الحزن البرتقالي

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

قصة : نهى محمود*

أشياء كثيرة تلهيها عن الحزن – المتسببه فيه اشياء كثيرة اخرى بالضرورة

اليوم مصبوغ في ذاكرتها باللون البرتقالي – لون سمكة الزينة التي  اهداها لها صديقها يوم عيد ميلادها منذ أيام .

يوم ميلادها الذي قضته بين اصدقاء جدد مفروشة في المسافة بينهم  الطرحة البيضاء التي ترتديها في حالات الحزن علها تسرسب لروحها إحساسا بالبراح .

اللون البرتقالي كان متجسدا في السمكة التي تلهو وحيدة بالدورق بعد موت رفيقتها

تتراقص على ألحان زياد سحاب في اغنية كئيبة تسمعها بلا توقف منذ شهور .

اللون البرتقالي ذو المذاق الحلو كالبرتقال – فكهتها المفضله فقط لأن امها تحبه ولانه يحمل لها إنتعاش وبرودة حضن الشتاء الذي اشتاقته في دلالة خطيرة على تبدل شخصيتها بشكل جذري هي المفتونه بالصيف وشمسه وحبيب ناري ملتهب .

الحبيب الذي جمعت له ملابسه وأوراقه ولمساته في جرة كانت تحفظ بها الجبن القديم والهزائم البعيدة في ذاكرتها

الحبيب الذي تركت له جرة ذكرياته في المغطس وهي تعرف أنها ستعرف طريقها للنهر حيث ستغرق وترقد في سلام في القاع مع السفن الشبحية الغارقة منذ مئات السنين .

اللون البرتقالي بمذاق حلوى المشمشية التي تأكلها في رمضان فيسحب طعمها

بهجة الطفولة ، واكتشاف مكونات الخشاف الذي سمعت اسمه أول مرة في حلقة من حلقات بوجي وطمطم الذي سيذاع من جديد

بأبطال أخرين وستشاهده هي رغم انها صارت أخرى جديدة .

 

أشياء كثيرة تلهيها عن الحزن

إنسلاخ الروح من الجسد وهي ترى السيدة العارية تقف على الرصيف أمام الجريدة

تاخذ حمام شمس وتبدل ملابسها المهترأه ..

السيدة عارية الثدي التي يفزعها عريها – بشكل يشعرها أنها عارية هي الأخرى

تشعرها بخجل حواء  لحظة ارتكاب أدم  للخطيئة .

 

سبابها للرجل الذي يمشي خلفها ويقطع عليها – وحدتها الاثيرة وهي تغني – اغنية زياد سحاب الكئيبة التي تضعها على تليفونها وتنقلها لصديقاتها بالبلوتوث كلما سنحت الفرصة .

الرجل المرتدي بدلة زرقاء ويهمس لها بان طريقتها في المشي كلها دلال وان صوتها الخافت بالغناء مغوي تماما – مما اضطرها للتوقف وتجريب صوتها العالي في السباب ومدى إغوائه له .

الرجال البغيضين كالحصبة التي أصابتها مرتين في عمرها ، وكادت أن تقتلها في المرة الثانية …

القتل الذي سببته أشياء كثيرة منها محاولة غير جادة للإنتحار إثر الفشل في قصة حب على غرار تأثرها بردة فعل – مدام بوفاري – في رواية فلوبير القاتمة .

إثر سقوط اقنعه الاشرار في لحظة بدت فيها الميولدراما عالية مما اثر على رأي النقاد بها –

رحيل البشر ورغبتها هي في مغادرة حياة البعض

ارتباك مشاعرها  … سعادتها المفرطة في دروس الرقص وتحرر كل تلك الأشياء المفرحة التي تبعثها الموسيقى وحركة الجسد والضحك

الضحك الذي يعايرها كل من تعرف بانها تفعله دائما بلا توقف – مما جعله يغادر غاضبا .

لعبها  تنس طاولة في الشارع مع رجال لا تعرفهم بعد منتصف الليل بساعه في طريق عودتها من المستشفى بعد ميلاد الطفلة الجديدة .

تنس الطاولة التي عادت تلعبه وكانها لم تتركه ابدا  –  تسدد رميات هادئة قرب شبكة الاعب الآخر يخفق في الوصول لها

تحقق أهدافا كثيرة وتفوز

لأن احدهم لم يعرف نقاط ضعفها – وهي تحويل الكرة في الجهه التي  تضطرها لإرسال الكرة بوجه المضرب

تلعب بضهر المضرب جيدا – تسدد – وتبتسم من جديد

تبستم لكن الحزن لا يغادر

رغم حلوى المشمشية وبهجة الرقص وتأكدها من إرتداء ملابسها كلها حتى لا تضطر للوقوف عاريه في الشارع تلعب تنس الطاولة مع رجال لا تعرفهم .

ـــــــــــــــــــــــــ

روائية من مصر

 

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم