خالد عزب
صدر كتاب الذكاء الاصطناعي للدكتور ايهاب خليفة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ، تناول الكتاب الموضوعات التاليه :
• أولاً: تعريف الذكاء الاصطناعي
• ثانياً: مراحل الذكاء الاصطناعي
1. ذكاء اصطناعي قادر على الفهم
2. ذكاء اصطناعي قادر على خلق علاقات بين متغيرات
3. ذكاء اصطناعي يتسم بالوعي الكامل
4. ذكاء اصطناعي مستقل بذاته وقادر على اتخاذ قراراته
5. ذكاء اصطناعي قادر على تطوير نفسه
• ثالثاً: البيانات الضخمة أساس الذكاء الاصطناعي
1. المقصود بالبيانات الضخمة Big Data
2. كيف يتم الحصول على البيانات الضخمة ومعالجتها
3. بعض نماذج البيانات الضخمة
4. دور البيانات الضخمة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي
• رابعاً: نماذج متنوعة من الذكاء الاصطناعي
1. الروبوت
2. السيارات ذاتية القيادة
3. الدرونز
4. الطابعات ثلاثية الأبعاد
5. إنترنت الأشياء
6. برامج المساعدة الصوتية
7. التحكم في نتائج البحث وترشيحات الأخبار
8. المتابعة والرصد الشامل
9. نظم آلية للرد على استفسارات العملاء
10. توقع احتياجات العميل
• خامساً: تداعيات الذكاء الاصطناعي
– على المستوى الأمني
– على المستوى الاقتصادي
– على المستوى الاجتماعي
• سادساً: إشكاليات الذكاء الاصطناعي
– عدم دقة البيانات
– التحيز في اتخاذ القرارات
• سابعاً: الصراع الدولي على الذكاء الاصطناعي
– طموح صيني للسيطرة على الذكاء الاصطناعي
– صراع صيني أمريكي أوروبي حول الذكاء الاصطناعي
المدن المستقبل
• أولاً: تعريف المدينة الذكية
• ثانياً: اهتمام عالمي بإنشاء المدن الذكية
• ثالثاً: الأسباب التي دفعت الدول إلى تبني نماذج المدن الذكية
• رابعاً: المميزات والفرص التي تقدمها المدن الذكية
• خامساً: عناصر المدينة الذكية وخصائصها
• سادساً: أنواع ونماذج المدن الذكية ونماذجها
• سابعاً: التحديات التي تواجها مدن المستقبل
• ثامناً: التهديدات الأمنية التي تواجه مدن المستقبل
مجتمع ما بعد المعلومات
• أولاً: ملامح مجتمع ما بعد المعلومات
– فرص أكبر لتأثير الدول “سريعة التطور” ولو كانت “صغيرة”
– تغيير شكل الحكومات وإعادة ترتيب أولوياتها
– تصاعد قدرة الفواعل من دون الدول على التأثير
– تصاعد الصراع بين الدول وشركات تكنولوجيا المعلومات
– أنماط جديدة من الصراع على المعلومات الشخصية للأفراد
– فهم أدق لتوجهات المجتمعات وأولويات الأفراد وتفضيلاتهم
– إعادة تعريف القيم الإنسانية وترسيخ مفهوم حقوق “الروبوت
– الأغنياء أكثر قدرة على الحصول على التقنيات فائقة الذكاء
– خلق بيئات صناعية من الآلات الذكية يصعب التحكم بها
– تغيير هيكل وشكل الوظائف، واختفاء بعض المهن
• ثانياً: تغير عناصر وموازين القوى في مجتمع ما بعد المعلومات
– القوة
– الحرب
– الصراع
• الخاتمة
من هذه الموضوعات نستطيع ان نقرر ان المستقبل مختلف اختلافا جذريا عن الماضي ، وقد يكون التساؤل الأصعب والأكثر إثارة للجدل في هذه الآونة يدور حول مستقبل الذكاء الاصطناعي، هل يحقق سعادة البشر أم يتسبب في فنائهم؟ هل يصبح أكثر ذكاءً من البشر ويفوق قدراتهم أم سيظل تحت سيطرة الإنسان؟ هل فعلا “سيدمر البشر” مثلما صرحت الروبوت الشهير “صوفيا” وأعلنت عن رغبتها في ذلك أم سيحقق رفاهيتهم وسعادتهم المنشودة؟ وهل ما صرح به “أيلون ماسك” –رجل الأعمال والتكنولوجيا- بأن تطوير الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى نشوب حرب عالمية جديدة، أو أنه سيؤدي إلى تدمير الجنس البشري كما رأى عالم الفيزياء الكبير”ستيفنهوكينج”؟ أم أن نظرتهم تشاؤمية وأن الذكاء الاصطناعي سوف يحسّن حياة الأفراد ويجعلها أكثر سهولة، على حد قول “مارك زوكربيرج” – رئيس موقع فيس بوك – وأن كل من يخشى الذكاء الاصطناعي فهو “يأسف على الوهم ويغالط البشر” كما صرح الملياردير الأميركي مارك أندرسون.
