“إلى أن نلتقي”.. نقش الأمل: قراءة تفكيكيّة في إرجاء المأمول به، أو يوتوبيا الهروب

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

سُميّة عزّام*

 لكلماتنا رحلة مراوغة في الحدّ البَينيّ المائل، حيث فضاء الرّغبات وأحاديثها؛ فهي كائنات حيّة ناموسها التّجوال الزّمكانيّ، تختزن فضاءً سرديًّا ينتظر راويًا يحكي قصّتها، ويفكّ شفراتها.

  فلو أصغينا إلى عبارات متشابهة غالبًا ما نقولها – أو تقولنا – في ختام حوار أو حديث أو لقاء لنا مع آخرين: "إلى أن نلتقي"، أو " إلى لقاء قريب"، أو "إلى لقاء آخر"...لتبادر إلى أسماعنا همس الأمل، ولتمثّل في تصوّرنا الحدوث. 

سُميّة عزّام*

 لكلماتنا رحلة مراوغة في الحدّ البَينيّ المائل، حيث فضاء الرّغبات وأحاديثها؛ فهي كائنات حيّة ناموسها التّجوال الزّمكانيّ، تختزن فضاءً سرديًّا ينتظر راويًا يحكي قصّتها، ويفكّ شفراتها.

  فلو أصغينا إلى عبارات متشابهة غالبًا ما نقولها – أو تقولنا – في ختام حوار أو حديث أو لقاء لنا مع آخرين: “إلى أن نلتقي”، أو ” إلى لقاء قريب”، أو “إلى لقاء آخر”…لتبادر إلى أسماعنا همس الأمل، ولتمثّل في تصوّرنا الحدوث. 

 لحظة التّلفّظ بالكلام تذهب بالسّامع إلى ما “قد سيكون”، وما كان قبل لحظة التّلفّظ قد رحل بالمتكلّم صوب الآتي من الزمان؛ صوب غياب محتمَل و/ أو حضور مرتقَب.

من بداهة الدّلالة لكلامنا المَقول أو المسموع أنّها تحيل إلى “نقش الأمل”؛ حيث الحضور غير المتناهي للزّمن، سمته الانتظار، والانتطار هو تحطيم الزمن الرّاهن واستباق الفرح. كما أنّ في الانتظار إعداد للحدوث، بل إخصاب للّقاء، حين يستحيل التّلفّظ ملفوظة/سيرورة فعل. فيكون إذ ذاك تأسيسًا لحضور الغياب، للقاء غائب غير أنّه أكثر حضورًا في فاعليّته – فاعليّة الحلم والتّصوّر والتّصديق معًا.

هل سيحدث أم لا؟! يسائل الّلقاء الزّمان.

أهو حوار أم مجرّد ثرثرة؟

ماذا لو فكّكنا البديهيّ والمسلّم به من المعاني، وشكّكنا فيه؟ وماذا عن ائتلاف المختلف، واجتماع المتباين من المعاني في عبارتنا هذه؟  “إلى أن نلتقي” أهو إرجاء المأمول به، أو إقصاء واستبعاد في نيّة المتكلّم وقصديّته لإنهاء الحديث؟!

سمتها اختلاف المكان والتأجيل الزّمني، وفي انبثاقها من أعماقنا ذهابٌ خارج العالم حيث “التّكملة” بتخليق كون يضاف إلى كوننا، يقع في المنطقة الرّماديّة. الحضور فيه رهينة مرئيّة، والغياب ظلاله كثيفة، وماؤه ساكن تتضاعف دوائره وتتّسع، وتتشظّى مرايا إذا ما أُلقي فيه حجر. هذه الشّظايا هي مرايا النّفس وثرثرة رغباتها، وذلك الحجر هو كلمة… وعد بلقاء مُرجأ.

كم يحضر الزّمان في كلماتنا، وكم نهيم به إلى يوتوبيا الهروب!

………………

كاتبة من لبنان – المعهد العالي للدكتوراه

 

مقالات من نفس القسم