د. محمد مصطفي الخياط
نظرت نحوه وفي عينيها غيرة لا تخفيها وسألت وقد اتكأت بمرفقيها على الطاولة قبالته وسألته؛
– هل أُعجبت بهن؟
قطب حاجبيه وأجابها باستغراب من لا يفهم،
– من هن؟
– نساء حفل الأمس !!
ابتسم وعقب
– أما زلت تذكرين؟
نفثت خيطًا رفيعًا من دخان سيجارتها وعقبت بتهكم،
– وهل نسيت أنت؟!
– انتهى الحفل ومضى بكل ما فيه !
نظرت في عينيه وأعادت السؤال بنبرة محقق
– إذًا أجبني، هل كُن جميلات فأُعجبت بهن؟
– لعلك تسألين عن الشكل؟
– وما الفرق؟
– الشكل ظاهر والجمال باطن !
رجعت بظهرها للخلف ونظرت بطرف عينيها وسألت بتهكم،
– أفدني أفادكم الله !!
– الجمال تركيبة معقدة أولها الروح وآخرها الشكل
– ….
– أنظري حولك وستجدي من التوافق والتجانس بين ثنائيات الحياة ما يثير في عقولنا ألف ألف سؤال إن وقفنا عند الشكل فقط؛ كيف تآلفا، وكيف تحابا، ما لأعينهما تفيض حبًا وشوقًا على ضفاف نهر الحياة متى التقيا، ما لهما لا يطيقان بعدًا، كيف لهذا الشوق متأجج كنار المجوس لا تُطفأ، ..
اعتدلت في جلستها ونظرت نحوه بمحبة غامرة، فتشجع وأكمل،
– حتى عندما نستعرض صور القادة والزعماء على مر التاريخ؛ غاندي، تشرشل، موسيليني، هتلر، مانديلا.. قارني بين الشكل والجمال، لن تجدي أي صلة، بتلقائية نتخطى الشكل ونتحرك بدافع تلك الصورة الوجدانية، صورة صنعتها عوامل عديدة؛ سيرة كل منهم، مواقفه، تضحياته، آماله، أحلامه، انتصاراته، انكساراته، نجاحاته، إخفاقاته، ما استطاع وما لم يستطع، …
نظرت نحوه بعينين تفيضان محبة والتفتت نحو الراقصين حولهما على أنغام موسيقى هادئة تنساب في أرجاء المطعم وسألته بصوت عاشقة،
– هلا قمت تراقصني
– ……
ابتسم في مودة من يعرف أن ثوراتها عليه تعادل حبها له.. وقف مادًا ذراعه نحوها فمدت ذراعها بدورها، مال على كفها الصغيرة النائمة في كفه وقبلها، فقامت معه تحيط بها هالة من جمال خفي، حتى إذا ما انضما إلى الراقصين دفنت رأسها في صدره وراحت تتنفس في هدوء…