بل قد يكون التساؤل هل فعلاً الذكاء الاصطناعي بهذا القدر من الأهمية أم أن الأمر مبالغ فيه بدرجة كبيرة ولا يعدو كونه مجرد آلات تساعد في تيسير الحياة البشرية، وأن هذه الأفكار الجامحة ما هي إلا أحد أشكال الخيال العلمي الذي تروج له الأفلام والروايات؟
لعل هذا الجدل غير المحسوم وصعوبة الإجابة على هذه التساؤلات يكمن في عدم قدرة البشر على استيعاب التداعيات الكبرى الناجمة عن تطوير الذكاء الاصطناعي، فهي ثورة حقيقية بكل المقاييس، وتأثيرها على الحياة البشرية قد يفوق تأثير اكتشاف النار والكهرباء واختراع الطيران، بل هي أقرب إليك مما كنت تتخيل، وقد تستخدمها يومياً حتى دون أن تدرك ذلك.
وتتعدى أهمية الذكاء الاصطناعي كثيراً فكرة الإنسان الآليأو الروبوت الذي يعمل ويفكر ويشعر كالبشر، أو الذي يفوق البشر مهارةً وذكاء، للدرجة التي جعلت البعض ينادي بتطوير قدرات البشر عبر ذرع شرائح ذكية في أدمغتهم لكي تجاري قدرات الذكاء الاصطناعي فيصبح مع الوقت إنسان نصف آلي، إن حقيقة الأمر تتعلق بمنظومة قيمية واخلاقية وقانونية شاملة تحكم تفاعلات الحياة الإنسانية الجديدة، تلك الحياة التي تجمع في شقيها الإنسان الآلي والإنسان البشري الذي قد يكون اقصى هدفه في المستقبل أن يتحول إلى “إنسان آلي كامل”، بدلاً من أن يكون “نصف بشري” بفعل ثورة صناعة الذكاء.
وفي تعبير له قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن من سيقود “الذكاء الاصطناعي سيحكم العالم،” ومن ناحيته وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً تنفيذياً يطلب من الوكالات الاتحادية تخصيص مزيد من الموارد للبحث في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتمتلك الصين استراتيجية طموحة للهيمنة على هذا المجال.
مع انتشار التكنولوجية المتقدمة وتقنيات الذكاء الاصطناعيداخل المجتمعات، وتوجه الدول لتبني نماذج الحكومات الذكية، ظهر توجه آخر أكثر ذكاءً، قائم على إنشاء “مدن ذكية”، قادرة على استيعاب ملايين من الأفراد، تتميز بكونها تعتمد بصورة رئيسية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لإدارة كافة متطلبات الحياة اليومية فيها، فالمنازل التي يسكنها الأفراد، والبنية التحتية وأنظمة النقل والاتصالات والخدمات الحكومية والتجارية والصناعية وكافة القطاعات بهذه المدن تديرها نظم ذكية تعتمد على الذكاء الصناعي وانترنت الأشياء لتسيير الحياة بها، ويحدث بداخلها أنماط مختلفة من “التفاعلات الذكية” بين البشر وبعضهم البعض، وبين البشر والآلات، وبين الآلات وبعضها، ينتج عن هذه التفاعلات مليارات من التيرابايتس من البيانات المتولدة يومياً عنها، وتكون محصلة تحليل هذه البيانات قرارات وسياسات تساعد في تحسين نمط الحياة داخل هذه المدينة الذكية.
فالعالم على اعتاب ثورة جديدة ستغير شكل الحياة البشرية يقودها الذكاء الاصطناعي، وهي ثورة شاملة على مختلف المستويات، الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وذلك لأن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتعدد وتتزايد بصورة يصعب حصرها، فهي تقريباً تدخل في كافة المجالات الإنسانية، وحتى اللحظة لم يتم وضع تصور أو تقييم موضوعي لتداعيات هذه تطبيقات، خاصة مع انقسام هذه التطبيقات ما بين تطبيقات مدنية وأخرى عسكرية، واختلاف تداعياتها في كل منها، بل يمكن القول أن بعض التطبيقات المدنية للذكاء الاصطناعي، والتي من المفترض أن تجعل حياة الأفراد أسهل وأسرع مثل نمط المدن الذكية الذي يجمع كافة التقنيات الخاصة بنظم الذكاء الاصطناعي، قد تكون سبباً في زيادة سطوة الألات على الحياة البشرية.
