التجريب ومناقشة قضايا المجتمع في “الأرملة تكتب الخطابات سرا”

الأرملة تكتب الخطابات سرا
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمود عماد

يأخذنا الروائي طارق إمام في روايته “الأرملة تكتب الخطابات سرا” التي صدرت طبعتها الثانية أخيراً عن دار الشروق، في رحلة مميزة، عبر عجائبيته الواقعية إلى مجتمع القرية أم تراها المدينة؟ أم هو مجتمعنا؟

يطرح إمام أسئلته الشائكة عبر صفحات الرواية القليلة، صفحة تلو الصفحة، وبسرد ولغة في غاية القوة وحوار بالعامية ليناسب ذلك المجتمع الريفي، الذي يمكن القول إنه قروي ساذج؟ أم أننا سنجد إشارة إلى أنه مجتمع مدينة؟ ربما نعرف وربما لا.

تدور أحداث الرواية حول شخصية واحدة ناقش إمام أفكاره من خلالها وطرح تساؤلاته عبرها: ملك المدرسة التي تسكن تلك البلدة الريفية الصغيرة جدا ثم تزوجت وذهبت مع زوجها الصائغ ثم تعود بعد موته وبعد أن هزمها الزمن، تعود بشخصية أخري غير التي غادر بها، وهنا يطرح الكاتب فكرة التغير المجتمعي أو الفرق بين مجتمع المدينة ومجتمع البلدة الصغير الريفي، الفرق بين العادات والتقاليد في المجتمعين، كاشفا عن جانبين مختلفين تماما، فمثلا ارتداء ملك ملابس معينة أصبح شيئا غريبا بل تصرفا طائشا بسبب العادات الموروثة كأنها قوانين لا تكسر، الفكرة الأخرى التي طرحها إمام هي انتظار ملك للموت. ففي مجتمعاتنا عندما يأتي سن التقاعد يموت الإنسان وهو علي قيد الحياة، ويضيع ما تبقي من عمر في انتظار أجل لم ينته بعد، ظهر ذلك عندما تيبست ملك وأصبحت تذهب للمقابر وتريد أخذ مقبرة وهي لا تعلم أن هنالك أناسا آخرين يشاركونها سريرها.

زواج ملك من الصائغ ناقش عبره المؤلف قضية تعلق الفتيات بالرجل الغني وزواجهن منه دون حتي سابق معرفة، الفتيات اللائي يصفهن إمام بأنهن مؤشر معرفة ملك بأحوال البلدة الصغيرة في حين أنهن لا يعرفن شيئاـ بل أخذن معرفتهن من أهلهن الذين بدورهم لا يعرفون شيئا عن بناتهن الهشات في حبهن حتي في خطاباتهن الركيكة، وهنا تتمثل مهمة ملك السرية في تعديل تلك الركاكة وفي جعل العاشقين يذوبون في معشوقاتهن بأن تكتب لهن الخطابات سرا.

قدم إمام شخصية غريبة علي المجتمع، مختلفة في تصرفاتها وأسلوبها، لا يحبها، طارحا سؤالا على القارئ: هل هي شخصية متمردة أم شخصية سيئة؟.

تطرح الرواية العديد من الأسئلة حول التغيرات المجتمعية، ولا يقدم طارق إمام إجابات شافية، بل يترك الأمر للقارئ، مازجا كل هذه التساؤلات بمشاهد تمزج بين الواقع والخيال، لكنها لا تنفك تثير الإعجاب.

 

مقالات من نفس القسم