تلك الحالة: “ابتسم فحسب. وقل مرحبًا”

 

عن الكتاب

الكتاب: الخروج من رأسي

المؤلف: شارون درابر

تاريخ النشر: 2012

مقالات من نفس القسم