ومن هنا يمكن القول أن العالم على أعتاب مرحلة جديدة من التاريخ البشري، ينتقل فيها من مرحلة مجتمع المعلومات إلى مجتمع ما بعد المعلومات، أو مجتمع الذكاء الفائق، أو مجتمع هيمنة الآلات، أو مجتمع الذكاء الاصطناعي، جميعها مسميات تحاول وصف ما سيكون عليه شكل الحياة البشرية خلال السنوات القليلة القادمة، وذلك على الرغم من صعوبة التنبؤ بما ستكون عليه.
هذا المجتمع الخامس Fifth Society، أو “مجتمع ما بعد المعلومات”، يأتي بعد أربعة أجيال رئيسية مرت بها الإنسانية،وهي: مجتمعات الصيد والزراعة والصناعة والمعلومات، وأخيراً المجتمع الخامس أو “مجتمع ما بعد المعلومات”، ويمكن تعريفه بأنه “ذلك المجتمع الذي تتحول فيه المعلومة إلى وظيفة في حد ذاتها، حيث تندمج فيه المعلومة والآلة مع عقل الإنسان، وبمجرد أن يفكر الإنسان في الشئ تقوم الألة بتنفيذه عوضاً عنه، بل قد تقوم الألة بالفعل بناء على توقعاتها لاحتياجات الإنسان، أي حتى قبل أن يفكر فيها، وذلك من خلال دراستها لسلوكه وقدرتها على التوقع باحتياجاته”، ويُعتبر الذكاء الاصطناعي والتقنيات الذكية هي المحرك الرئيسي داخل هذا المجتمع الجديد، مثلما كان الفحم محركاً رئيسياً لمجتمع الصناعة الأولي.
هذا التطور الغير مسبوق قد يعيد صياغة العديد من الثوابت والبديهيات، فنجد أن بعض البشر حول العالم سوف يكتفون بالروبوت رفيقاً وزوجاً بدلاً من جنسهم، يشبعون حاجاتهم النفسية والجسدية مع الآلة التي قد يرون فيها مؤنساً وصديقاً جديراً بالرفقة والتضحية أيضاً في تخلي صريح عن الحياة الإنسانية، وقد يبدأ حينها الحديث عن منظومة قيمية حقوقية للروبوت مثل الحق في الجنسية والمواطنة والتقاضي والزواج والتعلم، إلى الحديث عن الحقوق السياسية كالانتخاب أو التمثيل السياسي، ومع تغلغل الروبوت شيئاً في شيئاً في كافة أشكال الحياة اليومية ستكون كثير من المفاهيم الراسخة مثل العدالة والمساواة والخصوصية والحرية في حاجة إلى إعادة النظر.
فما هو تعريف العدالة حينها إذا اعتدى إنسان على الآلة وقام بتدميرها أثناء القيام بعملها، من له حق التقاضي بالنيابة عنها، وماذا يحدث إذا قتلت سيارة ذاتية القيادة شخصاً بداعي الحفاظ على من بداخلها من الاصطدام المحتوم، وكيف تتحقق المساواة في الأعمال إذا كانت قدرات الروبوت تفوق البشر مهارة وذكاء، وكيف نحافظ على الخصوصية في مجتمع منكشف بالكامل للآلات، وما هو تعريف الحرية إذا استطاع أحد الفريقين السيطرة على الآخر؟ وفي النهاية ما هي شكل الحياة البشرية التي سوف يعيش فيها الإنسان بهذه الطريقة، ما هي شكل المدن وما هو شكل المجتمعات البشرية؟ هل ستستمر على حالها أم أنها سوف تتغير بفعل هذه التطورات؟
ومن هنا جاءت أهمية هذا الكتاب، لكي تلقي الضوء على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويدرس عن قرب المقصود بالذكاء الاصطناعي ومراحل تطوره وتطبيقاته الحياتية واليومية، ثم التداعيات الناجمة عنه على المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي جعلت القوى الكبرى مثل الصين وأمريكا وأوروبا تتصارع على هذه التقنية، ويحاول أن يوضح شكل المجتمع القادم الذي يقوده الذكاء الاصطناعي وشكل الحياة البشرية داخل المدن التي بدأت تتحول لتصبح مدن ذكية، وهو ما يساعد في النهاية على فهم مرحلة يكون فيها الذكاء الاصطناعي هو الملمح الرئيسي للحياة الإنسانية.
ويأتي هذا الكتاب من ثلاثة فصول رئيسية، يناقش الفصل الأول المقصود بالذكاء الاصطناعي من حيث التعريف والنماذج ومراحل التطور والاستخدامات المتعددة، ويناقش الفصل الثاني كيف ستكون شكل الحياة البشرية في ظل سطوة نظم الذكاء الاصطناعي والتقنيات الذكية متمثلة في نموذج المدن الذكية، ومع انتشار نماذج متعددة ومختلفة من هذه المدن القائمة على التقنيات الذكية فسوف تنتقل البشرية كلها إلى مرحلة جديدة من التاريخ، تلك المرحلة التي يناقشها الفصل الثالث تحت مسمى مجتمع ما بعد المعلومات.